في كتابها قصة البداية.. كوليت الخوري توثق لمشروع عين الفيجة
وظفت الأديبة كوليت الخوري بأسلوبها الأدبي الرشيق وثائق جدها المناضل الوطني الراحل فارس الخوري في كتابها الذي بينت عبره مراحل إنجاز مشروع عين الفيجة ليغدو المصدر الرئيسي لمياه الشرب لسكان مدينة دمشق منذ ثمانين عاما.
وتورد الأديبة الخوري في كتابها بعنوان (فارس الخوري ومشروع عين الفيجة.. قصة البداية) الأسباب التي دفعتها لتأليفه وتمثلت في العدوان على سورية وما ارتكبه الإرهابيون من جرائم بقطع مياه عين الفيجة عن دمشق ظنا منهم أن ذلك قد يلحق الهزيمة بسورية.
وتبين الخوري في كتابها أن مياه نبع الفيجة من أنقى مياه الينابيع في العالم حيث تظهر الدراسات الأثرية أن الرومان استغلوه للشرب فحفروا الأقنية قربه ومازال بعضها موجودا غير أن معظمها تخرب بسبب الإهمال ومرور الزمن فصارت دمشق ترتوي من مياه بردى حتى مطلع القرن الـ 20 عندما جرت مياه الفيجة إلى المدينة عبر قساطل ووزعت على حوالي 500 سبيل في جميع أنحائها.
وتورد الخوري في كتابها رسالة وجهها فارس الخوري إلى الأديب محمد كردعلي سنة 1904 يشرح فيها فكرته بجر الماء من عين الفيجة إلى دمشق لأجل الشرب وبناء حوضين ضخمين لتخزين المياه أحدهما قرب النبع والثاني جانب الصالحية مع أنبوب لنقل الماء بينهما مع حساب لكلفة المشروع.
كما يعرض الكتاب رفض الخوري سنة 1921 وكان وقتها مستشارا حقوقيا لبلدية دمشق مشروعا تقدمت به سلطات الاحتلال الفرنسي لجر مياه النبع عبر شركة فرنسية لأنه وجد شروط الامتياز تضر بمصلحة السكان والمدينة مقترحا تأسيس مشروع وطني تكون فيه ملكية المياه للأمة كما رفض مشروعا مماثلا تقدمت به غرفة تجارة دمشق قام على تأسيس شركة تجارية مساهمة لتنفيذ المشروع.
وكان الاقتراح البديل الذي وضعه فارس الخوري حسب الكتاب ليأخذ طريقه للتنفيذ تأسيس جمعية أهلية تعاونية لتنفيذ مشروع جر المياه حيث يحصر الفائدة بأهالي مدينة دمشق عامة لا شركة معينة ويقضي بتمليك الماء لأصحاب الأملاك في المدينة ليبقى المشروع وطنيا أهليا.
وتوضح الأديبة الخوري أن مشروع عين الفيجة رغم ممانعة الاحتلال الفرنسي الشديدة له دشن في 3 آب عام 1932 باحتفال أقيم في حديقة المنشية ألقى خلاله فارس الخوري كلمة شرح فيها طبيعة المشروع وأهميته بألا يستأثر الأجنبي بمنابع ثروات البلاد فيبيعها لأهلها.
يذكر أن الكتاب صدر عن دار أمية ويقع في 78 صفحة من القطع الكبير ويضم وثائق لمراسلات ومحاضر اجتماعات وصور توثق لتنفيذ مشروع عين الفيجة عبر ثلث قرن مذ كان فكرة ليغدو إنجازا وطنيا وسابقة في إدارة الموارد المائية بالعالم.