متناقضات عمومية
ربما تكون سورية من أكثر الدول التي عانت وما تزال من هجرة الكفاءات التي أبدعت في الخارج في أكثر من مجال عندما توفر لها المناخ المناسب الذي أعطاها الثقة والدعم المادي المستحق الذي ما زال منكمشاً عندنا!.
ثمة أسئلة تطرح نفسها هنا: هل فكرنا كيف نحمي البقية الباقية من كفاءاتنا التي تطارد من قبل سماسرة الهجرة بهدف إفراغ البلد من كفاءاته، ما هي الإجراءات التي قامت اللجنة الوطنية للهجرة لجهة العمل الجاد للحد منها؟.
البلد قادم على مرحلة إعادة الأعمار وبالتأكيد لن يكون “الإفرنجي” أحن وأوفر على الوطن من أيدي وقلوب أبنائه الشباب، فلنحتضنهم ونخطط لمستقبلهم قبل أن نخسرهم!؟.
العلاقة التي تجمع صدفة كل من سائق التكسي والراكب المستعجل دائما، لم تعد تحتكم إلى السيد “العداد” وستنتهي العديد من تلك “التوصيلات” المأجورة، إما بمشادة كلامية أو بتعبير حاد عن الغضب بالاشتباك.
حجة السائق “العداد” ليس معدلا حسب تسعيرة البنزين التي ترتفع بين الحين والأخر، وحجة الراكب هي العداد نفسه، ما جعل سائقي التكاسي يمارسون انتقائية كارثية للزبائن حسب مقاييس مختلفة، تحكمها المظاهر عادة.
الناس صاروا يتهيبون الصعود بسيارات الأجرة، وأول ما يسألون عنه هو العداد، وهو غاليا أي العداد، إما غير معدل وإما مخفي تحت منفضة السجائر الموجودة في السيارة، فلتجدوا حلا لهذا العداد!، هل هذا مستحيل مثلا؟!.
استمرار خشباتنا المسرحية في تقديم العروض المسرحية للجمهور السوري المحب للمسرح، هو حالة صحية في السلم، وفي الحرب أكثر صحية، لعديد أسباب لسنا في وارد ذكرها لكثرة ما ذكرناها في مقالات أخرى، حيث لا تزال مسارح العاصمة وغيرها من المحافظات السورية الرئيسية، تشهد العديد من أشغال المسرح السوري. إلا أن حالة المراهقة الفنية التي تحملها كسمة عامة معظم هذه العروض، تجعلنا نتساءل، عن المعايير التي على أساسها يقبل نص مسرحي في تلك الجهة أو تلك، ليجاز كي يكون عرضا يقدم للناس في هذه الظروف. القضية أن هذه المراهقة الفنية لا تتنصل من الواقع وطبيعته فقط، بل هي تقحم عليه ما لو أقحم على الإلياذة نفسها من بوهيمية بعض عروضنا المسرحية اليوم، لفسدت
التعامل مع فن “العتابا” العريق، كفن من الدرجة الثانية أو حتى العاشرة –كما يحدث- هو ظلم كبير لهذا الفن الأصيل الذي يتكئ على ثقافة عريقة يحملها الشعر العربي الكلاسيكي، وظلم بحق فنانيه ومؤديه الكبار الذين لا يعجبون خاطر “السميعة الكلاسيكيون” كما يبدو ، كما أن كاميرا برامجنا المنوعة لا تجدهم وسيمين و”فري أو كول” أمامها؟ العجيب أننا ندرجه –أي فن العتابا- على اللائحة الفنون الشعبية كتصنيف وليس كقيمة –قيمته كبيرة ومعروفة- ثم نتكلم كثيرا وطويلا عن الأصالة والتراث، وعند الجد نصبح جميعا نريد “كسارة البندق”.البندق أطيب ربما!!
النتاجات السينمائية هي واحدة من أهم الصناعات التي يعول عليها في رفع منسوب وعي الناس والعمل على تثقيفهم والارتقاء بذائقتهم الفنية وسويتهم الفكرية، وذلك بالاعتماد على السلاسة التي يقدم بها الفيلم السينمائي رسالته المتوخاة. وهذا ما دأبت عليه المؤسسة العامة للسينما في سورية ، وذلك بتحقيقها للعديد من الأفلام السينمائية التي استطاعت أن تلامس مشاعر الناس وهمومهم في مسيرتها. إلا أن عدم توفر هذه الأفلام وندرة وجودها، تعيق وصول الرسائل الفكرية والفنية والتنويرية المطلوبة، فلا يستطيع من لم يشاهد فيلم “الكومبارس” أثناء عرضه في دور السينما أن يذهب إلى مكتبة أشرطة سينمائية للحصول عليه، كذا الأمر بالنسبة ل “صندوق الدنيا” الفيلم الذي لن تجدوه بأي مكان، أيضا أفلام من قبيل الفيلم الذي أنتجته المؤسسة العام المنصرم عن الجيش العربي السوري، والذي لم يشاهده إلا القليل من الناس في الوقت الذي يجب أن يكون فيه في متناول اليد نظرا لأهمية رسالته الآن، وعموما عدم توفر الأفلام التي أنتجتها المؤسسة للمشاهدة كما أي أفلام أخرى بين يدي الجمهور.
تفتر الشفاه عن ابتسامات سعيدة- خصوصا السيدات- وهي تقرأ إعلانات التخفيضات التي تعلقها المحال التجارية الخاصة بالألبسة على واجهاتها الزجاجية اللامعة عند اقتراب نهاية كل موسم، حيث تصل تلك التخفيضات لنسبة تتراوح بين 50 إلى 70%. تلك الابتسامات ستعود للانتكاس بعد ولوج العديد من هذه المحال والخروج منها بخفي حنين عوضا عن حذاء بسعر مخفض أو قميص أو سروال، فالناس أدركت وهمية تلك التخفيضات، وبأنها ليست إلا ضحكا على الذقون، وينطبق عليها المثل القائل “من دهنو سقيلو”!.
تمّام علي بركات