عربي

في الذكرى 63 لثورة التحرير.. السفير بوشة: الجزائر ستساهم في إعادة إعمار سورية

تحتفل الجزائر اليوم، ويحتفل معها أحرار العالم، بالذكرى الثالثة والستين لانطلاق الثورة الجزائرية في وجه الاحتلال الفرنسي، وهي تنظر إلى المستقبل بثقة وتبني علاقاتها بحكمة وتوازن دون أي انفعالات فتعرف كيف تقول كلمتها السياسية ومتى تقولها.

وسجّلت الجزائر موقفاً متفرداً تجاه الأزمة في سورية رعت فيه حقوق الأخوة والحضارة والدم، وحافظت على العلاقات بين البلدين ووحدة التاريخ والمصالح التي تعززها الأخوة والصداقة بين شعبي البلدين، فكانت الجزائر داعماً حقيقياً لسيادة سورية ووحدة شعبها وأراضيها والتضامن معها في مواجهة الإرهاب.

ولم تنس الجزائر أن دمشق احتضنت الأمير عبد القادر الجزائري قائد المقاومة ضد الفرنسيين، وأن السوريين وقفوا دعماً لثورة الجزائر في التحرر، وأن حرائر دمشق تبرعن بحليهن لشراء السلاح للمقاومة الجزائرية، وكيف حضر أبناء الجزائر على جبهة الجولان السوري المحتل في حرب تشرين التحريرية.

وفي حديث له أكد السفير الجزائري في دمشق صالح بوشة تمتع البلدين بعلاقات استراتيجية طيبة، وأن التنسيق بينهما يتمّ في القطاعات والمجالات كافة ولا سيما مكافحة الإرهاب، معرباً عن سعادته بانتصارات سورية على الإرهاب وثقته بأنها ستسترد حقوقها وسيادتها على كامل أراضيها، ورأى أن الأولوية في سورية الآن هي دحر الإرهاب بشكل كامل، ومن ثم بناء سورية بأيدي أبنائها، مؤكداً أن الجزائر ستكون إلى جانب سورية في مرحلة إعادة الإعمار وبكل ما تملك من إمكانيات.

ولفت بوشة إلى أن بلاده دعمت سورية منذ اليوم الأول للأزمة بوقوفها ضد قرار الجامعة العربية غير القانوني بتعليق عضويتها فيها، وضد كل القرارات الدولية التي سعت للمساس بسورية، كما استمرت السفارة الجزائرية في دمشق بالعمل طوال السنوات الماضية، وأشار إلى تجربة بلاده في مكافحة الإرهاب وكيف انتصرت عليه وأهمية المصالحة الوطنية التي كانت بداية مرحلة إعادة بناء الجزائر، موضحاً أن هذه المصالحات لم تكن مجرد شعار أو اسم أو فكرة بقدر ما كانت مشروع حضارة للتصالح بين أبناء الشعب باختلاف آرائهم وانتماءاتهم والتخلص من مظاهر العنف.

وبين السفير بوشة أن حجم التبادل التجاري السوري الجزائري كان في حدود 600 مليون دولار حتى 2010، وهناك رغبة مشتركة مستمرة بين الجانبين في تطويره وتعزيزه إلا أن الأزمة التي تعرّضت لها سورية تسببت بتعطيل غير مباشر لآليات التعاون، مؤكداً العمل والسعي الدائم لتنامي العلاقات بين البلدين وتجاوز الصعوبات والتحديات، وأضاف: إن آخر اجتماعات اللجنة المشتركة الكبرى الجزائرية السورية كان في الجزائر عام 2010، وأن تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين لم ينقطع، ففي عام 2016 زار وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم الجزائر، وتبعها بعد فترة زيارة وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل إلى سورية حيث التقى السيد الرئيس بشار الأسد وكبار المسؤولين، وعقدت حينها اجتماعات لجنة المتابعة السورية الجزائرية التي تنسق عملية التحضير لاجتماع اللجنة المشتركة الكبرى.

وأشار السفير بوشة إلى أنه تمّ خلال تلك الاجتماعات فتح ملف التعاون ووضع الأولويات وفق أربعة محاور أساسية هي: التجارة والاقتصاد، والإعلام والنقل، والبنوك والمصارف، واتخذ القرار بالعمل عليها بسرعة لأنها تعد محرك الاقتصاد، مبيناً وجود خطة لتبادل زيارات فنيين من ذوي الاختصاص بين البلدين لتقييم الوضع والنظر في متطلبات تشغيل خطوط النقل الجوي والبحري وغيرها.

وبين السفير بوشة أن الجانبين يبحثان فرص الشراكة في مجالات الزراعة والاقتصاد والنقل وغيرها، ويتم تقديم مقترحات لترتيب آليات العمل المستقبلية وتقييم القطاعات والمجالات التي يمكن للجزائر أن تساهم بها في مرحلة إعادة الإعمار في سورية، وهذا يتطلب تواصلاً مع الجهات المعنية والنظر في الإحصاءات الموجودة والإمكانيات التقنية والمالية ووضع الأولويات لتتم صياغة ذلك في مبادرات محددة.

ولفت السفير بوشة إلى خبرة بلاده في قطاعات النفط والغاز والنقل وإمكانية استثمار تلك الخبرة لاستعادة التبادلات بين البلدين، والاستفادة في المقابل من تميز سورية في زراعة العديد من المحاصيل والمواد القابلة للتصدير وإمكانية التعاون في مجال السياحة، مشيراً إلى أن التبادل الثقافي بين البلدين لم يتأثر جراء الأزمة التي تعرضت لها سورية حيث شاركت الجزائر في الدورة التاسعة والخمسين لمعرض دمشق الدولي في آب الماضي، كما شاركت العديد من الفرق الفنية السورية والفعاليات الثقافية في المعارض والمهرجانات التي أقيمت في الجزائر.

وعن عدد السوريين الموجودين في الجزائر ومجالات عملهم، بين السفير بوشة أن عدد السوريين المقيمين في الجزائر يقدر بنحو 40 ألف سوري، منهم ما يقارب 15 ألفاً كانوا موجودين قبل الأزمة، مؤكداً أن بلاده احتضنت هؤلاء كأخوة وأشقاء ويعاملون كالجزائريين في قطاعات الصحة والتعليم والعمل، ويعيش معظمهم في المحافظات الشمالية بالجزائر ويمارس أغلبهم نشاطات تجارية وثقافية.