مساحة حرة

ما بين الحزم والأمل.. ضاعت البوصلة ؟؟

قبل ساعات من إعلان مملكة الرمال عن إنهاء العدوان البربري المشترك بين سلاحها الجوي وطائرات بعض العرب المستعربة على الشعب اليمني الأعزل ، كان ممثل السعودية في الأمم المتحدة ينفي وقف القصف الجوي على اليمن وكان قد سبق ذلك صدور أمر ملكي في صباح اليوم ذاته بدخول الحرس الوطني السعودي الحرب ، لكن بعد أن اصطدم العدوان السعودي الأعرابي الظالم بصلابة التلاحم الشعبي اليمني مع الجيش الوطني اليمني ، وأصبحت هزيمة التحالف قاب قوسين أو أدنى جاءت الأوامر الأمريكية لقيادة التحالف بوقف الحملة الجوية للجم الثور الوهابي الهائج ومحاولة إخراجه من هزيمة باتت محققة حتماً ، من خلال تغليف الهزيمة بغلاف النصر الوهمي معلنةً بذلك عن بروبغندا هزلية يتم من خلالها الانتقال مما يُسمى ( بعاصفة الحزم ) التي حققت أهدافها ، واستطاعت منع الخطر اليمني ( التمدد الحوثي ) من الوصول إلى السعودية وفق الوهم السعودي ، والاعلان عن استمرار العدوان تحت اسم عاصفة الأمل لاعادة ” الشرعية ” إلى اليمن ممثلة بالرئيس الفار عبد ربه منصور ، وهذا التفاف على التفاهمات الدولية القاضية بوقف الحرب على اليمن والدخول في عملية سياسية تحفظ لليمن سيادته واستقلاله ، لكن النظام السعودي يسعى باستمرار لتصدير أزماته الداخلية التي بدأت تتفاقم حتى بين أفراد السلطة الحاكمة ، وذلك عبر تأجيج الفتن والحروب على الآخرين ، بعد أن أعماها غرور القوة والغطرسة نتيجة الدعم الأمريكي والغربي ، لكنها لم تحصد سوى الخيبات والخذلان سيما بعد ان انكشفت النوايا الخبيثة التي تُبيتها تجاه كل الدول العربية المتخالفة معها سياسياً ، لذلك انفرط سريعاً عقد التحالف العربي الذي كانت تبني عليه الكثير من الأوهام وتشتت في ضربة جديدة للسعودية التي تسعى لتوريط العرب في حروب عربية – عربية تبدأ وقد لا تنتهي ، وغن الضحايا الذين زادوا على الأربعة آلاف في اليمن جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ ، ولم تطل الحرب القوى العسكرية الفعالة على الأرض ، حتى بات من المؤكد بأن السعودية فقدت البوصلة تماماً مع كثافة المتغيرات الدولية والاقليمية على الأرض وتغير المزاج العام الغربي والأمريكي تجاه السياسة السعودية المولِّدة للإهاب الدولي والداعمة له عبر الحدود المختلفة بما في ذلك أوروبا وأمريكا ، وقد كانت ملاحظة الرئيس الأمريكي ” باراك أوباما ” التي وجهها للسعودية الشعرة التي قصمت ظهر المهلكة وأمراءها المغرورين بعامل القوة المالية والعسكرية عندما قال لهم : الخطر لديكم في الداخل السعودي وهو سيأتي من شبابكم …” .

لقد كشفت السعودية خلال الخمس سنوات الماضية وبكل وقاحة وجهارة عن وجهها الحقيقي المغلف بعباءة الدين الإسلامي ، وبينت مواقفها المؤيدة لإسرائيل بدون أدنى خجل وتأييدها لسياساتها العدوانية ضد العرب في المنطقة ، وهناك من يؤكد بأن التحالف العربي المزعوم قد تم إنشاءه بتوجيه من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الذي دخل عبر الفيديو على اجتماع مجلس الأمن الخليجي الذي عُقد في أبو ظبي عام 2013 وبحضور ممثلين عن دول عربية أخرى عندما طلب إليهم ضرورة إنشاء قوة تحالف عسكرية عربية ، حيث قوبل طرحه عندها بتصفيق شديد من قبل الحضور ، لقد بينت المهلة السعودية عن حقدها الدفين ضد الأنظمة العربية القومية بشكل عام وضد اليمن البلد الذي تمكن شعبه من إقامة نظام جمهوري تقدمي على الخاصرة السعودية رغم أنف آل سعود وأسيادهم ، والذي لم يزل منذ ذلك الوقت يُعاني وأهله الجوع والحرمان الحقيقي نتيجة تآمر االسعودية عليهم بشكل متواصل ، حيث لم تقف يوماً عن متابعة اختلاق الفتن والقلائل بين مكونات الشعب اليمني من أجل منع تحقيق تنمية مجتمعية حقيقية تؤدي إلى خلق دولة متطورة وحضارية على الحدود معها تكشف تخلفها .

وعندما ثار الشعب اليمني على عملاء السعودية وأزلامها في اليمن واتخذ قراره بحل الأزمة اليمنية سياسياً و الحفاظ على السيادة والاستقلال اليمنيين ، جن جنون مشايخ النفط وشعرآل سعود بأن مملكتهم هي الحلقة القادمة وأن الخطر قادم إليهم بكل تأكيد لأن لهيب النار التي أشعلوها لا بدّ وان تصل لحاهم ، لذلك جاءت “عاصفة الحزم ” لتُلهي اليمن عن ترميم بيته الداخلي وإعادة تشكليل نظامه الوطني وفق أسس شعبية وديمقراطية بحجج واهية لا صحة لها في محاولة يائسة لتصوير الجار الإيراني هو العدو الأخطر .

ما بين عاصفة الحزم وإعادة الأمل فقدت السعودية البوصلة تماماً وتحولت إلى كرة ضائعة في ملعب الأولاد الذين قادتهم عنجهيتهم وغرورهم بالقوة الوهمية التي يمتلكونها إلى ضرب الأمن القومي العربي بالصميم لصالح الكيان الصهيوني وسياسته التخريبية في المنطقة ، لكن حسابات الحقل السعودية لا تتطابق مع حسابات البيدر لا في اليمن ولا في سورية ، وكانت الرسالة واضحة من نمر الدبلوماسية السورية الدكتور بشار الجعفري للسعودية وغيرها ومن على منبر مجلس الأمن الدولي : بأن اليد التي ستمتد لسورية سنقطعها وسنحاسب السعودية الحساب اللازم.

 

محمد عبد الكريم مصطفى