الجعفري: التدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول من أبرز مسببات الإرهاب
أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة ضرورة بذل قصارى الجهد للتصدي لظاهرة التحاق الشباب بالتنظيمات الإرهابية موضحا أن أبرز مسببات هذه الظاهرة التدخل السافر لبعض الدول في الشؤون الداخلية لدول أخرى تحت مسميات وذرائع شتى.
وقال الجعفري في بيان أدلى به اليوم أمام جلسة النقاش المفتوح التي عقدها مجلس الأمن تحت عنوان “الحفاظ على السلام والأمن الدوليين” دور الشباب في مكافحة التطرف العنيف وتعزيز السلام أنه: «في الوقت الذي نجتمع فيه يفارق مئات الشبان والفتيات أسرهم خلسة ويشقون طريقهم عبر حدود مفتوحة يلقون فيها كل التسهيلات من قبل أجهزة استخبارات متخصصة للالتحاق بتنظيمات إرهابية يتعذر عليهم غالبا الانفكاك من براثنها بعد صحوتهم المتأخرة إن حدثت».
وأضاف الجعفري: «إن مسؤوليتنا كسياسيين وقانونيين ومختصين وأمهات وآباء تحتم علينا أن نبذل قصارى الجهد لمعالجة الأسباب الكامنة وراء التحاق الشباب بالتنظيمات الإرهابية والتصدي لهذه الظاهرة التي هي ليست بالجديدة على مجتمعاتنا وإنما الجديد فيها هو المستوى غير المسبوق لوتيرة جذب التنظيمات الإرهابية كـ”داعش” و “جبهة النصرة” و “حركة الشباب” و “بوكو حرام” وغيرها للشباب وذلك بأساليب تضليل مختلفة ومن بينها بشكل خاص وسائل التواصل الحديثة وبذل المال لاستقطاب الشباب العاطل عن العمل وفتاوى التحريض الديني».
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن التقارير تؤكد أن أغلبية المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين يلتحقون بالجماعات الإرهابية والذين تقدر أعدادهم بعشرات الآلاف هم من الشباب والفتيات الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 35 سنة موضحا أن تقانات الإعلام الحديثة أتاحت معايشة معاناة أسر كثيرة خسرت أحبة قرروا في لحظة طيش أو تضليل الالتحاق بما صور لهم على أنه “واجب مقدس” أو “عمل بطولي” أو “أخلاقي نبيل” أو “فرصة لكسب المال بأهون السبل”.
ولفت الجعفري إلى أن: «الحديث عن هذه الظاهرة يقتضي الحديث عن مسبباتها لتحديد أفضل السبل للتعامل معها وإن وفد سورية يؤكد في هذا السياق على أن التدخل السافر لبعض الدول في الشؤون الداخلية لدول أخرى تحت مسميات وذرائع شتى مثل نشر الديمقراطية والحرية وحماية المدنيين و”الجهاد” وكذلك إطالة أمد النزاعات والحيلولة دون تسويتها بالطرق السلمية لإيجاد المبررات اللازمة للتدخل الأجنبي المباشر أو غير المباشر في شؤون الدول الأعضاء هي من أشد العوامل الدافعة للتطرف والكراهية والاتجاه نحو العنف والإرهاب وكذلك الدور الذي تقوم به بعض أنظمة الحكم لنشر خطاب الكراهية والأفكار المتطرفة ومناهج التعليم الهدامة التي لا تمت للأديان ولا للحضارة الإنسانية بصلة والتي تحرض على الهمجية والعنف والإرهاب».
وبين الجعفري أن: «هذا لا يعني بأي حال من الأحوال إغفال العوامل المهمة الأخرى ومنها على سبيل المثال التمييز القائم على أساس الدين أو الجنسية أو العرق أو اللون أو الجنس أو غيرها من العوامل التي ما فتئت تمثل نوعا من العقاب الجماعي لبشر لم يختاروا يوما مكان ولادتهم ولا دينهم ولا لون بشرة ذويهم معربا عن أسفه في هذا الإطار لوجود حملات رعناء لقولبة أتباع دين بعينه ومحاولة وسمهم بالإرهاب وممارسة شتى أشكال التمييز والتهميش والاضطهاد والملاحقة الأمنية بحقهم في دول تدعي الحرص على قيم الإنسانية والمواطنة وحقوق الإنسان وتبدي رغبتها في منع أسباب التطرف والجنوح نحو العنف ويزداد أسفنا لوجود دول عربية وإسلامية تشارك من خلال سلوكها الخاطئ في الإساءة لكل ما هو عربي ومسلم».
ودعا مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى العمل بشكل جاد وفعال لحماية الشبان والشابات مما يتعرضون له عبر الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية من حملات تغرير وخداع تدفعهم لمغادرة عائلاتهم وأوطانهم والانضواء في أفكار وهابية أصولية تكفيرية ثم التوجه إلى دول أخرى للانضمام إلى تنظيمات إرهابية وممارسة أعمال القتل والنهب والتخريب قبل أن يزهقوا أرواحهم بتفجيرات انتحارية أو يقتلوا أو يعودوا لإنشاء كيانات وشن اعتداءات في دولهم الأم أو في دول ثالثة.
وأوضح الجعفري أنه: «يجب مساءلة من يرعى ويدعم هذه المواقع والمحطات التلفزيونية ومساءلة من يغرر بهم ويمولهم وييسر سفرهم ويهربهم عبر الحدود ويقدم لهم التدريب والسلاح ويسميهم بـ”المعتدلين” ليقاتلوا في أفغانستان والصومال والشيشان والعراق وسورية وليبيا وتونس ومصر ولبنان ونيجيريا وكينيا ودول أخرى»، مشيرا إلى أن: «الفاعل هنا ليس مجهولا فهو حكومات دول معروفة ممثل بعضها في مجلس الأمن للأسف».
وقال الجعفري: «لا ينبغي أن يكون أمام الشباب خيار اليأس بين الوقوع ضحية لرعاة الإرهاب من جهة أو الغرق في لجج مياه البحر المتوسط وهم في طريقهم إلى فردوس مفقود من جهة ثانية.. ألا يلاحظ الجميع هنا معنا أن ثمة خطأ كبيرا يتم ارتكابه في السياسات الدولية ويدفع ثمنه الشباب».
وأضاف الجعفري: «إن في دولنا الأعضاء ملايين الشبان والفتيات القادرين على تحويل الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من أداة لتجنيد الإرهابيين إلى وسيلة فعالة لمواجهة الإرهاب ولمكافحة التطرف ونشر قيم التسامح والمحبة التي هي جوهر الأديان والأخلاق».
وختم الجعفري البيان بالتأكيد على أن: «الأمر لا يحتاج لتقارير أو صكوك جديدة فلدينا في الأمم المتحدة رصيد كاف منها وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب واستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وكذلك قرارات الجمعية العامة الخاصة بتحالف الحضارات وثقافة السلام ومكافحة التعصب والتمييز والتحريض على العنف والإرهاب مبينا أن المطلوب هو إرادة صادقة وعزيمة متقدة لمكافحة الإرهاب ومساءلة مشغليه وداعميه بما يجنب البشرية هذه الآفة ويسهم فعلا في حفظ السلم والأمن الدوليين وهما عنوان البند الذي انعقدت هذه الجلسة تحته».