مليون حالة في سورية تحتاج لخدمات الصحة النفسية
أنجزت مديرية الصحة النفسية في وزارة الصحة بالتعاون مع شبكة الآغا خان للتنمية أول دراسة مختصة بمجال تقديم خدمات الصحة النفسية بمنطقة السلمية في محافظة حماة بعنوان “المقاربة الشاملة للصحة النفسية والدعم الاجتماعي”.
وبالرغم من أن الدراسة على مستوى منطقة إلا أن أهميتها تأتي باعتبارها أول دراسة عملية منفذة محليا في هذا المجال وخطوة مهمة في الاستراتيجية الشاملة التي تسعى الوزارة مع الجهات المعنية لإنجازها، إضافة لكونها توضح التوصيات والإشكاليات التي قد تواجه العمل على المستوى الواسع وفق رأي مدير الصحة النفسية في الوزارة الدكتور رمضان محفوري.
وأكدت الدراسة على النقطة الأساسية التي يذكرها المعنيون في هذا المجال وهي أن “الاحتياج للصحة النفسية في سورية كبير والامكانيات ماتزال متواضعة”.
وأشار محفوري إلى الجهود الكبيرة التي بذلت خلال السنوات الأربع الأخيرة لتدريب 1600 طبيب من غير الاختصاصيين النفسيين لسد النقص الحاصل، حيث لا يوجد في سورية حاليا سوى 75 طبيبا نفسيا نتيجة تداعيات الحرب، وبالمقابل قارب الحد الأدنى المتوقع من الاضطرابات النفسية الشديدة التي تحتاج للعلاج مليون حالة وبالتالي النسبة غير متوافقة.
وتم اختيار منطقة السلمية كنموذج للدراسة وتقديم تجربة خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي نظرا لمدى احتياج المنطقة لهذا الأمر. حيث لا يوجد في محافظة حماة إلا طبيب نفسي واحد وفق تصريح الدكتور ماهر أبو ميالة مدير البرنامج الصحي في شبكة الآغا خان للتنمية.
ورأى أبو ميالة أن الاعتقاد السابق أن الصحة النفسية متمركزة على الأطباء الاختصاصيين بالطب النفسي يجب أن يتغير لأن الصحة النفسية تدخل بكل مستويات الرعاية الصحية والاجتماعية والطفولة وتزيد الأزمات من الاحتياج لمقدمين لها وهذا ما قامت الشبكة بالعمل عليه من خلال الاستفادة من التجارب العالمية وتدريب أشخاص من مختلف المستويات لتقديم المشورة النفسية، إضافة للاستعانة ببعض الاستشاريين والاختصاصيين من وزارة الصحة ومديرياتها في حماة والسلمية.
وحققت الخدمات المقدمة وفق الدراسة نتائج واسعة على المستوى الأفقي والشاقولي من خلال وصولها إلى مختلف البلدات والقرى التابعة للسلمية عبر دمج هذه الخدمات بالمراكز الصحية الموجودة وتشكيل فرق دعم نفسي واجتماعي محلية من متطوعين ومعلمين تم تدريبهم وانتشروا لمساعدة الكثير من الأهالي والعوائل ولاسيما من فقدوا ذويهم وأقاربهم نتيجة الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها المنطقة أو ممن تعرضوا لأزمات وحوادث عنيفة خلال سنوات الحرب.
المسؤولة عن مشروع الصحة النفسية في شبكة الآغا خان حلا طحان أوضحت خلال ندوة أقامتها وزارة الصحة مع الشبكة أمس لعرض نتائج الدراسة أمام المعنيين ومديري الصحة النفسية في المحافظات ومختصين في عدد من المنظمات إلى أن الدراسة شملت تقييما شاملا لتدخلات وأنشطة الصحة النفسية في منطقة السلمية ومدى فعاليتها بعد التنفيذ إضافة إلى القدرة على تحديد مستوى تفاعل ورضا الشركاء والمستفيدين من التجربة.
طحان أن الدراسة أسهمت بتخفيف الاثار النفسية من خلال الخدمات المتخصصة المقدمة مع مراعاة الاعتبارات الاجتماعية لأهالي المنطقة.
وأشارت الدكتورة فايزة عبدالله من كادر الفريق المنفذ للدراسة إلى عدد من التوصيات التي يجب أخذها بعين الاعتبار في الدراسات المماثلة ومنها الدعم النفسي والاجتماعي في مختلف القطاعات بشكل أفقي ليضمن استمرارية تنفيذ العمل ووضع خطة تدريبية شاملة لكوادر ومتطوعي الدعم النفسي الاجتماعي والتركيز فيها على كيفية تطبيق النشاطات بالشكل الأمثل والاشراف والمتابعة الدائمة لكادر المتطوعين والموظفين القائمين على تطبيق الأنشطة وآلية تصرفهم مع المستفيدين من الخدمات.
يذكر أن وزارة الصحة أطلقت مع منظمة الصحة العالمية وجمعيات أهلية منذ نحو 4 سنوات برنامج رأب الفجوة لسد النقص الحاصل باختصاصي الطب النفسي حيث يتم تدريب أطباء غير اختصاصيين وممرضين على التعامل مع 10 اضطرابات نفسية رئيسية.