غرف وكاريدورات “الحكومة” مشغولة بملف “التنمية الاقتصادية الحلبي..والثمار قريبة
دمشق – علي بلال قاسم
لا يحتاج الجواب على سؤال “لماذا حلب..؟!” للكثير من التفكير عند المواطن العادي، فكيف الحال عند متابع ومختص ومراقب والأهم صاحب قرار من مرتبة دولة “بالمفعول السياسي والحكومي” امتلكت زمام الخيار في الوقائع الميدانية، فجاء الاتجاه الهادف بشحذ “الفعل والفاعل” عند المواقع التنفيذية إلى حيث للعمل “محل من الإعراب”…
في مضمار “محافظة الإنتاج” قد تتعدد وتتنوع الأجوبة عند حاضرة المكنات التي لا تعرف سوى الصناعة كاراً والتجارة تربية.. ولأن كل الدروب تؤدي إلى “طاحونة الشهباء” كان القصد “أسبوع التنمية الاقتصادية” والسبيل انتقال 30 وزيراً مع رئيس الحكومة إلى عاصمة المال “حلب” درة الجمهورية..
في ثالث خطوة منذ التحرير الذي يسجل نهاية عامه الثاني عندما زار المهندس عماد خميس رئيس الوزراء على رأس وفد من 15 وزيرًا المدينة في كانون الثاني 2017، والزيارة الثانية كانت برفقة 16 وزيرًا مطلع العام الجاري. كان الثابت هو استطلاع وسبر وتقفي الواقعين الخدمي والتنموي ونسب تنفيذ المشاريع التي تم إطلاقها، ما يستدعي انعقاد جلسة الحكومة الاعتيادية في المدينة في تخصيص متعمد ومبرمج لكل الملفات والأضابير لهذا الحيز الجغرافي الدسم. أما المتغير الذي رفع من منسوب الدعم والرعاية هو الاهتمام المباشر والشخصي للسيد الرئيس بشار الأسد الذي وجه وأولى وتابع قبل وأثناء وبعد..
زخم الأنشطة والبرامج
من المنظور العملي لايمكن قراءة الحدث بالبعد الوطني والاستراتيجي إلا من زاوية إطلاق شارة التحول الدراماتيكي في تعاطي الدولة مع مرحلة مابعد الانتصار الذي يبدو أن السياسة الوطنية راحلة باتجاه الاحتفاء المنتج والمخدم والمعمر بالطعم “التنموي” بعيداً عن تقليدية المهرجانات والخطابات والوعود، ولهذا كان بيان “رئاسة مجلس الوزراء” قبيل الزيارة يركز بالوقوف على الواقع الخدمي وعودة حلب إلى ألقها الاقتصادي، وهذه أهم أولويات الحكومة الذي أثبتت يوميات وتفاصيل الأسبوع حقيقته والرجاء في الثمار الآتية.
لقد حفل الحدث بزخم من الأنشطة والبرامج واللقاءات والزيارات، نقل عنها الكثير من التلقف والاستماع اللاهث للمعرفة وتسجيل المعطيات والبيانات، والمزيد من الإيمان بالعطاء والدعم الحكومي بما ينعكس أثراً ومناخاً إيجابياً يعطي فرصاً بحراك اقتصادي وخدمي ومعيشي ما، يوصل إلى رؤية مستقبلية لتطوير مناحي الحياة، وهذا ما يتم الاشتغال عليه منذ اللحظات الأولى لوصول الحكومة “بقدها وقديدها” من حلب، إذ تقول المعلومات الموثقة إن أروقة الحكومة تعمل ليل نهار عبر عناقيد وخلايا وفرق ولجان مشكلة تستخلص وتقدم الحلول والأفكار التي تطبخ مع رئيس الوزراء وطاقمه وموظفيه، وبموجبها ستخرج قريباً سلسلة من القرارات والتوجهات التي تقدم صورة حقيقية لنتائج الزيارة التي شملت كافة القطاعات ولاسيما الإنتاجية والخدمية، وحسب المطلعين عن كثب فإن ما تشهده غرف وكاريدورات الحكومة في كفرسوسة من حراك ونشاط مكثف وراء الأضواء وخلف الكواليس يشي بأن ملف حلب يحتل المرتبة الأولى من حيث سلم الأولويات، حيث يتم الاشتغال على كل إضبارة بحد ذاتها وتقديم مشاريع الحلول والقرارات التي يتدارسها كل وزير مع فريقة ليصار إلى عرض أجندة لرئيس الحكومة، وبالتالي المسارعة لضخ حزمة دعم وتسهيلات وإجراءات تضفي بعداً عملياً على الأرض يقطع الطريق على المشككين بنوايا وعزم وحسم الحكومة ومؤسساتها في خلق بيئة جديدة تناسب حلب وأبناءها.
“على الحارك”
ما نحن بصدده من أعمال وأخبار قادمة يأتي استكمالاً لتلك الحلول الإسعافية السريعة التي قدمتها الحكومة في زيارتها الفريدة “على الحارك” حيث أقرت مشاريع وقرارات كان على رأسها تحويل مركز المدينة إلى منطقة سياحية واقتصادية تغير المعالم، مع تتبع مشاريع الريف الشرقي للمحافظة والذي يعد الخزان الاقتصادي وتقدر بعشرات الملايين وستوضع بالخدمة خلال العام القادم مايوفر انطلاقة زراعية نوعية، في وقت كان لاجتماع المدينة الصناعية بالشيخ نجار حصة من الدعم والزخم بالتدخل لترميم المنشآت وتوفير مناخ لتحقيق إشغالية بكامل طاقة المدينة الصناعية الأهم بالشرق الأوسط.
أما الحدث الأهم بانعقاد المؤتمر الصناعي الثالث بعد انقطاع 10 سنوات، وهنا كانت لاستجابة المهندس خميس السريعة لمطالب التجار مفاعيل وآثار كبرى على الروح المعنوية لأرباب العمل وأصحاب المصانع والمنشآت عندما وعد بتقديم الحلول وفق الأولويات والإمكانات المتوفرة، ما يعني أن آلاف المصانع والمعامل التي تعرضت بشكل كبير للتخريب والدمار ستنتفض من تحت الأنقاض معلنة عهداً جديداً من الدوران والتشغيل يذكر بعقود ما قبل السنوات الثماني العجاف.
رسالة … من فوق
إذاً ثمة أمل معقود “على الملآن” عبر إجراءات تتضمن توفير مستلزمات عمل الصناعيين لتجاوز الظروف الاستثنائية، وكل هذه الجهود المبذولة بالتعاون مع غرف الصناعة تهدف – حسب الشركاء – لبلورة سياسة مستقبلية تضمن بناء قطاع صناعي وطني قادر على قيادة عملية إعادة الإعمار وتحقيق معادلة الأمن الاقتصادي الداعم لاستقلالية القرار الوطني. وهذا مايعول عليه عبر رسالة نقلها المهندس خميس على لسان السيد الرئيس بشار الأسد عندما قال: “حملنا توجيهات واضحة لتقديم كل ما يخدم حلب خدمياً واقتصادياً ومعيشياً لتعود إلى موقعها كعاصمة اقتصادية ومدينة جذب استثماري على مستوى المنطقة”.
لم تك حلب يوماً إلا رافعة لاقتصاد وطني كان التنوع الصناعي والزراعي والخدمي شعاره في بلد انتزع صيت الغنى العالمي بامتلاكه كل القطاعات وتوثيقه لحضور فاعل في ميادين وساحات التصنيع المتكامل لدرجة التوغل كثيراً في الشق التحويلي والتقني والتكنولوجي الذي قدم بضاعة وسلعاً وخدمات أخذت حقها من الشهرة وكانت فخر الدولة السورية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وعسكرياً.
أمام تاريخ لا يستطيع أحد أن يطعن أو يشكك بمصداقيته بقيت هذه المدينة عاصمة اقتصادية لسورية وللمشرق، وهي التي تضم أهم المعامل الصناعية وتشكل مركزاً للزراعة، وخاصة القطن الضروري واللازم لمعامل النسيج المزدهرة في المدينة. لتشكل المدينة وريفها مصدراً لمعظم الناتج الإجمالي السوري.
لا يشك أحد بأن ورشة حلب تتطلب جهداً وعرقاً ووقتاً ومن الصعوبة تحقيق الأهداف في المدى القريب لكن على المدى المتوسط والبعيد يمكن الحصول على نتائج إيجابية في حال تضافر كل الجهود التي تسعى إلى تحقيق أولويات المحافظة لتبقى حلب في المقدمة اقتصادياً بعودة ميمونة لعشرات الصناعيين والتجار إلى موطنهم ليعيدوا ألق ما سبق، ولتصبح الشهباء “محجة” رجال الأعمال وأصحاب المال وحاضرة الشرق التي لا يكل أهلوها ولا يملون لأنهم حلبيون وصناع العمل والأمل.