التطبيع العلني يفتح الطريق أمام “صفقة ترامب”
قبل سنوات عديدة.. قال مؤسس الإمارات زايد بن سلطان آل نهيان “إنه سيدفع المال لرمي ديمقراطية الكيان في البحر”.!!
المشهد تغير كثيرا منذ ذلك الوقت حتى اليوم.. فمن امسكوا بإرث زايد لديهم رؤية مختلفة.. لا مانع من التطبيع مع كيان الاحتلال، فكرة بسيطة لدرجة أنه لم يعد مستغربا مشاهدة وزيرة الرياضة في كيان الاحتلال ميري ريغيف تتبختر في باحة مسجد مسمى باسم الشيخ زايد نفسه في قلب أبو ظبي، فيما الوفود الرياضية التي ترأستها ريغيف تشارك في مسابقات ويذاع نشيد الكيان “الصهيوني” المحتل في قلب العاصمة الإماراتية.
وبطبيعة الحال زيارة ريغيف إلى الإمارات ليست أولى وجوه التطبيع، ولن تكون أخرها، فقبلها كانت زيارة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عمان، وقبله كانت وفود رياضية من الكيان تزور مشيخة قطر وترفع علم الاحتلال في عاصمتها، وأيضا إلى البحرين..
الأمر الأول الملفت في كل ذلك أن العلاقات بين الاحتلال وهذه الدول العربية علني، فلا حرج تشعر به تلك الدول من رفع علم الاحتلال أو إذاعة نشيده، أما الأمر الثاني فهو أن بوصلة التطبيع، التي تأتي بجهود قادة الكيان، تشير لدول هي نفسها التي تروج لما يسمى “تحالف الناتو العربي الإسرائيلي”.
أما في الخلفيات، فمن الواضح أن حركة التطبيع الأخيرة لا تخرج من سياق الترويج لصفقة ترامب التي يتوقع إعلانها بعد أسابيع، ولإيجاد قبول لهذه الصفقة لدى الشارعين العربي والإسلامي، وإن كان قبولا مزيفا أو وهميا، فلا بد من تعويم موضوع التطبيع الذي يوحي كذبا بشرعية وهمية لكيان الاحتلال لدى دول عربية بشخص حكامها.
ولان ترامب وصهره كوشنير يراهنان على نجاح الصفقة لتسجيل انجاز حقيقي، في قضية تعتبر الأكثر تعقيدا في العالم، كان لا بد من تهيئة الأرضية تمهيدا لتنفيذها، لتأتي حركة التطبيع الأخيرة، والتي تظهر فيها بصمات السعودية التي تقود التطبيع العلني سنوات.
هنا يبرز عامل آخر في كل هذه المسارات، وهو السهولة التي يقدم فيها السعوديون ورقة التطبيع، والتي ترتبط بالمآزق الأخير لولي عهد بني سعود محمد بن سلمان، على خلفية قتل الصحفي جمال خاشقجي، فابن سلمان لم يجد أمامه إلا اللجوء إلى واشنطن والكيان لتأمين حماية من التبعات الدولية لقضية خاشقجي.
من الجدير الإشارة إلى أن ابن سلمان تبادل رسائل مشفرة مع جاريد كوشنير قبل وبعد مقتل خاشقجي، وهذه المراسلات موجودة لدى وكالة الأمن الوطني الأميركية، فضلا عن أن مسؤولين في الكيان كانوا في صلب هذه المراسلات، وذك وفقا لما نشره موقع “ويان مادسن” الاميركي.
وهنا تطرح أسئلة عدة أهمها، هل سيتمسك ترامب ومعه نتنياهو بابن سلمان، مع أهميته لتمرير “صفقة القرن”، في ظل انخفاض أسهمه وتحوله إلى حصان خاسر؟؟.. كيف سيكون شكل تحالف “الناتو العربي الإسرائيلي” في المرحلة المقبلة وما هي أولى مهامه؟.. وهل نجاح التطبيع على المستوى الرسمي مع دول عربية، سيتجاوز عقدة الشارع العربي المتمسك بالقضية والرافض للتطبيع؟
الجواب الوحيد المؤكد في هذه الحالة هو أن أي مشروع ليس مبنيا على شرعية الشعوب سيسقط.. هذا ما يؤكده التاريخ ببعده السياسي والاجتماعي والإنساني..