ثقافة وفن

لعين الفيجة معبدا لتقديسه…حمود: هو الأكثر تميزا بين معابد بلاد الشام للتأكيد على أهميته عبر التاريخ

اتُخذ نبع عين الفيجة ضمن وادى بردى مكانا للعبادة منذ أقدم العصور حيث تتفجر مياه هذه العين بغزارة مدهشة من كهف فى أسفل الجبل لترفد مياه نهر بردى بأكثر من نصف مياهه التى يحملها إلى دمشق.
وتتمتع بلدة عين الفيجة بوجود العديد من الآثار المهمة مثل الأقنية التى حفرت فيها لتوصل مياه العين الى دمشق ويعود أقدمها الى العصر
الرومانى على أقل تقدير كما تدل الآثار الموجودة فى كهوف البلدة ومحيطها وفق ما صرح به الدكتور محمود حمود مدير آثار ريف دمشق ل/سانا/. وأضاف: إن هذه الدلائل تشير الى أن الانسان سكن عين الفيجة منذ العصور الحجرية القديمة وصولا للعصور الهلنستية ثم الرومانية والبيزنطية حتى العصر العربى حيث ورد ذكرها فى العديد من المصادر العربية.
ويشير مدير آثار ريف دمشق إلى دور ينابيع المياه فى الحضارات السورية القديمة قائلا استلهم سكان المشرق العربى القديم من مشاهد الينابيع وتدفق مياهها أسمى الأفكار الروحية والعبادات الدينية والمعانى السامية لما تمثله من قيم وما ينتج عنها من خلق لكل أشكال الخضرة والحياة وهذا ما انعكس فى العقائد الدينية والميثولوجيا وفى الكثير من الاعمال الأدبية والفنية المكتشفة ومن أهمها تمثال ربة الينبوع فى مارى//.
وأضاف حمود: هذا التقديس للمياه تبدى خلال العصر الرومانى من خلال إشادة المعابد على مناهل المياه لتنبثق الحياة فى جوفها وغالبا ما كرست هذه الأنواع من المعابد لحوريات الماء أو لبعض من الآلهة المرتبطة بالمياه والأنهار. حيث يعد معبد عين الفيجة من أهم هذه المعابد فى بلاد الشام وأكثرها تميزا// مبينا أن تسمية البلدة يونانية الأصل مشتقة من كلمة //بجة// وتعنى //نبع الماء الغزير// .
وأشار حمود الى ان معبد عين الفيجة يتألف من كتلتين سفلية فى الأمام وهى التى يخرج النبع من وسطها وتوجد الآن داخل مبنى الخزان، وعلوية خارج مبنى الخزان وتتوضع فى الجهة الشمالية فوق الجرف الصخرى الذى يمر تحته مجرى النبع على ارتفاع يزيد على خمسة أمتار عن الكتلة السفلية.
وبين مدير آثار ريف دمشق أن المعبد بكتلتيه تعرض لأكثر من عملية تعديل وتجديد خلال العصور المتلاحقة واختلفت وظيفته عند كل تغيير من معبد الى كنيسة الى حصن.
جدران المعبد بحسب حمود بنيت بالحجارة الكلسية الكبيرة الحجم والمشذبة بإتقان ورصفت ارضيته بالبلاطات الحجرية التى أعيد استخدام بعضها فى رصف الأرضية الجديدة التى امتدت على مساحة ممر الماء داخل الخزان ولفت الى أن اللقى الأثرية التى اكتشفت فى بلدة عين الفيجة كالمسكوكات البرونزية أكدت أهمية معبد عين الفيجة خلال العصر الرومانى حيث جرت الإشارة إليه أو تمثيله ونقش صورته على هذه النقود المصكوكة فى دمشق ومنها نقد يعود الى عصر الامبراطور ماكرينوس /217/218م/ ويحمل نقد ثان اسم اوتاسيليا سيفيرا زوجة الامبراطور فيليب العربى /245/ 249م/.
اما النقد الثالث فيعود تاريخه الى عهد الامبراطور ايلاغابال  /218 /222م/ وفيها تمثال إله يظهر حاملا قرن الخصب.
وأشار حمود الى اكتشاف نقود أخرى تحمل مشهدا يمثل إله نهر بردى او الإله كريزورواس الذى وردت صورته أيضا على مذبح اكتشف فى بلدة برهليا المجاورة. مبينا أن بردى عرف فى العصور القديمة باسم ابانا ثم باسم كريزورواس فى العصرين الرومانى والبيزنطى بمعنى نهر الذهب وبردنيس او باراديس بمعنى الجنة الذى يعتقد ان الأسم الحالى اشتق منها.
ويتابع حمود 00 //من الصعب معرفة إله المياه او النهر الذى كان مكرسا له معبد عين الفيجة وللتحقق من ذلك يجب اجراء بعض أعمال التنقيب فى الموقع//.
ويختتم مدير اثار ريف دمشق تصريحه بالقول: //بعد أن أعاد رجال الجيش العربى السورى الامان الى ربوع هذه البقعة بما تحتويه من أهمية حياتية وتاريخية ستجرى دائرة الاثار جولات اطلاعية على الموقع والوقوف على الاضرار التى حاقت به جراء الاعتداءات الارهابية اضافة لمتابعة أعمال التنقيب التى توقفت بسببها //.