الخطر القادم.. “الوطن البديل”
“الوطن البديل”.. وهل للوطن بديل.. وكيف للوطن أن يغفر لنا إن تنازلنا عنه واستبدلناه بآخر؟!..
صفقة القرن، صفقة الوطن البديل للفلسطينيين، الصفقة الصفعة لكل فلسطيني ولكل عربي، وللعالم بأسره، مخطط صهيوني قديم – جديد، اشتُغل عليه لسنوات طويلة، ليبدأ عرابوه مؤخراً بالتمهيد لتحقيقه، وليصار لاحقاً إلى الحديث وبجدية عن تنفيذ بنوده.
تقر هذه الصفقة بتنازل واضح وصريح عن أرض فلسطين، وبموافقة قيادات فلسطينية، وسط تواطؤ خليجيي عربي من خلال اتفاقات وتفاهمات دولية باتت علنية تحت مسمى “سلامهم” الزائف.
يقوم المخطط على ثلاثة أبعاد رسمها الكيان الإسرائيلي المحتل؛ أولها الاعتراف الدولي والعربي، وحتى الفلسطيني، بـ “إسرائيل” كدولة على أرض فلسطين، وثانيها التنازل عن هذه الأرض، ليس ذلك فحسب، بل أيضاً العمل على توسيعها من خلال التنازل عن مناطق إضافية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أما البعد الثالث والأهم فهو تصفية القضية الفلسطينية والإجهاز عليها وشطب حق العودة، وإلغاء ملف اللاجئين الفلسطينيين، وشطب حقوقهم، وتوطينهم.
وُضع المخطط عام ٢٠١٠، حين أعلن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء “جيورا أيلاند”، عرض المشروع الإسرائيلي المقترح لتسوية الصراع مع الفلسطينيين في إطار دراسة مريبة أعدها لصالح مركز “بيغن – السادات” للدراسات الاستراتيجية، ونشرت منتصف شهر كانون الأول في (٣٧) صفحة تحت عنوان: “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين”.
المشروع برمته قائم على إنشاء وطن بديل للفلسطينيين، بتوفير أرض بديلة لهم في شبه جزيرة سيناء، ونص المشروع الإسرائيلي التآمري على تزويد الدولة الفلسطينية بمساحات من أراضي سيناء يصل إلى 720 كيلومتراً مربعاً، ويبدأ من الحدود المصرية مع غزة، وحتى حدود مدينة العريش، على أن تحصل مصر على 720 كيلومتراً مربعاً أو أقل قليلاً من صحراء النقب الواقعة تحت سيطرة الاحتلال.
بدأت المعالم الأولية للتطبيق الفعلي للصفقة تظهر بشكل جلي مؤخراً ، بدءاً بالدعوة إلى تطبيع كامل وعلني مع الاحتلال الإسرائيلي؛ وذلك عن طريق عقد اتفاقات وتفاهمات مع بعض أنظمة المنطقة، خاصة بعض دول الخليج، ونظام آل سعود على وجه التحديد، حيث قامت هذه الأنظمة بممارسة الضغط على كبار الشخصيات الفلسطينية من أجل القبول بهذه الصفقة.
كما أتى الاعتراف السافر، لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال في إشارة أكيدة لمؤامرة قادمة أكبر وأشد خطورة، إضافة للدعوات الإسرائيلية لإنهاء عمل الأونروا والذي يؤكد توافق الإدارة الأمريكية مع الاحتلال الاسرائيلي على تصفية قضية اللاجئين، وهو هدف سياسي واضح يستهدف خدمة الاحتلال الاسرائيلي وأطماعه التوسعية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
ومع توالي الأحداث بمنطقة الشرق الأوسط وتسارعها، بدأ التنفيذ الجدي للصفقة يتضح بشكل أكبر، لتأتي الاجتماعات السرية في الأردن بين الرئيس المصري والأردني ورئيس وزراء العدو، حيث تكررت اللقاءات وجلسات حبك المؤامرات التي وصلت إلى سيناء فأفرغتها من سكانها الأصليين، وجرى التهجير الممنهج لأبنائها بحجة محاربة الإرهاب، وأخليت المنطقة بقصد التمهيد لأمر كبير يدبر لسيناء، ريثما يحين الموعد؛ الإعلان عن الوطن البديل للفلسطينيين..
ما يخططون له خطير، والخطورة لن تقف عند حدود فلسطين، بل ستتمدد أحلامهم الصهيونية التوسعية حتى تشمل كل الدول المجاورة، وبرعاية حكومات عربية أثبتت تخاذلها في كل موقف.
لقد كانت سورية، ومازالت، تعتبر فلسطين قضيتها المركزية في صراعها مع العدو الاسرائيلي، يساندها في ذلك محور المقاومة، محور الحق؛ الداعم الأكبر للفلسطينيين حتى استعادة وطنهم بالكامل، ومهما تواطأت الأمم على هذا الحق، سيبقى قوياً مستمداً العزيمة من أصحاب الحق والمدافعين عنه حتى يعود إلى أصحابه.
هديل فيزو
تحليل عميق…واضاءة رائعة على نقطة تستحق