«الحروب القذرة» .. أم «الحروب المقدسة»
أكثر من عام و لايزال تنظيم ” داعش ” الإرهابي يتصدر عناوين كبريات الصحف العالمية ، و كافة وسائل الإعلام .. و التي تتناوله عبر قصص النشوء منذ عام 2004 وصولا الى عام 2013 ، عام دخوله على خط المواجهة المباشرة في سورية و من ثم العراق .. و إعلان ” دولة الخلافة ” على أراضيهما .
اجتماعات و مبايعات و أسماء قادة تبدأ من أسامة بن لادن و الظواهري و الزرقاوي و أبو عمر البغدادي و أبو بكر البغدادي و الجولاني و الشيشاني …… و تكاد لا تنتهي . هل نحن أمام شخصيات قررت تغيير العالم و رسم خرائطه الجديدة في المنطقة الأشهر للصراعات و الحروب عبر التاريخ ..؟ و على مرأى و مسمع و بدعم بعض دول العالم .. و ما يترتب عليه نظريا من تعطّل و إنهاء مصالح البعض ، و القضاء على الأحلام التاريخية للبعض الاّخر . هل يريد أحد في العالم أن يقنعنا أن تنظيم ” داعش ” هو كيان منفصل بحد ذاته .. و يحمل من الأفكار و الطموحات و الأحلام لتأسيس دولته الخاصة في هذه المنطقة الساخنة من العالم . لا بد لنا من مقاربة الموضوع من زوايا أكثر جدية و أهمية و نحاول البحث عن الحقيقة عبر التحليل الدقيق و ربط المعلومات و استنتاج الحلقات الخفية عن طريق العودة الى تاريخ المنطقة و صراعاتها التاريخية .. ويكفي أن نطرح سؤالا ليصبح دخولنا الى الموضوع مقنعا .. هل تطابقت – كليا أو جزئيا – أحلام مئات و اّلاف السنين لمن أطلقوا على أنفسهم ” شعب الله المختار ” مع أحلام ” داعش ” ..!؟. وهل تخلى اليهود عن أحلامهم في إقامة ” اسرائيل الكبرى ” لصالح الاّخرين و المفترض أنهم أشد المعادين .!؟. أي أحلام تنتظر المنطقة .. هل هي أحلام الصهاينة ؟ أم أحلام الدواعش ؟ . و ماذا عنّا نحن دول و شعوب المنطقة .؟.
لقد اجتهد الصهاينة على مر ّ العصور لإيجاد جذور دينية تسمح لهم بالسعي لتحقيق أحلامهم .. و خاضوا من أجلها الحروب ” المقدسة ” عبر تشويه العهد القديم و تاريخ البشرية و نبوءات الأنبياء و سيرهم .. فما هو الجذر الديني لدولة ” داعش ” ؟؟ ذاك الذي رفضه أيمن الظواهري مؤخرا و اعتبر على أساسه ” دولة داعش ” غير شرعية !!؟؟. فمن السذاجة بمكان اعتقاد أن القصة بدأت فصولها منذ أحداث أيلول 2001 عندما قام تنظيم القاعدة بتفجير برجي التجارة العالميين .. و الذي اتخذ من الدين عنوانا و التمس فيه عباءة و غطاءا .. و أطلق على مجرميه اسم ” مجاهدين ” . لقد أعطى هؤلاء الإرهابيون الرئيس الأمريكي جورج بوش الذريعة أو شرارة البدء لحروب تبدو في ظاهرها معاصرة الغايات و الأهداف ، فيما حقيقتها ترجع الى اّلاف السنين عبر مخطط كبير تم رسمه بدقة و احكام في صحراء سيناء .. حيث تاه فيها ووراء كثبانها يهود عرفوا أن المال وحده لا يحمي الرؤوس و لا بد من الحصول على الأرض بأي وسيلة و أي ثمن مستفيدين من دروس ماض أكّد لهم أن جمع المال و شراء الأرض لصالح فرعون مصر غير مجد .. و أن الإقطاع و رأس المال قادر على شراء الجند و الأسلحة . لقد خططوا لسرقة الأرض بعد أن وقع اختيارهم على فلسطين ، إذ استفادوا من الأساطير و الروايات و ما اختلقوه من أكاذيب و من تحريف للعهد القديم فأوجدوا تلمودا يبرر لهم سلب الأرض و امتلاكها ، و تحقيق حلم إقامة دولتهم المنشودة كدولة يهودية ثنائية الأبعاد .. بعد ديني و اّخر عرقي . إن تحقيق هكذا حلم هو المستحيل بعينه .. لذلك تطلب العمل لأجله الوقت الطويل و العمل الدؤوب على مدى أكثر من 3000 عام . كان لابد من جمع المال و السلاح و التأييد .. هم يعرفون أن المال بحوزة الإقطاع و الملوك هو الذي مكنهم من إقامة الإمبراطوريات ، فكان لا بد من اسقاطهم عبر ثورات شعبية ينشد فيها الناس ” حريتهم و كرامتهم ” كعناوين مزيفة .. فكانت الثورات في أوروبا كخطوة أولى لإزاحة الإقطاع و بعثرة ماله .. و من ثم سرقتها عبر وسائلهم الخاصة . لقد دعموا حركات التحرر في أوروبا ، كما دعموا الأفكار العلمانية التي تبعد الناس عن الحاكم .. و تقضي على نصف قوته ، أما نصفه الاّخر فمال ُيسرق و يجمع في خزائنهم . إن قناعتهم بأهمية الحامل العمودي دفعهم الى تحريف الأديان و ضرب الفضيلة ، و انشاء أجيال فاسدة مهترئة ، فسعوا لإقامة دور القمار و استخدموا الدعارة و الجنس أبشع استخدام . أرادوا أن يخوضوا حروبا دينية مدعومة من الله ( خاصتهم ) .. مع أعداء من غير دعم إلهي .. ليحافظوا على تفوقهم .. أرادوها حربا ” مقدسة ” مع أعداء ملحدين أو كافرين أو علمانيين – سمهم ما شئت – . لقد حركوا العالم كما يشاؤون و جرّوه الى حروب عديدة و حروب عالمية أولى و ثانية .. أفضت بالنتيجة الى اندحار الخصوم و اضعاف الجميع .
إن اتجاههم نحو القارة الجديدة بعد أن اكتشفها كريستوف كولومبس ليس إلاّ بدافع جمع المزيد من المال و ضمان القوة و امكانية دخول الحروب الطويلة .. فكان لهم ما أرادوا و غدت أمريكا القوية و الثرية خاتما في أيديهم و قاعدة ينطلقون منها للإنقضاض على العالم …. لقد تمردوا على الله و حرّفوا كتبه و قتلوا أنبياؤه .. و حولوا الدين اليهودي الى حركة صهيونية .. و سرقوا الأنبياء و تكنّوا بأسمائهم ( النبي اسرائيل ) ، و مزّقوا العالم بالحروب و رسموا الخرائط له فكانت سايكس- بيكو للعهد الجديد .. التي أضعفت المنطقة و شعوبها عبر الإستعمار الفرنسي و البريطاني … و الإسرائيلي ، مضافا اليها التاّمر العربي – العربي بفضل من وظفوه و جندوه عميلا و خائنا . لقد قاموا خلال مئات السنين بتحريف و تشويه الأديان فحصلوا على نسختهم من المسيحيين المتصهينين .. اللذين لم يتوانوا في تبني مشاريعهم و أحلامهم ، كذلك فعلوا للحصول على نسختهم من الإسلاميين المتصهينين . و جاء عام 2000 و حمل معه عنوانا كبيرا رفعته الولايات المتحدة الأمريكية ” الحروب الدينية و التغيير ” .
إذ كان لا بد من تحويل الأحداث الى العالم العربي أكثر فأكثر .. فسمحوا لنسخهم المنحولة أن تظهر الى العلن و تقود حربا أطلقها الرئيس جورج بوش الأب .. بعد أحداث 11\ 9 \ 2001 . لقد قالها صراحة ” إنها حرب صليبية ” ، ” هي حرب على الإسلام ” .. و فتح الباب لإشاعة المناخ المذهبي و الطائفي .. و لم تستطع أمريكا كحامل للواء الصهيونية – الماسونية أن تنفذ مشروعها الجديد في الشرق الأوسط و العالم عبر حرب عالمية ثالثة ، فهي أضعف من مجرد التفكير بالفوز و النصر بها .. فاستعاضت عنها بالربيع العربي المزور .. بالإعتماد على النسخ الإسلامية المنحولة ، فكان الفكر الإخواني و الوهابي أدوات مميزة فيه . أرادوه ربيعا داميا ناقما منتقما لأزمنة قديمة ُطردوا فيها الى بابل ( الملك نايوكو الثاني 585 ق . م ) .. وقصة السبي الشهيرة على يد الملك البابلي نبوخذ نصر .. لقد أرادوا الإنتقام من العراق أرضا و شعبا و تاريخا .. ” داعش ” .
لقد حرّكوا الشارع العربي تحت ذريعة الدين و تطبيق شرع الله .. فكان التطرف سيد الموقف و الإرهابيون جاهزون لملىء البيوت و الشوارع و المدن بالدماء .. سبيلا لإكمال المخطط .. لقد سارت عجلات الربيع في اليمن و تونس و ليبيا و مصر أما في سورية فتعطلت تماما .. لقد حصل ما لم يكن بحسبانهم .. أنها حرب مقدسة بامتياز .. فقد أظهر السوريون ايمانا بأنفسهم ووطنهم و جيشهم .. استلهموه و استمدوه من ايمانهم بالله تعالى اله الحق . ايمان كان أقوى من تطرفهم و تحريفهم و فكرهم الإخواني والوهابي المظلم .. ايمان ارتكز على تنوعهم و نسيجهم الفسيفسائي الفريد .. فوقفوا مسلمين و مسيحيين وقفة رجل سوري يملك ثنائية فاجئتهم أي مفاجئة . ايمان بالله و بالوطن وضع حدا لحروبهم القذرة و الممتدة نحو العالم . لقد دفعوا باّلات بطشهم و بتنظيماتهم الإرهابية للمواجهة تحت مسميات مختلفة فتارة كانوا ” جيشا حرا و تارة أخرى جبهة اسلامية و جبهة نصرة ” و أخيرا ما سموه ” داعش ” . لا تصدق أخي القارىء أنهم حلفاء أو شركاء أو حتى أعداء .. أنهم وجه واحد لعملة واحدة و قطع نقدية في جيب الماسونية تصرفها بالشكل و الزمان و المكان الذي تريد . نعم هي ” حرب مقدسة ” حتى بالنسبة لنا .. فعلم سورية و ترابها و حرية قرارها و سيادتها و أمن شعبها أمور لا تهاون ولا جدال فيها .. نعم نقدس سورية و نملك منظومتنا المقدسة ” الشعب – الجيش – الرئيس ” القادرة على حسم الحرب القذرة و تطهير أرضنا من رجس الإرهاب . النصر لسورية .. و الخزي و العار للخونة و الهلاك للأعداء .
البعث ميديا || المهندس : ميشيل كلاغاصي