الوسائل الإعلامية ورفع السقف
أعادت إحدى القنوات التلفزيونية المحلية،بث المسلسل التلفزيوني “قانون ولكن ” العمل الدرامي الأكثر جرأة ومصداقية وترابط في طرح السياقات في تقديمه لآليات الفساد والبيروقراطية المعششة في المؤسسات الحكومية، حيث يسلط “قانون ولكن” وهو من كتابة “د. ممدوح حمادة” العديد من الأضواء القوية الكاشفة على تفاصيل مؤسسة حكومية، يديرها رجل متمسك في تطبيق القوانين، لكنه وبعد التفاته إلى دائرة الفاسدين في المؤسسة، وبعد أن يتذوق حلاوة جري المال بين اليدين، لا يغير من طبيعته في تطبيقه للقوانين، لكنه يصبح عبقريا في اختراع الثغرات والهفوات التي يمكن من خلالها الاحتيال والنصب والغش في تلك الدوائر و بطرق قانونية أحيانا أكثر خبثا من الفساد المكشوف.
في الحقيقة إن بث المسلسل “المذكور” وهو من إخراج “رشا شربتجي” الواضحة في أسلوبه علامات والدها “هشام شربتجي” مع ملاحظة الرغبة العارمة في تطوير القطاع الإعلامي، يشي بأن ثمة قرار قد اتخذ أيضا في القنوات الحكومية بأن الأوان قد حان لتمارس هذه الوسائل الإعلامية المرئية إي الأكثر قدرة على التأثير في المجتمعات، دورا أكثر فاعلية في خطابها الإعلامي، خطاب يبدو أن الجرأة والذهاب نحو الاهتمام بالتفاصيل اليومية للمواطن السوري، ستكون عنوانه القادم، خصوصا بعد التغيرات التي طرأت على قنواتنا الرسمية .
حيث كان من المفاجئ والمبشر بآن أن نرى مثلا على قناة الإخبارية السورية أيضا، عدة تقارير ميدانية مهمة، تعني الناس ووجعهم، ومنها تقرير ميداني يطرح مشكلة “المازوت” بشكل مباشر من خلال الناس المتواجدين على “الكازيات”، سواء من الناس الذين يحاولون الحصول على حاجتهم من هذه المادة للدفء، أو من المعتاشين وأسرهم من خلال وسائل نقل تعتمد المازوت كوقود لها، وهذه المرة وقف صوت المواطن أمام صوت مدير المحطة، ما سيجعل صوته يكون في قادم الأيام يقف في وجه المسئول الحكومي من الحكومة الوزارية أو ممثليه في البرلمان، الذين كان من المفروض أن يكونوا هم صوته !.
إذا يبدو أن قرارا حكيما قد أتخذ في أن الوقت قد حان لأن تمارس الوسائل الإعلامية الرسمية بمختلف أنواعها ” مرئي مسموع مقروء ” دورها الحقيقي في كونها ضمير المجتمع والسلطة الفعالة فيه، وهذا ما نتمناه وننتظره، وما يجب أن يحصل وسريعا على مختلف وسائلنا الإعلامية، فالبلد التي لديها إعلام وطني صادق، لا حاجة بها إلى حكومات وغيرها من المؤسسات، لكونها ستكون صوت الناس وضميرهم.
بانتظار أن تبدأ تلك الاصطلاحات الواسعة في قطاعنا الإعلامي، والتي لا ريب في أنها ستنظر جديا في مشاكل العاملين في هذا القطاع الخطير، فكل إصلاح لن يعتمد على تحسين الأوضاع المعيشية للإعلاميين السوريين، سوف يكون إصلاحا هزيلا وغير جاد، وبانتظار ذلك، نعيد حضور الحلقة ال11 من قانون ولكن، عل وعسى أن تصل الرسالة!.
تمّام علي بركات