مساحة حرة

الاستحقاق الرئاسي ..والديمقراطية !!

  ليس مستغرباً من الإدارة الأمريكية انتقاداتها المتكررة للانتخابات الرئاسية في سورية، وقول المتحدث غير الرسمي باسمها ” بان كيمون ” الأمين العام للأمم المتحدة: ” بأن إجراء الانتخابات الرئاسية سيُؤخر قيام الحل السياسي، ولا يتوافق مع الجهود الدبلوماسية المبذولة لتسوية النزاع وفق مقررات مؤتمر جنيف1 “، لأن الولايات المتحدة بالأساس دولة امبريالية لا تؤمن إلا بديمقراطية العنف والإرهاب لتحقيق الأهداف، وما تبنيها للعصابات الإرهابية في سورية ودعمها لها بالسلاح والمال والمعلومات الاستخباراتية، ورفعها مستوى تمثيل ائتلاف الدوحة الذي يُمثل الهيكلية السياسية المصطنعة لهذه العصابات، إلا صورة واضحة عن طبيعة النهج الأمريكي المعادي لحقوق الشعوب الأخرى، واستهتار متعمد بأصول التمثيل الدبلوماسي المتعارف عليه وفق القوانين والأنظمة الدولية، الذي يجب أن يُمثل دولة مستقلة وليس تنظيمات إرهابية أو مجموعات من ” المعارضة ” غير الشرعية، ليأتي موقف الدولة الهرمة فرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية لتستكمل الدور المعادي للديمقراطية وحرية الشعوب والاستخفاف بحق الشعب السوري في انتخاب رئيسه وقيامهم بمنع المغتربين من ممارسة حقهم الدستوري، وهذا تأكيد جديد على استمرار تدخل الدول الاستعمارية في شؤون الدول الأخرى ومنع شعوبها من اختيار نوع وطبيعة النظام السياسي الذي يتناسب وواقعها الاجتماعي وينسجم مع إرثها الثقافي الخاص الذي هو نتيجة تفاعل تاريخي لمسيرة حياة أجيالها المتعاقبة، ويتوافق مع رؤيتها الذاتية وطموحاتها لبناء مستقبل دولتها بالشكل الذي تُريده بإرادةٍ حرة مستقلة بعيداً عن الضغوط الخارجية، في الوقت ذاته الذي تتهم فيه الولايات المتحدة الدول التي تختلف معها سياسياً وتنتقد سياساتها الاستعمارية بأنها متخلفة وتوصف نظامها السياسي بالدكتاتوري والمعادي للسامية  !!

هناك من يُشكك علناً في ديمقراطية الانتخابات نظراً لعدم تكافؤ الفرص أمام المرشحين ويدعّي بأن العملية الانتخابية هي مجرد حلقة من مسرحية يفوز البطل في نهايتها حتماً في إشارة إلى نجاح السيد الرئيس بشار الأسد بالتأكيد بغض النظر عن الآليات المتبعة، ويُعزي ذلك إلى أن حزب البعث العربي الاشتراكي مع مجموع أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية والأحزاب الوطنية الجديدة يقفون خلف السيد الرئيس بشار الأسد ويدعمونه في الانتخابات ويجدون فيه القائد التاريخي الوحيد القادر على نهضة سورية من تحت الركام وإعادة الحياة إلى سابق عهدها، وهم يُمثلون الشريحة الواسعة من الجماهير الشعبية القادرة على اتخاذ قرار النجاح أو عدمه.

  وهنا نرى بأن الولايات المتحدة وحلفائها وأدواتها الذين يُمثلون هذا الرأي، لا يؤمنون بالديمقراطية الشعبية ولا يعترفون بها أصلاً لأن النظام السياسي لديهم هو قمة الديكتاتورية في العالم، ولكنهم نتيجة صمود الشعب السوري وشدة بأس جيشه الباسل، وقعوا في الفخ الذي نصبوه لسورية وبعض الدول الأخرى ضمن خطة محكمة لتخريب المجتمعات وإحداث تقسيم عمودي فيها يؤجج حالة الصراع ويدخلها في المجهول إلى مالا نهاية، حيث تمكنت سورية من اكتشاف المؤامرة مبكراً واستطاعت بحكمة قيادتها وصلابة إرادة شعبها من وضع الخطة المحكمة لمواجهة المشروع التخريبي الإرهابي الغادر، وتمكنت الحكومة السورية وقيادتها السياسية بالسرعة المناسبة من إعادة رسم الخارطة السياسية الداخلية بما ينسجم مع تطلعات الجماهير الشعبية ورغباتها في ممارسة الديمقراطية بأبهى صورها فكان إنجاز الدستور الجديد للبلاد باكورة حوار وتفاعل وتوافق القوى السياسية الأساسية على الساحة السورية الذي لاقى تأييداً شعبياً واسعاً، واليوم يتجلى تطبيق الدستور بالعرس الديمقراطي المنتظر في الثالث من حزيران القادم بانتخاب رئيس للجمهورية العربية السورية في جو من التنافسية الشفافة والصادقة.

  وللمشككين نقول: في كل دول العالم هناك أحزاب وجمعيات ونوادي يكون لها دور فاعل وأساسي في وصول حزب معين أو رئيس محدد إلى قمة الهرم السياسي في هذا البلد أو ذاك لما تمتلكه هذه الأحزاب من برامج وطنية مقنعة تجعل شعبيتها واسعة وتكون هي صاحبة القرار الفصل في أية عملية انتخابية ولم يُشكك أحد في ديمقراطيتها، فلماذا يكون ذلك ديمقراطية في كل بقاع العالم، بينما هو ليس كذلك في سورية؟

  الحقيقة لأنه في سورية تٌمارس الديمقراطية الشعبية الحقيقية دون تزييف أو تحوير أو تأثير من لوبيات عميلة للأجنبي، وفي سورية يسود جو من الحرية السياسية المنظمة التي تفتقدها حتى الولايات المتحدة ذاتها (هناك يوجد حزبين فقط يُسيطران على الإدارة الجماهيرية)، وعندما تقول الأحزاب السياسية السورية والتجمعات الشعبية والجماهير بكل أطيافها كلمتها  في اختيار رئيس الجمهورية  سيكون لها ما تشاء بغض النظر عن قبول أو رفض أي جهة أو دولة خارجية، لأن اختيار رئيساً لسورية هو حق مقدس للشعب السوري وحده، ولا يجوز لأي كان في هذا العالم التدخل في شأن سيادي سوري داخلي سوى الشعب السوي نفسه، والاستحقاق الرئاسي هو قضية سيادية تُعبر عن استقلالية البلاد ولا يُسمح لأيٍ كان بالمساومة عليها أو فيها.