برامجنا الصباحية.. “صبحيات نسوان” تغرد خارج السرب الإعلامي
بين “صبحيات النسوان” التي تغزو قنواتنا الإعلامية صباحا ومحاولات إعلامية بدائية أخرى، تضيع جهود برامجنا سدى في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة لشبكة برامج تتمتع بحرفية عالية وإمكانيات إنتاجية ضخمة، نواكب بها تحديات العصر من جهة وتحديات نتجت عن الحرب التي تشهدها سوريا من جهة أخرى.
من المعلوم أن شبكة البرامج هي العصب الحيوي لأي قناة تلفزيونية وسلاح فعال بيدها تستخدمه كما تريد في توجيه الرأي العام وتشكيل خلفياته الثقافية وآرائه المختلفة، من هنا جاءت ضخامة المسؤوليات الملقاة على عاتق القيمين على إعداد وتنفيذ البرامج، لا سيما في ظل الحرب الإعلامية التي تشهدها بلادنا في السنوات الأخيرة.
من المؤسف القول أن برامجنا لم تستطع جذب المشاهد العربي عامة والسوري خاصةلأسباب كثيرة، فالمتلقي السوري ذكي لا يمكن الاستخفاف به فهو معتاد على مشاهدة – إن لم نقل الإعلام الغربي – على الإعلام العربي، الذي تفوق على إعلامنا المحلي وسبقنا بأسواط كبيرة. فعلى سبيل المثال الإعلام اللبناني متقدم وعالي المستوى لما يتمتع به من كوادر إعلامية ذات مهنية عالبة وإمكانيات إنتاجية ضخمة كما يتميز بإتقانه للعبة الإعلامية في إنتاج البرامج، كالتلطيشات المشروعة وأجواء التوتر التي تشوب برامج الحوار أحيانا والاستفزاز المدروس وغيرها من أساليب الجذب، إلى جانب المنافسة الشرسة بين مختلف القنوات اللبنانية والتي تغني التجربة الإعلامية عامة وتدفعهم للأمام. وليس المقصود أن الإعلام العربي سواء اللبناني أو المصري مثالي لا خطأ فيه بل على العكس تشوبه نقاط سلبية عديدة فبعض البرامج تقع في الفخ التجاري ويقتصر ما تقدمه على “ما يريد الجمور وما يحب” ، فتهتم بشكل مبالغ به بنسب المشاهدة ” rating” على حساب المضمون، إلا أنها تبقى ضمن دهاليز اللعبة الإعلامية بمعاييرها وضوابطها مهما شذت عن القواعد. أما برامجنا التلفزيونية فليس من الصعب – عند متابعتها- التقاط العديد من الهفوات، منها ما هو مقبول يمكن تجاوزه ومنها ما هو كارثي من غير المقبول حدوثه، بدء من هزالة الإعداد وفقره التي تعاني منها معظم البرامج بالإضافة إلى قلة كفاءة بعض المذيعين والتصنع وعدم الإلمام بالحدود التي يجب أن يتعامل ضمنها المذيع، إلى جانب العديد من المشكلات الإنتاجية والإدارية. فالمقدم هو حجر الأساس لأي برامج بغض النظر عن شكله ومحتواه، فالأخطاء الفردية قد تفشي إلى نتائج كارثية، وعديدة تلك الأمثلة التي تتحدث عن الأخطاء كالتي قامت بها إحدى مذيعات قنواتنا الفضائية، فإلى جانب ركاكة الفقرات وعدم الترابط الذي يمتاز به برنامجها بالإضافة إلى عدم الجدية في التعاطي مع ضيوفها كما حدث في إحدى الحلقات، فلا اعتذار إن أخطأت في مناداة ضيفها وضحكات غير المبررة عند حديثه عن أوقات ضيق مر بها، إلى جانب إصرارها على مناداة ضيف لها في مداخلة خطأ رغم تصحيحه من قبل ضيفها الرئيسي أكثر من مرة. من جهتها، ” الاسئلة المحرجة غير المدروسة” هي العنوان العريض لبرنامجها الخاص فلم تتوان مذيعة من إحدى قنواتنا عن طرح أسئلة محرجة ومخجلة لضيفها في حوار من المفترض توجيه أسئلة تهم المشاهد من جهة وتغني الضيف وتفيده من جهة أخرى، إلى جانب العشوائية في طرح الاسئلة وضعف إدارة الحوار، في حال تواجد أكثر من ضيف في الحلقة. فمن البديهي أن نعلم أن ” مقعد المذيع” مسؤولية وليس مشاعا لأي أحد أن يجلس عليه، فالكفاءة والمهنية وتكامل الشكل والمضمون شروط لا بد من توافرها لاستحقاق هذا المكان.
من جهة أخرى لا يمكن الإجحاف بحق جميع البرامج الحالية أو إنكار وجود برامج استطاعت التقرب من الجمهور وكسر الحواجز الموجودة، أملا بأن تكسب المتلقي السوري – والعربي حتى – وأن تحتفظ به كمشاهد مخلص، إن جاز التعبير. في النهاية لن نقول برامجنا التلفزيونية إلى أين ؟ فجل ما نريده ونطمح إليه هو الصدارة والتفوق لإعلامنا المحلي كما هو الحال في الدراما، لذلك الآمال كبيرة على القيمين في هذا المجال، للاستفادة من كوادرنا الإعلامية ومواهبنا الخلاقة لأقصى الحدود.
غوى يعقوب