المؤتمر الثقافي السوري يبحث في يومه الأول إعادة إعمار الإنسان السوري بعد انتهاء الحرب الإرهابية
بحث المؤتمر الثقافي السوري في افتتاح أعماله اليوم إعادة إعمار الإنسان السوري بعد انتهاء الحرب الإرهابية على سورية والرؤى والقضايا المرتبطة بالحراك الفكري المرتبط بالواقع الراهن وآفاق المستقبل.
المؤتمر الذي تقيمه وزارة الثقافة في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق أوضح في مستهله وزير الثقافة محمد الأحمد أنه مجرد خطوة أولى ستتحول باتجاه هدف أعلى يسعى لإقامة مجتمع المعرفة المحصن ضد الأفكار المتطرفة.
وأضاف الأحمد: “خاضت بلدنا حرباً شرسة فرضت علينا من أعداء الخارج وها هي السنة الثامنة من هذه الحرب تشرف على نهايتها متوجة بانتصارنا على كل من خطط وما خطط لضرب استقلالنا ووحدة أرضنا وإرثنا الحضاري الموغل في التاريخ”.
بدوره الباحث هامس زريق قال في كلمة المشاركين: يقام هذا المؤتمر ونحن مقبلون على استحقاقات كبيرة في طور الخروج من الحرب متمثلة بتحديات كبيرة تخص بناء الإنسان وإعادة تصويب قيمنا المجتمعية وعلاقاتنا الإنسانية ورأسمالنا الاجتماعي، مؤكدا أن المقاومة فعل ثقافي بالدرجة الأولى وأنها حاجة وليست ترفا وتشمل جملة من المعارف والفنون والمعتقدات والقوانين والأخلاق والتقاليد التي اكتسبناها من مجتمعنا وتحتاج مراجعة شاملة ونقدية تؤسس للمستقبل.
وتطرقت الجلسة الأولى من المؤتمر التي ترأسها الأديب حسن م يوسف إلى العقلانية ومجابهة الفكر الغيبي التكفيري وإعادة قراءة التراث الفكري والأدبي من منظور عصري وعلمي.
وتحدث الباحث نبيل نوفل في محوره الذي جاء بعنوان “الفكر التكفيري وسبل مواجهته” عن نشأة الفكر التكفيري والقوى الداعمة والممولة له ودور القوى الامبريالية والصهيونية في نشأته ورعايته من قبل بريطانيا والولايات المتحدة ونظام بني سعود، لافتا إلى ضرورة مواجهته سياسيا وفكريا وثقافيا من خلال التربية والتعليم والفكر القومي وإعادة أحياء أفكار العروبة كهوية وانتماء وتعزيز روح المقاومة وثقافتها وتكريس الحوار في المجتمع.
وفي محوره بعنوان “العقلانية والموقف من التراث” رأى الدكتور نزار بريك هنيدي أن التعامل بعقلانية مع التراث أمر كشفت أهميته الحرب على سورية جراء استغلال القوى التكفيرية للتخلف، مشيرا إلى ضرورة بناء دعوات افصلاح وجهود التنوير على أسس عقلية ومكونات علمية وميول وتوجهات تقدمية.
أما الباحث والأديب مالك صقور فاعتبر أن قراءة التراث يجب أن تكون من منظور يسعى إلى تقديم ما هو مفيد ويخدم التطور ومواكبة العصر وعدم السماح للجهلة بتعطيل عجلة الثقافة والتطور.
وحملت الجلسة الثانية التي ترأسها الباحث مالك صقور عنوان “الثقافة وتحديات العصر الرقمي ووسائل اتصاله وسبل مواجهة الضخ الإعلامي المضلل”، حيث تحدث الباحث هامس زريق في مداخلته التي حملت عنوان “الثقافة وتحديات العصر الرقمي ووسائل اتصاله” عن اثر وسائل الاتصال الرقمية في الثقافة وما يعرف بالمجتمع الشبكي، متناولا التغيرات التي طرأت على طرق توزيع المحتوى الثقافي من تعدد منابر المحتوى المعرفي الرقمي والتفاعل الكبير بين خبراء وأفراد عاديين ومؤسسات حكومية وأهلية وهواة ومهنيين ما منح الجميع فرصا متقاربة للتأثير وتشكيل نمط جديد من العلاقات وإعادة تشكيل المشهد الثقافي.
فيما قدم الباحث قاسم الشاغوري مداخلة بعنوان ” الثقافة والمحتوى الرقمي العربي” استعرض فيها تجربة استخدام الانترنت عربيا وفي سورية، مشيرا إلى ضعف المحتوى الرقمي العربي من خلال الاحصائيات والاستبيانات المتخصصة عالميا في هذا المجال ومبينا أبرز التحديات والعوائق التي واجهت صناعة هذا المحتوى والامكانيات والفرص المتاحة لتطويرها عبر استخدام أدوات العصر الجديدة.
“الثقافة ومواقع التواصل الاجتماعي” عنوان المداخلة التي قدمها الأديب حسن م يوسف حيث تحدث عن عملية الانزياح البطيئة في المشهد الثقافي العالمي والتي حدثت لصالح الصورة على حساب الكلمة المقروءة بسبب تزايد انتشار الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، معتبرا أن هذا الانزياح تسارع بشكل كبير في الدول النامية مع تزايد انتشار الهواتف المحمولة والذي أدى إلى تراجع تأثير الكلمة المكتوبة وبروز ثقافة الصورة عبر مواقع التواصل داعيا إلى البحث عن طرق خلاقة لوضع هذه المواقع في خدمة الفنون الجادة المقروءة والمرئية والمسموعة.
وتتواصل أعمال مؤتمر الثقافة السوري يوم غد بمناقشة مجموعة من المحاور حول مشروع استكمال الدولة الوطنية وترسيخ مفهوم الحرية والديمقراطية والانتقال من الهويات الجزئية الى الهوية الوطنية الجامعة ودور الفكر النقدي في بناء الدولة العصرية والسياسات الثقافية المتصلة بقيم التسامح والحوار ونبذ التعصب وإعادة الاعتبار لمنظومة القيم الإنسانية.
حضر الافتتاح وزير الصحة الدكتور نزار يازجي وعدد من أعضاء مجلس الشعب والسفراء المعتمدين بدمشق واعضاء السلك الدبلوماسي وحشد من الباحثين والمفكرين.