فيلم “دمشق حلب”.. كوميديا سوداء صارخة في وجه أعداء الحياة
في أول عرض عالمي له حاز الفيلم السوري دمشق حلب العديد من الجوائز في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول البحر المتوسط في دورته الرابعة والثلاثين. نال الفيلم جائزة أفضل فيلم روائي عربي، كذلك حاز بطل الفيلم الفنان القدير دريد لحام جائزة التمثيل الكبرى، بالإضافة لعدة جوائز أخرى، وهذا إنجاز هام يضاف لباقي الانجازات التي حققتها السينما السورية في السنوات الأخيرة، في ظل الأزمة السورية القاتلة. نجاح هذا الفيلم اعتبره متابعو المهرجان السينمائي أهم حدث قبل الدخول إلى عالم هذا الفيلم سنتوقف عند رأيين للفنان دريد لحام بطل الفيلم، ولمخرجه باسل الخطيب.
الفنان دريد لحام، لا أحد ينكر تاريخه العريق في عالم السينما منذ بداياته المبكرة في السينما، مرورا بأفلامه الأخيرة مثل: (الحدود والتقرير والكفرون.. الخ). فيلم دمشق حلب، يعتبر المشاركة الأولى للفنان دريد لحام مع المؤسسة العامة للسينما ومع المخرج باسل الخطيب. وعن هذا الفيلم يقول: (في ما مضى في العشر السنوات الأخيرة لم أجد عملاً ينسجم مع قناعاتي أو يتفق مع رؤيتي طوال هذه الفترة، والظروف لم تكن لتنضج لمرحلة تنفيذ فيلم، كانت تقف عند درجة الأفكار والأحلام والمشاريع القادمة، لكن هذه التجربة وبالتعاون مع الأستاذ باسل الخطيب وإدارة المؤسسة وصلت إلى مرحلة التنفيذ، أنا سعيد بها ومعوّل عليها، السينما السورية وجدت مبكرا، وقدّمت أشياء هامة، ويجب أن تستمر في العمل والظهور. يضيف لحام قائلا في هذا الفيلم: (لقد حققت أحلامي الكبيرة، وسأكتفي بعد الآن بتحقيق أحلامي الصغيرة).
أما مخرج العمل الفنان باسل الخطيب، الذي سبق وان عمل مع المؤسسة العامة للسينما، وله عدة أفلام سينمائية منها: (مريم – الأم – الأب – سوريون، وغيرها).
عن فيلمه هذا يقول: (الفيلم ليس كوميديا بيضاء أو سوداء بل يشبه تلك الحياة التي نعيشها اليوم بكل تناقضاتها، بكل ما نراه اللحظة، وهو انعكاس للواقع تماماً كالمرآة الصادقة، بحيث تقدّم الوجه الحقيقي لهذا البلد خصوصاً لجهة التلاحم والتعاون السائدين بين أبنائه حتى في أصعب الظروف التي مرت بها). كذلك عبر عن سعادته الغامرة لتعاونه لأول مرة مع فنانين كبار أمثال:(دريد لحام وصباح الجزائري وعبد المنعم عمايري وسلمى المصري).
ويحكي الفيلم بأسلوب الكوميديا الساخرة الكوميديا السوداء، حكاية رحلة افتراضية في حافلة لنقل الركاب، ويجسّد دريد لحام دور عيسى، وهو مذيع سابق متقاعد، يعيش في دمشق، يقرّر الذهاب لزيارة ابنته دينا (كندة حنا) التي تقيم في حلب وفقدت زوجها في حادثة خطف مجهولة، وحين يستعد للسفر يستقل أحد (الباصات) الكبيرة ليبدأ المشوار، مع مجموعة من الناس من اختلافات في الرأي والرؤيا، ومن مختلف الأعمار والاتجاهات والأهواء، بحيث تشكل صيغة ما، أو رؤية ما عن المجتمع السوري، بما فيه من موزاييك رائع، وفسيفساء خالدة خلود الحياة وديمومتها. وفي الحافلة يتضافر جزء من مصيره مع مصائر من وجدهم هناك، وآخرين كانوا على تماس مع هذه الرحلة. وضمن إطارا لكوميديا السوداء نكتشف الإيجابيات والسلبيات التي يقوم بها ركاب الحافلة عبر تصرفاتهم. الفيلم بكليته بمقولته العريضة الهامة والجديرة بوقفات أطول، الفيلم يشكل حالة عبور من محطة إلى أخرى، ومن حالة نفسية وأفكار معينة إلى أخرى وأفكار مختلفة تماماً، كما يرصد هذا العبور الإنساني والوجداني ضمن حكاية مشوّقة وجاذبة وقريبة إلى القلب، ليكون الانتصار في النهاية للقيمة الإنسانية التي تسلط الضوء على النبل والقيم الإنسانية الراسخة في وجدان السوري، منذ الأزل إلى يومنا هذا. ثمة مقولات على غاية من الأهمية اكتشفناها ضمن هذا الشريط السينمائي المشغول بعناية فائقة.
بطاقة الفيلم: بطولة دريد لحام – صباح الجزائري – كندة حنا- عبد المنعم عمايري – شكران مرتجى – سلمى المصري – بسام لطفي – أحمد رافع – نازلي الرواس – علاء قاسم – عاصم حواط – ربا الحلبي.. وغيرهم. السيناريو: تليد الخطيب – الإخراج : باسل الخطيب . إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
البعث ميديا || أحمد عساف