مساحة حرة

ما بعد الانتخابات؟

ساعات قليلة تفصلنا عن نتائج الانتخابات الرئاسية في الجمهورية العربية السورية ، ومن خلال استبيان رأي الشارع السوري وما لاحظناه في مراكز الانتخابات الخارجية ، يُمكن التأكد من تفوق الدكتور بشار الأسد على منافسيه بفارق كبير جداً ، وهنا يطرح المراقبون والمحللون والمواطنون بآنٍ معاً أسئلة عديدة يتصدرها سؤال : ما الذي سيتغير فيما بعد الانتخابات ؟ وهل سيكون فعلاً إجراء الانتخابات في موعدها المحدد وفق الدستور عنواناً لمشروع سياسي واجتماعي واقتصادي جديد مختلف كلياً عما كان عليه قبل وأثناء الأزمة ؟

 في العرف السياسي والاجتماعي هناك نتيجة حتمية لكل أزمة وطنية كبيرة ، هي دراسة مسببات الأزمة بدقة وشفافية من أجل تجاوزها والخروج منها بأفكار جديدة خلاقة تكون أساس لبناء مستقبل أفضل وفق رؤى جديدة مختلفة كلياً عما كان سائداً في الماضي والحاضر ، وفق مشروع وطني متكامل يُلبي طموحات الجميع بكل أطيافه دون استثناء ..

من خلال التواصل الفاعل مع أعداد واسعة ومتنوعة من أفراد المجتمع السوري ، نستطيع أن نضع مجموعة من الأفكار الهامة التي تخدم المشروع الجديد المفترض الذي يتطلع إليه السوريين الذين قدموا الدماء رخيصة لتبقى سورية حرة مستقلة ، بل هي أكثر من ضرورية لبناء أسس الجمهورية الثالثة وإعادة الحياة الطبيعية إلى سورية والتغلب على مفرزات الأزمة التي أدمت السوريين وشردت الكثير منهم في كافة المناطق ، من هذه الأفكار والرؤى  :

–   دعم الجيش العربي السوري بكل السبل والوسائل الكفيلة على استمرار تفوقه على جميع الجيوش المعادية في المنطقة وخارجها ، وتقديم جوائز مادية مجزية لعناصره الذين أبدعوا في الاستبسال والدفاع عن الوطن وحمايته ، والعمل على تقوية الروح المعنوية لدى الجيش وقوى الأمن ، لأن قوة الجيش الوطني ومنعته هي الضمانة الحقيقية لبقاء سورية حرة مستقلة .

–    تعزيز الفكر القومي العروبي كإنتماء عقائدي جامع ، وتنقيته مما لحق به من شوائب وتشويه للرسالة الإنسانية التي يُمثلها ، والعمل على تطوير الفكر القومي وتقوية عرى التواصل الشعبي العربي في ظل ما قامت به الكثير من الأنظمة العميلة لضرب كل عوامل التماسك العربي الشعبي ، وفتح طرق جديدة للتواصل الشعبي عبر الأحزاب والجمعيات والنقابات العربية ذات التوجه القومي .

–   الاستمرار في التأكيد على أن العدو الأساسي للعرب وعلى رأسهم السوريين ، هو الكيان الصهيوني الغاصب ، وإن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية ،لا مجال لقبول المساومة بها من قبل أيٍ كان وتحت أية مسميات ، وعدم التنازل عن حق الشعب العربي الفلسطيني بقيام دولته المستقلة على أراضي ما قبل الرابع من حزيران  عام 1967 ، وعاصمتها القدس الشريف .

–   العمل بكل السبل الممكنة لتحرير الأراضي السورية المحتلة في الجنوب والشمال وعدم التنازل عن حبة تراب واحدة ، وعدم قبول أية تسوية لا تحفظ حق سورية وسيادتها على الجولان المحتل ولواء الأسكندرون السليب وفق الخارطة السورية ما قبل الحرب العالمية الأولى .

–   فتح باب الحريات السياسية والاجتماعية والثقافية ورفع السقف لتقوية الروح المعنوية عند كافة الطبقات السورية ، وفق قانون حديث متطور يقوم بتنظيم الحياة العامة في سورية بما يحفظ كرامة المواطن ويضمن سيادة القانون العادل على الجميع دون استثناء .

–  العمل على توحيد الخطاب الديني ، وتوجيه السادة العلماء على تحمل المسؤولية الأخلاقية والوطنية تجاه آلية العمل الدعوي ، وتحديد مرجعيات معتمدة ومسؤولة قانوناً أمام الجهات الرسمية المعنية في الدولة لجميع الطوائف والمذاهب دون استثناء كلُ وفق معتقده الديني الخاص والمبنية جميعها على الرسالات السماوية السمحاء ، وبما يكفل محاربة التكفير والتطرف ومقاومة الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه ، وتحميل رجال الدين مسؤولياتهم الطبيعية تجاه الشعب والدولة ..

–   إعادة تقييم المناهج التربوية والجامعية وتنقيتها من الرواسب والأفكار الدخيلة واعتماد مصطلحات وطنية صحيحة شفافة ، والاهتمام بفئة المعلمين والمدرسين في كافة المستويات التعليمية ، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للجهاز التربوي والعاملين على تربية وتعليم الجيل .

–     الاهتمام بفئة الشباب كطاقة وطنية عظيمة يجب استثمارها وفق إمكانياتها وقدراتها العلمية والعقلية والرياضية .. وإعادة تقييم الواقع العلمي العام في سورية وخلق حالة من تكافؤ الفرص بين الخريجين على أن يتم فرز جميع الخريجين الجامعيين إلى مؤسسات الدولة بعد إعلان قرار تخرجهم وفق خمسة رغبات يُحددها الخريج ، لا أن يقتصر الفرز على خريجي كليات معينة  وإلغاء آلية المسابقات المعتمدة لأنها باب من أبواب الفساد ، وعدم التمييز بين خريج وآخر تحت أية تسمية ، وعلى الدولة أن تقوم بمحاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه ، ونشر ثقافة الشفافية والصدق بين الناس انطلاقاً من مؤسسات الدولة وإداراتها ..

–   التركيز على التنمية الشاملة وفق برامج محددة وقابلة للتنفيذ على المستوى الاجتماعي والاقتصادي ، والاهتمام بطبقة العمال والفلاحين وحمايتهم من الفاسدين خاصة في النقابات والجمعيات التي تعمل باسمهم وتحولت إلى مقرات للتجارة ولتعميم الفساد بشكل مباشر أو غير مباشر ، وضرورة العمل على إعادة الثقة المفقودة بين الجماهير العمالية والفلاحية ومنظماتها الشعبية على أن تعمل هذه المنظمات على حماية مصالح الطبقة التي تُمثلها وتُدافع عنها بما ينسجم مع القوانين والأنظمة ، ونشر ثقافة التعاون الفعلي لخدمة مشروع التنمية الشاملة .

–   الاهتمام بالزراعة وتقديم وسائل المساعدة في استثمار المساحات المعطلة من الأراضي الزراعية وشق وتزفيت الطرق الزراعية وتقديم وسائل الري الحديثة والأسمدة والدعم المادي وفح باب الإقراض الزراعي بالحد الأدنى من الفوائد حتى لا يكون القرض عبئاً على المزارع ، بدل من أن يكون عامل مساعد لتطوير وتحديث زراعاته ، وإعادة العمل بالقروض الزراعية طويلة الأمد لما لها  من أثر إيجابي على العملية الزراعية ، وتنظيم عمل المزارعة بين المالك والمزارع بالشكل الذي يضمن مصالح المالك والعامل بآنٍ معاً .

–   الاهتمام بالحالة الاجتماعية للمجتمع وتشجيع الزواج وتعدد الولادات وتقديم يد العون للمرأة العاملة ، وإلغاء كل القوانين التي تعمل على الحد من الولادة وخاصة القانون 50 لعام 2004 ، وإعادة العمل بقانون منح وسام الأسرة الذي كان ساري سابقاً ، وإيجاد مصدر مادي مناسب لتغطية نفقات الأطفال وتربيتهم  ( تحديد راتب مناسب للأطفال حتى سن 18 عام ) من أجل تنفيذ قرار التعليم الإلزامي دون هوادة ..

–  دعم الصناعات البسيطة والمتوسطة وتقديم تسهيلات وإعفاءات ضريبية وغيرها من وسائل الترغيب لتمكين الصناعات المحلية لما لها من دور هام في تخفيف البطالة وفتح آفاق متجددة أمام الصناعيين ، كما أن تقديم الدعم المالي للصناعة الوطنية من الضرورات الهامة عبر فتح باب الإقراض المنظم والمدروس بضمانة المنشأة أو ضمانات عقارية أو غيرها .

–  الاهتمام بالخارطة السياحية للبلد وإعادة طرح مشاريع سياحية جديدة باستمرار وتقديم التسهيلات اللازمة ، والعمل على التنشيط السياحي لما نمتلكه من طاقات سياحية خلاقة وجاذبة ..

–   الاهتمام بأسر الشهداء وذويهم وإنشاء مؤسسة عامة أو هيئة تعنى بهم وتتابع أوضاعهم وتعمل على تذليل العقبات أمامهم ، والاعتناء بالجرحى والمصابين من العسكريين والمدنيين ورعايتهم صحياً واقتصادياً ، وإيجاد حل نهائي وسريع لحالة المخطوفين والأسرى والمفقودين ، واتخاذ الإجراءات القانونية العادلة بحق الموقوفين  .

إن مؤشرات المشروع النهضوي التصالحي الذي وضع أسسه السيد الرئيس بشار الأسد في السادس من كانون الثاني من عام 2013 ، ما بعد الانتخابات يجب أن يتم تفعيلها والعمل عليها  بالشكل والسرعة المناسبتين ، بعد كل ماعاناه الشعب السوري من أزمة استمرت أكثر من ثلاث سنوات ونيف أكلت الأخضر واليابس ، وإن الخروج منها والتغلب على مفاعيلها يتطلب حشد كل الطاقات الوطنية المؤمنة بقيامة سورية ، وهي مهمة ليست مستحيلة على الرئيس المنتخب ، لكنها ليست بالسهلة في ذات الوقت ، سيما وأن طبقة الفاسدين والمتسلقين التي ملأت الشاشات واحتلت المقاعد الأولى في كل اللقاءات والمؤتمرات والاجتماعات ، تُجهز نفسها بقوة للعب دور جديد في الحياة العامة السورية ، وهي الأكثر قدرة على إقناع القيادة السياسية بأهمية دورها ، ولكن بدون التخلص من هذه الطبقة الملمعة بقوة المال والشهادة العلمية ، ستعود وتُشكل الحاضنة الحقيقية لتفريخ المخربين واللصوص ، وتفتح الباب من جديد لظهور أزمات جديدة ..لذلك فإن أمام الرئيس المنتخب مهمة صعبة لغربلة القيادات الحزبية والنقابية والإدارية والتنفيذية بما يضمن تحقيق الطموحات الكثيرة للشعب السوري العظيم لذي أثبت للعالم قوة إرادة لم يمتلكها  أي شعب آخر في العالم ..

محمد عبد الكريم مصطفى

البعث ميديا

2 thoughts on “ما بعد الانتخابات؟

  • كل هذا موجود في دستور حزب البعث العرب الاشتراكي ولكن المسؤولين غيبوه لأنه لا يخدم مصلحهم النفعية
    المطلوب العمل لترسيخ دستور حزب البعث العربي الاشتراكي واقعا لا شكلا / من يقرأ دستور حزب البعث العرب الاشتراكي قراءة المناضلين الشرفاء يجد فيه الحل الوحيد الذي يرضي الجميع في حال تطبيقه بشرف على أرض الواقع

  • نريد قيادات تريد أن تبني وطن يعني الموطن بدو سكن وعمل وقانون عادل يطبق على الجميع

Comments are closed.