إرث فني نادر لعمالقة الزمن الجميل في مكتبة (أبو فريد)
مقتنيات تختصر إرثا نادرا لعمالقة وعباقرة من أيام الزمن الجميل تخلد من خلالها مكتبة محمد المصري (أبو فريد) أعمالا وإبداعات لعمالقة الموسيقا والفن الذين تركوا بصماتهم الخالدة في تراثنا تبدأ بتسجيلات نادرة مرورا بآلات موسيقية تراثية قديمة وصولا إلى اسطوانات موسيقية يزيد عددها على نصف مليون.
هذه المقتنيات جميعها مؤرشفة لدى أبو فريد الذي نذر نصف قرن من عمره لجمعها ليكون بذلك الأول في الوطن العربي الذي يمتلك هذا الأرشيف الضخم من الاشرطة والصور والافلام والافيشات السينمائية والمجلدات والبروشورات وغيرها.
ولم يكتف أبو فريد الذي لقب بهذا الاسم نتيجة حبه وعشقه للموسيقار الراحل فريد الاطرش بذلك بل اهتم بالآلات الموسيقية وخاصة التخت الشرقي كالعود حيث تعود جميع مقتنياته إلى الفترة ما بين 1920 و1980 لاعتباره أن جيل العمالقة انتهى.
من يجول في أرجاء معرضه المقام حاليا في المركز الثقافي العربي بالميدان يتخيل له أنه أمام متحف فني وسينمائي وموسيقي لا تقدر قيمته بثمن يحتوي ارشيف البروشورات السينمائية النادرة وعشرات المجلات والصور والكتب التي تتكلم عن الموسيقا في سورية منذ بداياتها وألات تسجيل قديمة تعود لعام 1965 ولفافات أشرطة فيديو وآلة عرض سينمائية قديمة من عام 1930 وأصغر راديو ترانزستور في العالم ومسجلة كاسيت مع راديو مع بيك اب.
وفي معرض الباحث الفني أبو فريد نجد صندوق السمع الذي يعد الأقدم في سورية يعمل على اسطوانة الشمع ويعود لعام 1920 وأقدم مسجلة بكر في سورية تعود لعام 1940 واسطوانات مهداة من عازف الكمان الفنان ياسين العاشق بخط يده وعزف وغناء بصوته عام 1968.
للموسيقار الكبير الراحل فريد الأطرش حصة كبيرة في أرشيف المصري حيث يمتلك كل ما يتعلق به من بداياته وحتى رحيله ومنها صور نادرة شخصية وجماعية وبطاقة دخول لحضور حفلته بدمشق تعود لعام 1972 وأول اسطوانة له تعود لعام 1934.
صاحب المكتبة الذهبية في الموسيقا والغناء في مصر وسورية ولبنان أوضح أنه يمتلك أكبر أرشيف في الوطن العربي فنيا وسينمائيا، إضافة إلى الموسوعات والأفلام السينمائية وآلة عرض أفلام والمجلات والاسطوانات القديمة واصغر راديو بالعالم واسطوانات قديمة لكبار الفنانين، مؤكدا أن كل ما جمعه كان بمجهود شخصي منه منذ أن كان بعمر العشر سنوات لأنه يهوى الفن ويعشق عمالقته ومبينا أنه رفض بيعه أو الاتجار به لإصراره على بقائه معروضا داخل الوطن للجمهور السوري.
وحول تعلقه بالموسيقار الراحل الأطرش يشير المصري إلى أنه يمتلك أكبر أرشيف لأعمال هذا الموسيقار في العالم ويتضمن جميع أغانيه مع وثيقة من شقيقه منير الاطرش تؤكد ذلك إضافة إلى وجود 400 لوحة للراحل ما حمله الكثير من الجهد والأعباء التي تقبلها مسرورا.
وفي أرشيف المصري حسبما ذكر أيضا 100 مجلد لألف مطرب سوري ولبناني ومصري وسير حياتهم، إضافة إلى فهارس جميع أغاني كوكب الشرق أم كلثوم حسب التسلسل الأبجدي مع أسماء أعضاء التخت الشرقي بفرقتها. ولفت إلى امتلاكه وثائق نادرة للإذاعة السورية ليست موجودة في الأرشيف الإذاعي ومجلات تحكي عن بداياتها، مشيرا إلى أنه زود العديد من الموسيقيين والباحثين السوريين بأهم المراجع والمعلومات الموسيقية والفنية منهم ياسر المالح وصميم الشريف وسهيل عرفة، إلى جانب صور تلقاها من الكثير من الفنانين مثل مريم فخر الدين ونور الهدى وميادة الحناوي.
وتوقف المصري عن القيام بأي نشاط فني منذ عام 1980 وبات الإعلام السوري والعربي صلته الوحيدة مع الجمهور، معتبرا أرشيفه غذاءه الروحي ومن دونه لا يستطيع الاستمرار في الحياة، متمنيا مساعدته في إنشاء متحف يضم هذا التراث الفني الضخم والذي يحتاج إلى مساحة تقارب 1000 متر مربع ليتمكن من عرض محتوياته كاملا.
مدير ثقافة دمشق الدكتور ايمن ياسين لفت إلى اهمية هذا الإرث الفني الضخم الذي يمتلكه المصري، مبينا أن وزارة الثقافة تسعى لدعم هذه التجربة ومثيلاتها وإقامة متحف يتسع لهذا الأرشيف الضخم لاطلاع الأجيال على تراثنا العظيم في كل المجالات.