وليم فوكنر.. 7 نصائح في الكتابة الروائية
يعتبر الكاتب والشاعر الأمريكي “وليم فوكنر- 1879-1962، واحدا من أهم الكتُّاب وأكثرهم تأثيرا في القرن العشرين، فالرجل الذي نال جائزة نوبل على جائزة نوبل في الأدب عام 1949، كما نال جائزة بوليتزر في عام 1955 عن حكاية خرافية، وفي عام 1963 عن الريفرز، على رغم أن أدبه ينطلق من بيئة محلية وحيز جغرافي ضيق، وهو الجنوب الأميركي حيث ولاية ميسيسيبي ـ موطن فوكنر. كل رواياته تقريباً تدور أحداثها داخل هذا الحيز الذي يعرفه المؤلف جيداً قبل أن تطبق شهرته الآفاق، كما أن أبطاله يتشابهون في معظم أعماله، وهم في الحقيقة يشبهون إلى حد كبير شخصيات مرت في تاريخ أسرة فوكنر، وفي تاريخ مدينته التي طالما تعلق بها، وعندما يذهب روائي وشاعر إلى اقصى حدود الخيال الممتزج بشيء من الاستشراف لمآلات مستقبلية، يصوغها لسان حال واحدة من شخصياته الروائية، فإنه يدرك تمام الإدراك، أنه تقع على عاتقه العديد من المهام الجسورة اتجاه ليس القراء فقط بل الكتاب الآخرين، الذين يعتبرون أن صاحب “الصخب والعنف” هو أساسا مبدع مذهب روائي جديد ومختلف عن كل ما سواه، لذا سوف يتوجه إليهم “فوكنر بالعديد من النصائح المهمة، والتي سنختار منها بعضها ليكون أيضا في متناول القراء من خلال -البعث ميديا- علها تهدي كاتبا بأمس الحاجة لها بحيث تخرجه من ورطة التعامل مع أشد الشخصيات تعقيدا في أبعادها النفسية والفيزيولوجية، كما أنها أي تلك النصائح “الفوكنرية” إن صح التعبير، هي بحد ذاتها أدبا لا يقل في أدبيته والتقاطه الهام لأكثر ما يغني عوالم الشخصية ويكسيها لحما ودم، فالروائي الأكثر شهرة، يعلم تماما كيف يحدد أرائه ويجعلها بمثابة دروس متتالية، لمن أراد الخوض في هذا النوع من الفن، الرواية، وكان قد عرض فوكنر الكثير من النصائح للكتّاب الشباب في عام 1957 وعام 1958، عندما كان كاتبًا زائرًا في جامعة فيرجينيا. وفي ذلك الوقت تم تسجيل العديد من محاضراته وخطاباته العامة، التي كان يستغرق بعضها وقتًا – 28 ساعة من المناقشة، وهاكم تلك النصائح البديعة:
1-. “خُذ ما تحتاجه من الكتّاب الآخرين”.
لم يتردد فوكنر في استعارة ما يجده مفيدًا – من أداة أو تقنية – من الكتّاب الآخرين. في 25 فبراير، 1957، في محاضرة الكتابة قال: أعتقد أن الكاتب، وكما قلت من قبل، غير أخلاقي تمامًا. يأخذ ما يحتاجه، كلّما احتاجه، وإنّه يفعل ذلك بصراحة وصدق لأنه هو نفسه يودُّ في أن يكون ما يفعله جيّدًا بما فيه الكفاية حيث يأخذ منه الآخرون من بعده، وهُم مدعوون إلى الأخذ منه، كما يشعر بأنه سيكون مرّحبًا من قِبل أفضل من سبقوه لأخذ ما قاموا به.
2: لا تقلق بشأن الأسلوب…الكاتب الحقيقي – الذي “تَقوده الشياطين” لاستخدام عبارة فوكنر- مشغول جدًا بالكتابة كي يقلق بشأن الأسلوب. في 24 أبريل، 1958، في محاضرة الكتابة الجامعية، يقول فوكنر:
أعتقد أن القصة تفرض أسلوبها الخاص إلى حد كبير، حيث أن النمط لا يتطلّب من الكاتب مجهودًا كبيرًا. إن كان قلقًا بشأن الأسلوب، إذنْ سوف يكتُب فراغًا ثمينًا -ليس بالضرورة هراء- ستكون جميلة جدًا وتسرُّ الأُذن، ولكن لن يكون هناك الكثير من المحتوى في ذلك.
3: اكتُب عن تجربة، لكن احتفظ بمفهوم واسع جدًا من “التجربة”. اتّفق فوكنر مع القول المأثور القديم حول الكتابة من تجربتك الشخصية، وذلك فقط لأنه يعتقد بأن من المستحيل أن تفعل خلاف ذلك. حيث كان لديه مفهوم شامل وملحوظ عن “التجربة”. في 21 فبراير، 1958، في محاضرة الرواية الأميركية لطلبة الدراسات العليا، يقول فوكنر:
بالنسبة لي، التجربة هي أي شيء تُدركه بوَعي. ويمكن أن تأتي من الكتب، كتاب -قصة- حقيقية وحيَّة بما فيه الكفاية لتؤثّر بكم. تلك في رأيي، هي إحدى تجاربكم. ليس بالضرورة أن تفعلوا ما قام به شخوص هذا الكتاب، ولكن إذا بدا لكم ما يجري حقيقيًا، حيث أن تفهموا سبب ما قاموا به وتشعروا بمشاعرهم التي دفعتهم إلى فعل ذلك، هذه تجربة بالنسبة لي. إذنْ من تعريفي الخاص للتجربة، إنه من المستحيل أن تكتب أي شيء لم يكن تجربة، لأن كل شيء كنت قد قرأته وسمعته ولمسته وتخيلته هو جزء من التجربة.
4: تعرّف على شخصياتك جيدًا والقصة سوف تكتب نفسها.
يقول فوكنر، عندما يكون لديك إدراك واضح عن الشخصية، ينبغي على الأحداث أن تتدفق بشكل طبيعي في القصة وفقًا للصراع الداخلي للشخصية. ويقول فوكنر، “معي، الشخصية هي من ينجز العمل”. في 21 فبراير 1958، في المحاضرة نفسها عن الرواية الأميركية، سأل أحد الطلاب ما إذا كان استحضار الشخصية في الذهن أصعب من كتابتها على الورق بعدما استحضرها الذهن. ردَّ فوكنر قائلاً:
سوف أقول استحضار الشخصية في الذهن. حيثما تكون صائبة وحقيقية في عقلك، إذنْ سوف تعمل بنفسها. كل ما عليك فعله فيما بعد هو الهرولة وراءها وتدوين كل ما تفعله وتقوله. إنه ازدراد ومن ثم حبَل. عليك أن تعرف الشخصية. عليك أن تؤمن بها. عليك أن تشعر بأنها حيَّة. وطبعًا بعد ذلك، عليك أن تنتقي وتختار ما هو ممكن من أفعالها، بحيث تتناسب مع الطابع الذي تؤمن به. وفيما بعد، عملية كتابتها على الورق ميكانيكية.
5: تعرّف على شخصياتك جيدًا والقصة سوف تكتب نفسها.
يقول فوكنر، عندما يكون لديك إدراك واضح عن الشخصية، ينبغي على الأحداث أن تتدفق بشكل طبيعي في القصة وفقًا للصراع الداخلي للشخصية. ويقول فوكنر، “معي، الشخصية هي من ينجز العمل”. في 21 فبراير 1958، في المحاضرة نفسها عن الرواية الأميركية، سأل أحد الطلاب ما إذا كان استحضار الشخصية في الذهن أصعب من كتابتها على الورق بعدما استحضرها الذهن. ردَّ فوكنر قائلاً:
سوف أقول استحضار الشخصية في الذهن. حيثما تكون صائبة وحقيقية في عقلك، إذنْ سوف تعمل بنفسها. كل ما عليك فعله فيما بعد هو الهرولة وراءها وتدوين كل ما تفعله وتقوله. إنه ازدراد ومن ثم حبَل. عليك أن تعرف الشخصية. عليك أن تؤمن بها. عليك أن تشعر بأنها حيَّة. وطبعًا بعد ذلك، عليك أن تنتقي وتختار ما هو ممكن من أفعالها، بحيث تتناسب مع الطابع الذي تؤمن به. وفيما بعد، عملية كتابتها على الورق ميكانيكية.
6: اقتصد في استخدام اللَّهجة.
في الأرشيف الصوتي لاثنَين من البرامج الإذاعية المحلية المدرجة في جامعة فيرجينيا، ذكَرَ فوكنر بعض الأمور المثيرة للاهتمام عن الفروق الدقيقة في مختلف اللهجات التي يتحدث بها مختلف الجماعات العرقية والاجتماعية في ولاية ميسيسيبي. ولكن في 6 مايو، 1958، في البرنامج الإذاعي “ما هي الكلمة الجيّدة؟” حذّر فوكنر الكتّاب من الاسترسال قائلًا:
أعتقد بأن استخدام أقل قدر ممكن من اللهجة هو الأفضل لأنه سوف يعمل على تشويش من هُم غير معتادين عليها. بل يجب أن لا نسمح للشخصية أن تتحدث تمامًا بلهجتها الخاصة. ومن الأفضل الإشارة إليها بلمسات بسيطة وضئيلة بحيث يمكن تمييزها.
7: لا تستنفد خيالك.
قال فوكنر، “لا تستنزف أدواتك في كتابة نهاية الفصل أو نهاية الفكرة”. ذكر هذه النصيحة لأكثر من مرة خلال محاضراته في ولاية فيرجينيا، و هي مطابقة بقوة لما قاله إرنست همنغواي في كثير من الأحيان. في 25 فبراير، 1957، في محاضرة الكتابة، يقول فوكنر:
القاعدة الوحيدة لديَّ هي الانتهاء بينما لا تزال متأججة. لا تستنفد قدراتك أبدًا. دائمًا توقف عندما تسير بشكل جيّد. ثمّ سيكون من الأسهل تناولها مرة أخرى. إذا استنفدت نفسك، سوف تدخل في مشكلة مع تعويذة الموتى.
وأيضا : لا تختلق الأعذار.
في 25 فبراير، 1957، في محاضرة الكتابة نفسها، وجّه فوكنر بعض الكلمات الحادة للكاتب المحبط الذي يلوم ظروفه:
لا صبر لدي، وأنا لا أرتكز على تكتُّم المبدعين. أعتقد أن إذا قاده الشيطان لقول شيءٍ ما، سوف يقوم بكتابته. ويمكنه إلقاء اللوم على حقيقة أنه لا يُحوّل العمل إلى الكثير من الأشياء. لقد سمعت ناس يقولون، “حسنًا، لو لم أكن متزوجة ولدي أطفال، لأصبحت كاتبة”. وسمعت آخرين يقولون، “لو كان بإمكاني التوقف عن فعل هذا، لأصبحت كاتبًا”. لا أصدّق ذلك. أعتقد بأنك لو أردت الكتابة سوف تكتب، ولا شيء سوف يوقفك.
البعث ميديا || إعداد : تمام علي بركات