«تقرّر الدرس»!.. أسلوب جديد للتحوّل إلى الدروس الخصوصيّة
“تقرر الدرس” جملة تتكرر كثيرا في المدارس الحكومية هذه الأيام، ليست عقابا مؤقتا إنما مستمر، حيث يدخل المدرس الى القاعة ويشاهد بعض الشغب من الطلاب فيقرر الدرس بدون أي شرح، ربما هو يفكر بمعاقبتهم لعدم قيامهم بالمشاغبة مرة أخرى، قد يتقبل الطلاب ذلك إن كانت الحصة للمواد الحفظية، لكن ماهو حال المواد العلمية واللغة العربية؟.. فهنا عندما يتقرر الدرس دون شرح يعتبر كارثة بالنسبة للطلاب الذين قد يتوقعوا شرحا في الحصة الثانية ولكن دون جدوى، والحقيقة هذا يشكل خطورة كبيرة على المستوى التعليمي.
عبء مادي كبير
يتحدّث بعض الأهالي عن هذه الحالة التي تفشت بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية لـ”البعث ميديا”: حيث تقول أمٌّ لثلاثة أطفال: إن تصرف المدرسين ماهو إلا أسلوب جديد للتحوّل الى الدروس الخصوصية التي تعود عليهم بالربح المادي والذي يشكل عبئا كبيرا علينا، والمشكلة الأكبر أنه لكل مادة سعرها حسب أهميتها، وبكافة الأحوال تجاوزت ساعة الدرس الخصوصي الـ 3000 ليرة، وقد تصل الى 10000 ليرة للمواد العلمية وخاصة لطلاب الشهادات الاعدادية والثانوية.
أما أم محمد فتقول: لدي طالب في الصف التاسع يحتاج إلى راتب كامل لدروسه الخاصة وأنا مضطرة للدفع لأن المدارس لا تقدم له الشرح الوافي، وهذا ينعكس سلبا على إخوته وحتى علينا كعائلة، ففوق هموم المعيشة القاسية تأتينا مصاريف الدروس الخصوصية.
أيضا.. الوضع المادي
وبالعودة الى بعض المدرسين نجد إجماعاً على أن السبب الرئيسي لإعطائهم الدروس الخصوصية هو وضعهم المادي، حيث تقول المدرسة نسيبة مسلم: الراتب لايتجاوز الـ 40 ألف ليرة، والوضع المادي من سيئ إلى أسوأ، وبالتالي أعطي دروسا خصوصية لتلبية احتياجاتي واحتياجات اطفالي، فلو أن راتبي يغنيني عن الحاجة لما اضطررت الى القيام إلى ذلك.
وعن ايجابية الدرس الخصوصي وسلبيته تقول مسلم: قد يصح الوجهان فهو ايجابي لأنه يعود بالمنفعة على الطالب الذي لم يستوعب درسه في الصف بسبب الأعداد الكبيرة في كل قاعة والتي تتجاوز 42 طالبا، أما سلبياته فهي التأثير على الطلاب الآخرين، فطالب الدرس الخصوصي قد يقوم ببعض المشاغبات لأنه يأمل بالعودة الى المنزل وفهم الدرس.
أما مديرة إحدى المدارس السيدة وفاء العدي فتُرجع أيضا أسباب الدروس الخصوصية الى الاحتياجات المادية، وترى أن هذه الظاهرة لايمكن ضبطها إلا بتحسّن الرواتب، وتقول: لو أن مدخولي يتوافق مع مصروفي لفضلت الجلوس مع عائلتي ولما أرهقت نفسي بإعطاء درس خصوصي.
وأشارت مدرسة اللغة الإنكليزية رولا الحاج علي إلى أن الطالب يضطر لأخذ درس خصوصي بسبب انعدام الكفاءة التدريسية عند بعض المدرسات.
إجراءات
وعن إجراءات وزارة التربية للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، أوضح مدير التوجيه في وزارة التربية المثنى خضور أن الدروس الخصوصية أصبحت ظاهرة يستاء منها الجميع، ويستفيد منها بعض المعلمين، ويعاني أثرها الطلاب وأولياء الأمور، ولذلك سعت الوزارة إلى الحد من هذه الظاهرة عبر إجراءات عدة منها:
-الدروس والندوات التعليمية عبر الفضائية التربوية خاصة لطلاب الشهادات.
-المنصة التربوية الالكترونية في المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية التي تعدّ موقعاً للتواصل المباشر بين الطلاب ونخبة من المدرسين والموجهين تتيح المجال لتبادل المعلومات والخبرات والإجابة عن جميع التساؤلات وتفسح في المجال للإبداع والتوسع وإثراء المناهج.
-إقامة دورات تعليمية بأجور رمزية في المدارس وبالتعاون مع منظمة اتحاد شبيبة الثورة ونقابة المعلمين كبديل عن الدروس الخصوصية للطلاب الذين يحتاجون ذلك.
-العمل على تطوير المناهج التربوية باعتماد مدخل النشاط، الذي يفعل دور المتعلم ويحمله مسؤولية تعلمه، وتطوير نظام التقويم الذي يهتم بإنتاجية المتعلم لا بالدرجات التي حصلّها فقط.
-متابعة عمل المدرسين والمعلمين داخل الغرفة الصفية من قبل التوجيه الاختصاصي والتربوي، لضمان قيام المعلم بعمله بالشكل الأمثل ومساعدته للوصول بالعملية التربوية على أفضل صورة ممكنة.
في المحصلة
محصلة الأمر أننا لسنا ضد المعلم الذي له كل الحق مثله مثل غيره في تحسين مستواه المعيشي، ولكن المشكلة في انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية بعشوائية ترافقها فوضى في تحديد أسعار الحصص الدرسية، ونأمل بوضع ضوابط وأسس معينة لمتابعتها والإشراف عليها.
البعث ميديا- ابتسام جديد