د. المقداد: سورية تعرب عن قلقها حيال مماطلة الولايات المتحدة في تنفيذ عملية تدمير أسلحتها الكيميائية
قال الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين رئيس اللجنة الوطنية لتنفيذ الالتزامات بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية أن سورية ترفض بشكل قاطع وتدين استخدام الأسلحة الكيميائية في أي مكان ومن قبل أي كان وتعتبره عملا لا أخلاقيا مشددا على أن جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل لن يتحقق ما لم يتم إلزام “إسرائيل” بالانضمام إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية وباقي الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وقال المقداد في بيان سورية أمام الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف لاستعراض سير العمل باتفاقية الأسلحة الكيميائية في لاهاي اليوم: شهدت الفترة منذ انعقاد مؤتمر الاستعراض الثالث في عام 2013 إنجازات مهمة تمثلت في إزالة الأسلحة الكيميائية السورية ومرافق إنتاجها وإنهاء روسيا والعراق وليبيا تدمير جميع أسلحتها الكيميائية ومرافق إنتاجها معربا في الوقت ذاته عن قلق سورية حيال مماطلة الولايات المتحدة في تنفيذ عملية تدمير أسلحتها الكيميائية وإنهاء تدمير ترسانتها الضخمة من تلك الأسلحة.
وأشار المقداد إلى أن النجاح الذي تحقق في التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية عبر نقل المواد الكيميائية لتدميرها خارج سورية إلى جانب تدمير جميع مرافق إنتاجها والتحقق من ذلك وفي ظل ظروف استثنائية وصعبة جعلها سابقة تاريخية مثلت قصة نجاح مشترك لسورية وللمنظمة وللدول الأطراف التي دعمت هذه العملية مبينا أن ذلك ترافق مع نجاح آخر لسورية في التصدي لأكبر وأشرس هجمة إرهابية على أراضيها حيث تمكنت بفضل جيشها البطل وحلفائها من اجتثاث الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى أراضيها.
وأوضح المقداد أن أحد العوامل الرئيسية للنجاح الذي تحقق في إزالة الأسلحة الكيميائية السورية هو التعاون بين الحكومة السورية والأمانة الفنية في مراجعة الإعلان السوري الأولي لجعل هذا الإعلان متسقا على نحو كامل مع أحكام الاتفاقية مشيرا إلى أنه لولا النهج الإيجابي والبناء للحكومة السورية لما كان بالإمكان تحقيق ذلك في إطار زمني قصير وفي حالة أمنية صعبة وأن سورية ستواصل العمل مع الأمانة الفنية والمدير العام لإنهاء ما تبقى من ملاحظات تحتاج إلى الاهتمام بها في الإعلان السوري.
وأكد المقداد أن انتهاج بعض الدول لنظريات إحلال الفوضى وسياسات تغيير أنظمة الحكم بالقوة قاد إلى اتساع ظاهرة الإرهاب في العالم فتلك الدول لم ترق لها حالة الأمن والاستقرار التي كانت تتمتع بها سورية لهذا دفعت بأدواتها العميلة ومرتزقتها التي جلبت من كل أصقاع العالم نحو القيام بكل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في سورية وإضعاف حكومتها وتقويض مقدراتها بما في ذلك فبركة سيناريوهات عن استخدام أسلحة كيميائية ومواد كيميائية سامة ضد المدنيين عبر توجيه اتهامات باطلة تشوه صورة سورية وخلق تحد جديد يتمثل في مواجهة الإرهاب الكيميائي واستخدام تنظيمات إرهابية كـ “داعش” وجبهة النصرة ومنظمة “الخوذ البيضاء” المدعومة من عدد من الدول الأعضاء المشاركة في هذا المؤتمر وغيرها من التنظيمات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة للأسلحة والمواد الكيميائية السامة في أماكن متعددة سواء في سورية أو في العراق أو التهديد باستخدامها في أماكن أخرى من العالم والذي يشكل انتهاكا صارخا لالتزامات هذه الدول بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية وكل الاتفاقيات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 1540.
ولفت المقداد إلى أن سورية ثابرت على التعاون مع الأمانة الفنية للمنظمة وتمكنت من خلال العمل المتواصل والدؤوب معها من تذليل تعقيدات كثيرة في الملف السوري كما وفرت بشكل منظم معلومات حول سعي الإرهابيين لحيازة ونقل أسلحة كيميائية ومواد كيميائية سامة عبر تركيا إلى سورية لفضح كل محاولاتهم الهادفة إلى استخدامها ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء على أساس تلك المعلومات مجددا إدانة سورية بأشد العبارات استخدام أسلحة كيميائية في أي مكان ومن قبل أي كان وتحت أي ظروف وتعتبره عملا لا أخلاقيا ويشكل انتهاكا واضحا للاتفاقية.
وأوضح المقداد أنه انطلاقا من هذه المبادئ حرصت الحكومة السورية على العمل مع الأمانة الفنية بشأن ادعاءات استخدام أسلحة كيميائية في سورية والاتفاق معها على إنشاء بعثة لتقصي الحقائق والشروط المرجعية الناظمة لعملها لكن رغم التعاون الجاد والصادق الذي قدمته سورية خلال جميع مراحل العمل مع البعثة إلا أن طرائق ومنهجية عملها شابها الكثير من السلبيات بدءا من عدم الالتزام بالشروط المرجعية المتفق عليها والنقص الكبير في المهنية وانعدام الشفافية واتباع نهج انتقائي وازدواجية المعايير والاعتماد على معلومات يتم جمعها من مصادر مشبوهة وعدم احترام الإجراءات الواجب اتباعها بموجب الاتفاقية.
وأشار المقداد إلى أن عمل المنظمة خلال السنوات الخمس الماضية طرح العديد من الجوانب التي تحتاج إلى التعامل معها وتطويرها منها احترام الخبرات الوطنية للدول الأطراف في معرض التعامل مع القضايا المتعلقة بها إلى جانب تعزيز قدرات المنظمة وتوسيع مجالات خبراتها على نحو مهني ومستقل بما في ذلك مراعاة التوزيع الجغرافي العادل لجميع الدول الأطراف في الاتفاقية.
وبين المقداد أن سورية تعرضت في السابع من نيسان 2017 لعدوان آثم من الطيران الحربي الأمريكي تمثل في قصف قاعدة الشعيرات الجوية ب 59 صاروخ “توماهوك” وذلك في أعقاب اتهامات مفبركة وجهت إلى سورية حول حادثة استخدام أسلحة كيميائية ادعي بوقوعها في خان شيخون في الـ 4 من نيسان 2017 وتكرر هذا السلوك العدواني في الـ 14 من نيسان 2018 من خلال عدوان ثلاثي شنته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في أعقاب اتهامات مفبركة أخرى وجهت إلى سورية حول حادثة استخدام أسلحة كيميائية ادعي بوقوعها في دوما لافتا إلى أن فريقا من المحققين زار المدينة ولم ينشر تقريره بعد ورغم ذلك شنت تلك الدول عدوانا سافرا ضد سورية استخدمت خلاله أكثر من مئة صاروخ ونجم عن ذلك تدمير معهد تابع لمركز الدراسات والبحوث العلمية بالكامل في انتهاك سافر للقانون الدولي وتجاهل تام لتأكيد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تقريرين سابقين لها على عدم وجود أي مواد كيميائية محظورة أو أي أنشطة غير مسموح بها بموجب الاتفاقية في هذا المركز في حين توجد حالات أخرى أثبتت سورية وقوع اعتداءات باستخدام أسلحة كيميائية وقامت الدول التي شنت العدوان بتغطية تلك الحالات وحمت من استخدم فعلا الأسلحة الكيميائية ضد الجيش العربي السوري ولهذا نحن مجتمعون اليوم.
وشدد المقداد على أن الاتهامات التي تطلقها بعض الدول الغربية جزافا ودون أي أدلة ملموسة حول مسؤولية الحكومة السورية عن حالات استخدام مواد كيميائية سامة ما هي إلا عبارة عن حملة منسقة ومكررة من الأكاذيب هدفها تشويه صورة الدولة السورية وممارسة المزيد من الضغوط السياسية عليها لتحقيق أهداف تلك الدول المعادية لافتا إلى أن فشل تلك الدول في تحقيق أهدافها عبر استخدام آلية التحقيق الدولية المشتركة دفعها إلى استخدام هذه المنظمة الفنية كأداة ضغط لتمرير سياستها وما حصل في حزيران الماضي من دعوة مؤتمر الدول الأطراف لدورة استثنائية خاصة واعتماد قرار منقوص الشرعية ما هو إلا دليل واضح على سياسات تلك الدول التخريبية فهذا القرار يمثل تفسيرا أحاديا لأحكام الاتفاقية وتخويلا للمنظمة بإنشاء آلية هي من اختصاص مجلس الأمن المعني بمسائل حفظ الأمن والسلم الدوليين.
وأكد المقداد أن هذا القرار المشبوه وغير الشرعي خلف انقساما حادا في الآراء بين الدول الأعضاء في المنظمة وفتح الباب أمام المزيد من القرارات المريبة وغير الشرعية والتخريبية وآخرها اعتماد مشاريع قرارات متعلقة ببرنامج وميزانية المنظمة لعام 2019 في مؤتمر الدول الأطراف عبر فرض زيادة مالية على مساهمات الدول الأعضاء لتمويل هذه الزيادة واستخدام الفائض النقدي عن عام 2016 خلافا للنصوص الإجرائية المتبعة بهذا الشأن.
وأعرب المقداد عن ترحيب سورية بانضمام دولة فلسطين إلى الاتفاقية واعتبارها الدولة الـ193 في عضويتها في المنظمة الأمر الذي يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق عالمية الاتفاقية داعيا المنظمة إلى مضاعفة جهودها ودعوة الدول الأخرى التي لم تنضم بعد إلى الانضمام في أقرب الآجال بغية إقامة نظام عالمي فعال ضد الأسلحة الكيميائية.
وأشار المقداد إلى أن تعزيز الأمن والسلم الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط يتطلب العمل على جعل هذه المنطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وهو أمر لن يتحقق ما لم يتم إلزام “إسرائيل” بالانضمام إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية وباقي الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل باعتبارها الوحيدة في المنطقة التي لم تنضم إلى أي منها إلى جانب احتفاظها بترسانة ضخمة من الأسلحة الكيميائية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى التي تهدد بها أمن منطقة الشرق الأوسط وحياة شعوبها.
وأوضح المقداد أن مسألة حالات انتهاك السرية في المنظمة أثارت قلقا شديدا لدى سورية وعدد من الدول ما دعا المدير السابق إلى إجراء تحقيق داخلي بشأن وقوع ثلاث حالات انتهاك سابقة وقدم تقريراً حول ذلك التحقيق خلص إلى توصيات لإصلاح آليات السرية للتشاور بشأنها مع أعضاء المجلس التنفيذي وقد أبدت سورية ملاحظات على ذلك التقرير كما تم إبلاغ الدول الأعضاء بحصول حالة انتهاك جديدة أظهرها مقال نشر في موقع “فورن بوليسي” يفيد باطلاع كاتبه على تقرير فريق تقييم الاعلانات والمصنف عالي السرية وتناوله لمعلومات حساسة تم تسليمها حصريا إلى الأمانة الفنية.
وأعرب المقداد عن قلق سورية البالغ حيال ما يمكن أن ينجم عن انتهاك أحكام السرية فيما يتعلق بالمعلومات التي سيتم نقلها إلى الآلية الدولية المحايدة المستقلة نتيجة توقيع الأمانة الفنية على مذكرة تفاهم معها بشأن نقل المعلومات السرية التي بحوزة المنظمة والتي تثير عددا من المسائل الخطيرة.
وأكد المقداد أن سورية ملتزمة بقوة بالتوصل إلى نتيجة ناجحة لمؤتمر الاستعراض الرابع للاتفاقية ووفدها شارك بفعالية في عمل الفريق المفتوح العضوية المعني بالتحضير لهذا المؤتمر وذلك لضمان تركيز المؤتمر على تعزيز قدرات المنظمة واحترام التوزيع الجغرافي العادل فيها وتجاوز التحديات الماثلة أمامها وإنهاء حالة التسييس والاستقطاب فيها والتخلص من الانتقائية والمعايير المزدوجة وضمان عدم فرض ترتيبات العمل فيها من قبل حفنة من الدول واستعادة التوافق في الآراء والوحدة بين الدول الأطراف فيها.
وجدد المقداد التأكيد على أن سورية التي حرصت منذ اليوم الأول لانضمامها لهذه المنظمة على التعاون مع الأمانة الفنية بكل ايجابية وشفافية لتنفذ التزاماتها بموجب الاتفاقية وقرارات المجلس التنفيذي ستستمر بنهج التعاون البناء وبالعمل مع الدول الأخرى لمنع تسييس أعمال هذه المنظمة من قبل حفنة من الدول أو استخدامها أداة لممارسة الضغوط على الدول الأعضاء الأخرى داعيا إلى اعتبار هذا البيان كوثيقة رسمية من وثائق الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف لاستعراض سير العمل بالاتفاقية.