أمسية “شرق وغرب2”..حوارية عكست روح الموسيقا
علاقة وطيدة جمعت بين الشرق والغرب لعصور طويلة فكانت في مجال الفنون خارج إطار المقارنة والمنافسة وكمل كل منهما الآخر لتأتي الأمسية الموسيقية للفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان حوارية تجيب عن كل ما يخطر في أذهان عشاق الموسيقا في “شرق وغرب2” وتؤكد الانسجام بين عالمين قدما أجمل وأروع الألحان.
وحملت المؤلفات الموسيقية التي تضمنها برنامج الأمسية واحتضنتها خشبة مسرح المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق نكهات متنوعة وآلات منفردة عرضت ضمن قوالب وأساليب مختلفة فعكست روح الموسيقا الجميلة وسحر الشرق والغرب معا في انسجام وبراعة بين آلات السيمفوني السوري والعزف المنفرد المرافق لها.
واستعرضت الأمسية التي شارك فيها بالغناء الأوبرالي كريستينا اسحق وعلى آلة الدودوك محمد عزاوي والكلارينيت باسم صالحة والقانون عمران عدرا بعضا مما أنتجه مؤلفون من الغرب عن الشرق ومؤلفون من الشرق عن الغرب لتبدأ الأمسية بأشهر أعمال المؤلف النمساوي موزارت افتتاحية أوبرا “الاختطاف من السراي” التي وصفها النقاد بأنها رياح شرقية في قلب أوروبا ليتحدى السيمفوني السوري ما تضمنته هذه الأوبرا من أصعب الأنغام وأكثرها إذهالا في الأداء.
وشغل “كونشيرتو القانون والأوركسترا” للمؤلف عاصم مكارم حيزا من برنامج الأمسية حيث دمج في هذه المقطوعة بين الكلاسيك والموسيقا الشرقية فعمل الموسيقي عمران عدرا من خلال العزف المنفرد المرافق على إظهار الطبيعة المحلية للقانون والمدى الصوتي الكامل واللون الشرقي إضافة إلى المهارات والتكنيك من خلال الموسيقا السريعة للمقطوعة لتعكس جميعها موسيقا الرقصة الاحتفالية.
وفي مقطوعة لامست الأحاسيس الإنسانية بتقلباتها المعنوية والعاطفية وما ينتج عنها من الشعور بالسلام والتأمل والانتقال إلى عوالم الروح عزفت الفرقة للمؤلف خاتشادور أفيديسيان مقطوعة “شجرة الكرز المزهر” لآلة الدودوك الأرمنية الأصل بمرافقة عزف منفرد لمحمد عزاوي.
وبصوتها المتمكن أدت المغنية الأوبرالية كريستينا اسحق أغنية “حب شرقية” للمؤلف الروسي كورساكوف لتعكس رقة الأنثى في مواجهة جبروت الرجل وانتصارها عليه بذكائها وحنكتها التي عكستها سحر النغمات وعذوبة الألحان، كما عزفت الاوركسترا لـ”كورساكوف” أيضا مقطوعات من رائعته “شهرزاد”.
وفي تحد جديد للسيمفوني السوري الكلاسيكي اتسم ببريق الكلمة ومرونة اللحن قدم الأغنية التي تجمع الروح الشرقية وإيقاع التانغو “أنا قلبي دليلي” للمؤلف محمد القصبجي بصوت كريستينا تلك الأغنية التي تعكس الدعوة للحب والفرح كما كان لفلكلور الشعوب حيزا من الأمسية من خلال عزف مقطوعة “رقصة شعبية من البلقان” لآلة الكلارينيت للعازف باسم صالحة مع الأوركسترا.
والفرقة السيمفونية الوطنية السورية تأسست على يد صلحي الوادي عام 1993وجاءت نتيجة طبيعية لإحداث المعهد العالي للموسيقا ولسنوات طويلة من العمل الدؤوب في مجال نشر الموسيقا الجادة في سورية ومثلت الوطن بوجهه الحضاري في الكثير من المهرجانات والمحافل العربية والعالمية.