النحات هادي عبيد: أهدي سورية “سبع حمائم” للسلام
يملك النحات هادي عبيد شغف حساس وآسر اتجاه المنحوتات الكبيرة، سواء كانت على الخشب أو الحجر، وينجح ويتألق في ذلك كثيرا. تكاد تكون المرأة بكل تجلياتها وتسمياتها، هي الأكثر حضورا في منحوتاته، إلا أنه وفي تكوين الجسد الأنثوي، والمرأة عموما لايلجأ إلى التجسيد المادي الحسي، أو الإثارة أو غير ذلك، بل نجد أن المرأة في أعماله تتخذ حالات إنسانية راقية وشفافة، وتكون في ذات الوقت الحامل لموضوعات إنسانية ذات دلالات عميقة، ولموضوعات إنسانية، ودلالية ذات صبغة تتحمل الكثير من التفسيرات… وهي تتخذ عدة أشكال وحالات مختلفة قد تبدو كشكل كمثرى، وجذع شجرة موغلة بالأصالة، وشكل سنديانة تتحدى الريح والعواصف في ثباتها، وشكل يمامة تحمل عدة رسائل للغيّاب وللعشاق.
إذا عند النحات هادي عبيد في جل أعماله سنجد ذواتنا، أمام علائق وشائجية، وحالات حميمية وجمالية تستدرج الذائقة الجمعية إلى سر إدهاشها للمتلقي.
منذ سنوات ليست بالبعيدة وفي أحد أعياد الأم، أهدى الفنان هادي عبيد (400) منحوتة لوجه الأم إلى (400) أم سورية، في ظاهرة هي الأولى من نوعها في سورية وفي الوطن العربي.
(العمل لم يكن يحمل وجها صريحا لأم ما، بل كان يعبر عن صفات الأم النبيلة وللبئر الأولى لينبوع الحنان الذي لا ينضب، والحضن الذي لا يخطئه القلب، ولا تتوه عنه بوصلة الروح).
يرى الفنان عبيد أن الخشب يقينه ونافذة خلاصه وإطلالته على العالم، وأن الحجر صديقه اللدود.. وللبرونز تلك المتعة الإبداعية وتلك النكهة الخاصة التي لا تنسى.. وللبولستر رؤاه الخاصة.. ولحجر البازلت الموغل في تراث سورية وتاريخها نصاعة اليقين والأصالة والجذور.
شارك الفنان هادي عبيد في العديد من ملتقيات النحت لعّل أهمها كان في أسبانيا، ومن ثم باقي الملتقيات السورية من قلعة دمشق إلى مشتى الحلو، إلى العديد من الملتقيات الهامة.
وهو يرى أن الملتقيات فرصة هامة ومفيدة للاتقاء مع زملاء وأصدقاء يجمعهم فيها هاجس الإبداع والبحث عن أساليب وتقنانات معرفية حداثوية… وتفاعل إنساني وروحي وفني وسمو نحو فضاءات تمتد إلى سماوات قريبة من أرواح البراءة الأولى .
في أعماله الأخيرة على سيل المثال، قدم هادي عبيد أعمالا نحتية على غاية من الأهمية منها على سبيل المثال:
منحوتته التي أسماها بالعلم السوري: هذا العمل النحتي نفذه على خشب الزيتون، وأسماه العلم السوري. وهو يمثل عائلة سورية تتألف من أم وأب وطفل، الطفل متكأ على صدر أبيه يكل براءة، وتبدو الأم من الجهة الثانية من العمل الفني هذا، تبدو الأم تحمي طفلها وزوجها، وكادر العمل الأساسي، هو العلم السوري بحيث نلاحظ أن العائلة طالعة من نسيج العلم السوري، وهو ما أراد الفنان التعبير فيه عن الوحدة السورية أرضا وشعبا. هذا العمل بارتفاع 180سم، قام بنحته بملتقى قلعة دمشق للنحت في العام – 2013.
وإذا ما توقفنا قليلا عند عمله النحتي (سبع حمائم) هذا العمل النحتي مادته الأساسية من خشب السرو ارتفاعه مترين و30 سم قطره 70سم، قاعدة هذا العمل (القاعدة هي عبارة عن بيوت دمشقية قديمة وأحياء دمشق القديمة، جوامع، كنائس، دروب عتيقة، وأمكنة ما تزال في البال). من قاعدة التمثال تبرز امرأة شامخة مثل شموخ سورية، هذه المرأة اعتبرها الفنان رمز لدمشق، ومعها طيور السلام التي تساعد على إنقاذ سورية من أزمتها. هذا العمل تنقل من مكتبة الأسد إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، إلى نقابة الفنون الجميلة.
البعث ميديا || خاص – أحمد عساف