أكثر من خمس عشرة مخالفة واعتداء على مواقع مصياف الأثرية
ألحق الإهمال وعدم المتابعة، بقصد أو غير قصد، أضراراً بالغة بمواقع مصياف الأثرية، وبخاصة موقع الرفنيه القريب من بلدة نيصاف، علاوة على إشادة أبنية خلافاً للأصول في حرم سور قلعة مصياف، حيث أكد عدد من العاملين في شؤون شعبة الآثار بأن الموقع المذكور تجاوز عدد المخالفات فيه عن الخمس عشرة مخالفة، تمثلت بإشادة الأبنية فضلاً عن فلاحة أرض الموقع زراعياً، وتضيف هذه المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها بأن كل هذه المخالفات لم ينظم فيها ضبط واحد، ولم تحرك ساكناً لجهة قمعها وفقاً لما جاء في لجنة التقرير رقم 716 تاريخ 12/10/2017.
واللافت في الأمر أن مدير آثار حماة لا يعلم عن هذا التقرير، ونفى وجوده كما شكا رئيس مجلس مدينة مصياف من عدم تعاون شعبة آثار مصياف بشكل شجع وجود عدد من مخالفات البناء، ومنها تحديداً على حرم سور القلعة متهماً إدارة شعبة الآثار بعدم الكفاءة والجدية في العمل.
أسئلة عديدة تطرح نفسها، كيف تغض شعبة آثار مصياف النظر عن هكذا مخالفات واعتداءات على موقع أثري يعتبر بمثابة مدينة قائمة بحد ذاتها، حالها كحال مدينة أفاميا، بل لماذا اختفى التقرير الذي أعدته اللجنة حول التطاول والاعتداءات على المواقع الأثرية وسور القلعة؟.
من أخفى التقرير؟
الكتاب الصادر عن إدارة شعبة الآثار، والمسجل بديوان شعبة آثار مصياف برقم 716 تاريخ 25/5/2017 يتضمن تشكيل لجنة أو فريق عمل، مهمته القيام بجولة على منطقة الرفنيه الأثرية، ومقارنة الحدود بين المخطط والواقع، وإعداد تقرير يتضمن جميع المخالفات في المنطقة الأثرية، ومقارنتها مع الضبوط الموجودة والمنظمة من قبل شعبة الآثار.
ويمضي التقرير ليقول: وفقاً لما نقله لنا مصدر مطلع ومؤكد من العاملين في آثار حماة بأن فريق العمل هذا كشف عن وجود من 14 -15 مخالفة، بل أكثر من ذلك، مثل إشادة البناء في الموقع المذكور، عدا عن العمليات الزراعية الأخرى في الموقع المذكور نفسه، أي الرفنيه فقط ونبع التنور وقلعة بعرين وحرمها، وبعض المواقع الأخرى فيها مثل التنقيبات السرية.
وأكد المصدر بأنه حتى الآن لم يتم تنظيم ضبط واحد بحق أصحاب هذه المخالفات وفقاً لما جاء في تقرير اللجنة رقم 716 تاريخ 12/10/2017 المسجل في ديوان شعبة آثار مصياف.
صح النوم
في قراءة متأنية، وبالتدقيق في الفترة الممتدة ما بين تسمية اللجنة وإعداد تقريرها، نجد أن الرد على ما جاء في التقرير جاء بعد خمسة أشهر، وهذا يعني شيئاً واحداً هو محاولة تمييع القضية بتسطير كتاب للمديرية العامة للآثار بدمشق التي تتحمّل قسماً كبيراً من هذه التجاوزات، حيث لم تحرك ساكناً حيال ذلك، وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد؟!.. هذا ما يتعلق بموقع الرفنيه الأثري الهام، أما ما يتعلق بالمخالفات الأخرى، كما هو الحال بحرم سور قلعة مصياف، فقد ذكر رئيس مجلس مدينة مصياف الدكتور قاهر أبو الجدايل: لقد غضت شعبة آثار مصياف الطرف عن مخالفة مؤلفة من طابقين، قريبة من سور وحرم القلعة، متسائلاً: لماذا سمح لصاحب البناء بإشادة الطابقين، ولم يتم توقيفه عن متابعة العمل قبل الشروع بالتنفيذ؟!.
وأضاف أبو الجدايل قائلاً: لا يمكن لأحد أن يشيد بناء مؤلفاً من طابقين في موقع أثري هو حرم سور القلعة لو كانت هناك متابعة وقمع لهذه المخالفة؟!.
أحد العاملين في مديرية آثار حماة قال: نعم هناك بناء مخالف لحرم سور قلعة مصياف وحرمها رغم أن المسموح به هو 35 بالمئة من مساحة العقار، ووفقاً لذلك يجب أن تكون مساحة العقار 400 متر تقريباً، مع الحفاظ على الارتفاع بحدود طابقين فقط، طبعاً بعد الحصول على موافقة الآثار، مضيفاً: لقد تمت إشادة البناء دون موافقة، ودون تنظيم ضبط، وفقاً لما نقله موظف الآثار.
غير ملحوظ
لابد من الإشارة إلى أن موقع آثار الرفنيه ينظر إليه، بل يعتبر الآثاريون حاله كحال مدينة أفاميا في منطقة الغاب، إذ ساهمت البعثة الأثرية الألمانية في مسح الموقع واكتشافه، حيث رصدت آنذاك وجود أسواق، وأبنية لسكن الجنود، وكنائس، ومعابد، وحمامات، وأنابيب لجر المياه، وعدد كبير من الكتابات، والتيجان، وما هو غير ملحوظ ومكتشف أكثر بكثير من كل ذلك، ومع كل هذا وذاك تغض شعبة آثار مصياف ومديريتها بحماة الطرف عن كل هذه المخالفات!.
محمد فرحة