يوميّات تفاعلية حرَّة (3)
السبت 24/11/2012 صباحاً
– منذ يومين أو ثلاثة أيام كتبت على قصاصة ورق صغيرة وعلى عجل مجموعةً من رؤوس الأقلام لقضايا في الذهن منذ حين يطول أو يقصر، شهوراً أو سنين، وذلك خوف نسيانها أو تبخرها وتبعثرها وكانت التالية:
– عام 2004 نشرت في فصلية النقل – المجلة السورية – موضوعاً بعنوان «توزُّع المقدرات المعلوماتية الشبكية دولياً نهايات القرن العشرين: دروس وعبر»، في العدد الثالث، 2003، والذي حصل لاحقاً في إعلامنا وصحافتنا أنَّ لازمة «دروس وعبر» صارت شعبيةً واسعة الانتشار ويجري استخدامُها في ميادين عريضة الاختصاص والاهتمام، تماماً كما سبق أن حصل مع لازمة «شؤون وشجون».
– ومن الملاحظات اللغوية/اللسانية الكثيرة التي جالت وتجول في الذهن سجّلْتُ حينها أيضاً إحداها وهي المتصلة بكلمة Battle الإنكليزية وعلاقتها المحتملة القوية بكلمة بطل العربية فسجَّلْتُ: Battle – معركة بالإنكليزية، ذات صلة مفْتَرضة مع لفظة بطل وبطولة بالعربية، والمعركة هي عملية بطولة وهي مكان صنْع البطل، على أيّ حال فإن كافة الملاحظات اللسانية هي هنا للتسجيل والتذكير فقط، أما مكانُها الطبيعي فليس سياق الإعلام والصحافة، بل في اليوميات الحرَّة، حيث يمكن الانطلاق بعيداً في قضايا أعمق وأكثر تفصيلية. وكذلك الحال مع ما سجَّلتُه للحفظ والتثبيت فقط: تفسيري منذ سنوات للآية القرآنية ذات الصِلة بحمْلة الفيل و”بعثْنا لهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارةٍ من سجِّيل” لأن لديّ افتراضاتي المتميزة والمختلفة كلياً عن كافة التفسيرات المتعارَف عليها والمتداوَلة في هذا المجال وذات علاقة بحجارة سجّيل الحقيقية: السجِّيل الزيتي الذي يُستخلَص منه النفط حالياً وهو حارق أصلاً كما يُفتَرض. أما الأهم الآن فهو أن المقاومة ـ- على ما يبدو ـ- قد وظَّفتْ رمزياً هذا الكشْف فسمَّت عمليَّتَها في غزة للمواجَهة “حجارة سجِّيل” بما ينسجم مع تفسيراتي المفتَرضة بأن صغار وَأولاد مكَّة كانوا كافين للمواجَهة الفعلية في حملة الفيل بحجارتهم السجِّيلية الحارقة من رؤوس الجبال المحيطة “بشِعاب” مكة ومِن وراء الصخور الكافية لإخفاء أجسادِهم الضئيلة، ولم تنشأ الحاجة للنَّبَّالة (النَّبَّالين) وللرماة الأعزّ كاحتياطي مفْتَرض بَعد ذلك كما أعتقد: “يضع اللهُ سرَّه في أضعفِ خلقِه”: وهكذا حصل مع مواجهة غزة الأخيرة، فقد وَضعتْ منظومةُ المقاومة سرَّها في أضعف الخلْق من المقاومين.
الأحد 25/11/2012 مساءً/ سهْرةً
– من اللازمات (ج لازمة) التي سادت في السنوات القليلة ا لماضية منذ عام 2009 وحتى الآن تركيبات ذات صلة بعنوان كتابي الماضي بجزْءَيه (عامَي 2009 و2010 على التوالي) أي تحت عنوان “أفكار ورؤى ومشروعات تأصيلية جديدة” فصارت اللازمات هي أجزاء متنوعة من العنوان: التأصيل، “أفكار ورؤى” بخاصة، أفكار ومشروعات… إلخ من احتمالات.
– ومن هذه اللازمات أيضاً كلمة رديف/رديفة منذ أن كانت جلسة لي مع “د. ممدوح خسارة” بناءً على طلبه في مجْمع اللغة العربية ليستشيرَني في المقابل العربي الأنسَب لكلمة لوجستية فاقترحت كلمة رديفة.
ومِنَ التعابير الفصيحة أو البليغة غير المنتشرة تماماً والتي اضطررتُ لاستخدامها قصداً مع بعض المتفاصِحين من نواب رئيس اتحاد الكتّاب العرب في دمشق منذ سنوات عديدة مدَّعين أن اللجوء إلى اللغة السلِسة وتجاوُز بعض الفصاحات والصرامات اللغوية وقبول مبدأ “غلط شائع خير من صحيح مهْجور” هو أمرٌ مرفوض، ومعترضين على حقيقةٍ لسانيةٍ تحتاج احترافاً وتخصُّصاً لسانياً لفهمِها أصلاً، ومن ثم التوغُّل في فهم العربية على أساسها، وهي ما أوضحتُه كثيراً وحينها من أنَّ العربية المعاصرة والعربية الحديثة موجودتان وتتميزان عن العربية التقليدية الكلاسيكية، بل وهما غير محدَّدتَين بصورة نهائية أو بصرامة كما في اللغات المتقدمة الناضجة والمتبلْورة في هيئتها المعاصرة، بل وتقْبلان اجتهادات عديدة وكثيرة لا تتناقض مع منطق الحفاظ على العربية في المحصلة النهائية، وكان أقصى ما واجه به “نواب” الرئيس “هؤلاء” هذه الفكرةَ وهذا المبدأ أنَّ قواعد الصحة في العربية محددة تماماً وحديدية لا تقبل الجدل والتأويل، لكأنَّنا نسيْنا اجتهادات البصريين والكوفيين وخلافاتهم في أوْج ازدهار العربية! حينَها “واجهْتُها” بتعبيري المتقصِّد: كثير من الحالات والإشكالات والمواقف في العربية الحديثة الراهنة تحتاج “إعمال عقْل” بفصاحةٍ أو تفاصحٍ مقصودين كي لا تفهم الأمر على أنه مجرد تقصير في اللغة أو استهانة بها بل أنه موقف علْمي منْهجي لساني متقدِم يُراعي الواقع والخصوصيات وينطلق من سياسةٍ واستراتيجيةٍ لغوية مدروسة ورصينة، وقد ذهب هذا التعبير “إعمال العقل” مثلاً وانتشر وساد بعدها في سائر المجالات ليس بسبب ابتكاره، فهو معروف في التراث منذ زمان، ولكن بسبب بعْثِه وإحيائِه واختياره بما يُلائم مقْتَضى الحال.
– من لازماتِنا التي انتشرتْ كثيراً أيضاً: الموقع والموقف + المسَار والمصير + الواقع والآفاق وسأجد توثيقاً استخداماتي الأولى لها قبل انتشارها فعلياً على نطاقٍ واسع وتأسيساً لهذا الانتشار وقد صار عمرُها ـ- وهو متقارب أصلاً ـ- حوالي عقد ونصف: مِن أواسط التسعينيَّات: سيمكن التوثيق الدقيق في سياق رصد منشوراتي الدورية كرْونولوجيَّاً بعنوانٍ مُزْمَعٍ هو “من رحيق الأفكار”.
– ومن المصطلحات التي ابتكرتُها وأسَّستُ استخدامَها عربياً ولكنْ في نهايات الثمانينيات تعبير “العالَم النامي” أيضاً في بيئةٍ كانت تتحدث فقط عن البلدان والدول النامية وعن العالم الثالث… إلخ، مع العلم أن معنى المصطلح كان موجوداً أجنبيّاً وليس عربياً.
– منَ العبارات المبتَذَلة أو التقليدية المكرورة، مع وهْم التجديد، الصَّعْقُ بنقائض من قبيل “الضجيج الصامت” في صحافتنا وغير ذلك، هذا مع العلم أن التعبير غير أصيل ولا مبتكَر، فهو يكرِّر مثلاً عنوان فيلم روسي قديم تماماً هو “غُوْلَسْ تيشِيْني” (صوت الصْمت) وصيغ تناقضية كثيرة أخرى تجدها تعيث أدباً في “الأسبوع الأدبي” بصورةٍ خاصة في أحدث طبعاتِها الأخيرة.
منَ الكنْيات العربية ما يثير التأمُّل والدهْشة أحياناً: مثلُ هذا في اسم مذيعة في الجزيرة أو العربية “وسيلة العولمي” (تصَّورْ قبل نشوء مفهوم العولمة عربياً، ومن المفهوم وجود كنْية نظام وما إلى ذلك، لكنَّ الغريب كنية “الأنظامي” (انظر اسم محمد رضوان الأنظامي في جريدة تشرين 23/10/2011 ص 22 – أدب الشباب) وقائمة طويلة من الغرائبيات قد أستذكْرُها وأستجمْعُها حيناً ما.
والعولمي كنيةً، في رأيي، تحوير لما أساسُه العالَمي (كما لدينا كنْية الدولي) ولكن اللفظ في القلمون وشبيهاتِه للألف هو الواو أو الضم فتصير العالمي: العولمي، وكنتُ قد لجأْت إلى وسيلةٍ كهذه في إرجاع الألف إلى أصلها لدى ابتكاري عربيا؟ مصطلحَ ومفهوم العولمة وأوضحْتُ ذلك في كتبي المنشورة: أضيف إلى ذلك هنا أنَّ كلمة “حورس” (حارس مصر المحروسة) مِن أيام الفراعنة لا تختلف في شيء عن كلمة حارس العربية في تحوير صوتيّ (فونيتيكيّ) من نمط لفْظ أهل القلمون (في سوريا ولبنان) لكلمة حارس (حوْرِس)، كما عالَم (عوْلَم) ، وعليكَ أن تستنتج مدى صحة الوهْم باختلاف الفرعونية عن السرْيانية في حالتِنا هذه: طريقة الكتابة لا تعني شيئاً كثيراً، أكانت هيروغْلافيَّاً أَمْ أبجديّاً، المهم هو أنَّ الكلمة صوتياً (فونيتيكياً)، وبالتالي في الحديث/الكلام، أي في الممارسة اللغوية هي واحدة: حورس، ومِن هنا أُحذِّر من خطورة الرجوع فقط إلى الاستشراق الأوروبي والغربي والأجنبي بعامة، لأنه غير قادر على إدراك هذه الخصوصيَّات والتوغُّل فيها، ولو اجتهد الباحثون العرب والمحلِّيّون في هذا وابتكروا لبزّوا زملاءَهم الأجانب و”لَأتَوا بما لم تستطعْه الأوائلُ”.
– يوجد عندنا ما يمكن تسميتُه ظاهرة التشبيح الثقافي حين يأتي مشوِّشون مشبوهون ومدفوعون سلفاً للتشويش على محاضرين في مراكز ثقافية وندوات ومؤتمرات ويستهدفون بعضَ الناشطين والفاعلين خصوصاً من المحاضرين.
– لفَت انتباهي تصنيف «زويل» أوَّلاً في قائمة أعظم علماء العالَم” [ج.تشرين 23/10/2011 الصفحة الأخيرة] في حين يجهد شبيحة الفكر والثقافة عندنا “ويُجاهدون” لكتْم أنْفاس أيّ بادرة إبداع أو إشراقة اِسم مهما علا مقامُه وشهُقت إنجازاتُه ولو على المستويات العالمية وحتى التاريخية، بينما هذا ينْشط ويعمل في أمريكا، ومفارقةٌ أخرى لا تقِل أهميةً وهي أن “المشْرِفين على هذا التقييم العالمي صنفوا الدكتور زويل باعتباره عالِماً مصرياً وأضافوا اِسم مصر إلى جوار اسمِه في المركز الأوَّل”. هذا مع علْمنا أن المكان الذي أبدع فيه والبيئة التي احتضنْته هما الولايات المتحدة والتي لا يمكن تجاهل فضْلِها عليه وعلى إنجازاتِه لكنَّ الاسم على الرغم من ذلك بقي لمصر: انظر المفارقة في بلداننا الأصلية: هنا يكون الجهاد والاجتهاد والمجاهَدة في اتجاه تغيْيب الأسماء والقامات الحقيقية بعنفٍ وعنادٍ كبيرين بما يشبه القيام بواجبٍ مقدَّس، ويجري التشويش المنظم على القامات وإنجازاتها بتوليفِ أسماءٍ مُفْتَعلة أجنبية سبَّاقة وهْماً وزعماً وتَرْييداً زائفاً لها على حساب المحلّي قدر المستطاع.
– أُضيف إلى هذا أن “السوفييت” كانوا بدورِهم يعانون من مشكلة مستفحلة بهذا المعنى مع الكفاءات والعقول الأجنبية الناشطة والفاعلة عندهم في عقْر دارِهم بمحاولات تهميشٍ مسْتميتة مع محاولات إضافيّة لإقناع هؤلاء أصحاب العلاقة ذواتِهم بأساليب “الديبلوماسية الهادئة” والإقناعات غير المباشرة بِكوْنِ أيّ فضل في إنجازاتِهم عائداً إلى الدولة المضيفة حصْراً (عكْس الدول التي لها فضْل حقيقي وتتخلَّى عنه أو عن التشبُث به لصالح الموطن الأصلي للعقول لديها)، لقد سمعتُها بأذني مِن بعضِ أَذْناب السوفييت السوريين ذواتِهم: هذا ليس عملك، هو ليس ملْكيتكَ الفكْرية، بل لهم (أي للسوفييت)…..
الإثنين 26/11/2012
– لازمات أخرى لازمَتْني طويلاً، مِن أَقدمِها “تخاف منه وعليه” وسارتْ هذه اللازمة: منه وعليه + منها وعليها… وكان مَنْ استخدمها أوَّلاً بالترميز، مِنْ منظور تجربتي وفي خصُوصي هو “سهام ترجمان” منذ أواخر السبعينيّات تقريباً.
– الثلاثاء 27/11/2012
– مِن متلازماتي أيضاً تركيبة العالم العربي والإسلامي منذ حوالي ربْع قرن، وتالياً الإسلامي النامي أيضاً (مجلة الثقافة الإسلامية 1999 دمشق).
– وفي جريدة الثورة لهذا اليوم (27/11) نجد الصحفي المخضرم علي الصيوان يستخدم تعبير الإسلامويّين: وللبيان والإيضاح فإن تعبير الإسلاموية استخدمْتُه من حوالي عقدَين، ونشرْتُه في الدوريات: “تراثُنا بين العروبية والإسلاموية“. (مجلة المعلومات: عن مركز المعلومات القومي..) في التسعينيات، ثم ذاته في كتابي لعام 1998: تنمية العلوم والتكنولوجيا دولياً وفي العالَمين العربي والنامي.
– وفي الصفحة الأخيرة من جريدة الثورة هذه (27/11) مصطلح الانقراض البرمائي بالإنكليزية – Per/mi/an= per/mi/an extinction
بَرْ/مَيّ/ان: برْ/مايّ (مَيّ) وجذور العربية في الكلمة واضحٌ هنا.
الأربعاء 28/11/2012 مساءً
– عصبة الأمم ← عصابة الأمم: جرى استخدام هذا التعبير في قناة “سما” الفضائية اليوم” (28/11/.. الأربعاء) وهو من تعبيراتي أصلاً في سياق توضيح مفهوم العولمة واختلاف الأسس والمبادئ في العلاقات الدولية الأممية بين عصبة (أو عصابة) الأمم وهيئة الأمم المتحدة في فترتي بداياتِ القرن العشرين وأوسطِه على التوالي.
– “الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة” [وليس الشابكة ولا الإنترنت فهي كَماْنا – أي كما نحن] تسمية موثَّقة الآن من جريدة الثورة 23/10/2011 ص 3 من إعلان أسفل الصفحة يساراً: “السادة أصحاب نطاقات الانترنت تحت النِطاق العلْوي السوري (sy) لقد تَمَّ نقل إدارة النطاقات من المؤسسة العامة للاتصالات إلى “الهيئة الوطنية لخدمات الشبكة“…”.
– إضافة إلى كنية العولمي التي تلفت الانتباه بمجرد وجودِها (ربما تحويراً للعالمي) ثمَة كنْية الكوني أيضاً (الروائي الليبي إبراهيم الكوني) عدا اْلدولي” (مدير مكتب المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون في سوريةٍ سابقاً).
– من اللازمات التي بدأْتُ استخدامَها ثم انتَشرتْ وسادت عديداً مديداً تعبيرُ الغرائبي العجائبي، بدْءاً باقتباساتٍ منّي أَخَذَها الاقتصاديُّ غسان إبراهيم في محاضرتِهِ في الجمعية الاقتصادية مذْ ذاك نهاياتِ العقد الأولِ في الألفية وحتى الآن، مروراً بعددٍ من جريدة البعث (الثلاثاء 29 آذار 2011) مع نضال حمارنة: “مؤنس الزراز يؤسِسّ لعالَم غرائبي على الورق” ص 9 ثقافة.
الخميس 29/11/2012
ما هو جمع مفردة حياة؟ – ربما لم أحتج للبت في ذلك مثلما احتجتُه مع عنوان للكاتب المنظِر الاجتماعي الأميريكي “نيسبيت” في تنظيراتِه للمجتمع بَعد الصناعي (مجتمع المعلومات تحديداً)، ففي عنوان أحد كتبه ذاتِه كلمة lives بالجمع وليس بالمفرد، وكعادتي أفضّل الحَسم بعد النَظر والتيقُّن الأولي فارتأيتُ جمعها في صيغة كادت تنقرض من الاستعمال في اللغة العربية الدارجة الآن “حَيَوات” مع بعض الحذر من احتمال الهفَوات، وهكذا جاء عنوان كتابه “… عَشْر ِ اتجاهات تغيِّر حيواتِنا”، ومن ذلك الزمن من أواسط التسعينيات صارتْ كلمة حيواتنا كثيرة الانتشار والإلْفَة المتزايدة بَعد أنْ كانت شبهَ منْقرضة ومهدَّدة بالانقراض كلّياً، وما ساعد على انتشارها وبعْثِها وإحيائِها أنني نشرْتُ هذا في دراسةٍ حول المجتمع الصناعي وما بعد الصناعي في “الفكْر العربي” الفصلية عام 1996 أو1997؟ ثم في كتابٍ يتضمن هذه الدراسة (المنشورة دوريَّاً) عام 2000/2001 في المركز الثقافي العربي (بيروت/الدار البيضاء): المعلوماتية والمجتمع.
الجمعة 30/11/2012
– تُراودُني في هذه الفترة صورةُ إحدى الدراميات (قصة/رواية) يلعب فيها دورَ البطولة العاشقُ الغبيُ المغفَّلُ والجميلُ مقابل الذكي الحقيقيّ، ولمجرد كون وجهه قبيحاً، الذي يَتَحدث مِن خلْف ستارٍ متقمِّصاً شخصيةَ الغبي المغفل الجميل، ولا أذكر الآن اِسمَ هذا العمل الدرامي، وقد أرجع إلى تفاصيل في هذا المجال مِن مقْروءات الستِّينيَّات، سيما وأنَّ تجربتي شديدة الالتصاق بازدواجيةٍ ما كهذه: رجالُ سياسةٍ يُنْجزون أموراً خارقة لِيبقى البطلُ الفعلي مجهولاً خلْف ستار. أنا هو هذا الذي خلْفَ ستارٍ دائماً.
– كثير مِن مقروءاتي في الستينيّات بقيتْ في الظل دون إشارتي إليها في أيّ مكان، وخصوصاً الأعمال المصرية الأدبية وغيرها: توفيق الحكيم (يوميات نائب في الأرياف، الأيدي الناعمة؟) محمود تيمور، عباس محمود العقاد (سارة، فلسفة الضحك…)، روايات كثيرة: إحسان عبد القدوس (أنا حرَّة…)، هذا عدا الشائع جداً لدى كافة قراء ذلك الزمن: المنفلوطي (ماجدولين أو تحت ظلال الزيزفون، العَبَرات، النَظرات…) وعدا القصص البوليسية العالمية الكثيرة، لأجاثا كريستي، وشارْلوك هولْمز، وأرسين لوبين… إلخ… إلخ….
– الآن أشاهد (مكرَّراً = إعادة) برنامج لقاء مع رِيْجكوف – رئيس الاتحاد السوفييتي الأخير في ظل حكم غورباتْشيوف يومها وكنتُ قد شاهدت الحلقة منذ أكثر من عام أيضاً، وفي اللقاء يؤكِّد ريْجكوف أن البيريسْترويْكا (إعادة البناء) لم تنشأْ في نيسان 1985 كما أعلنها غورباتشيوف لأول مرة، بل قبل ذلك بثلاث سنوات، وتحديداً بعد وفاة بريجنيف بفترة قصيرة وبدايات حكم أندروبوف، وحينها انْطرح مفهوم البيريسترويكا أساساً: وهذا ما يؤكّد “مزاعمي” التي عبَّرتُ عنها وكتبتُ ونشرْتُ سابقاً أنني استخدمت بكثافةٍ مصطلحاتِ ومفاهيم البيريسترويكا من نهاياتِ عام 1982 في كتاباتي التي انتشرتْ لاحقاً بالعربية ومكتوبة أصلاً بالعربية.
– “زبيغنييف بجيزيْنْسكي” (اسم برْيجينسْكي) يَردِ هنا في البرنامج – روسيا اليوم RT – كما ذكرْتُه تماماً وبهذا اللفظ في دراساتي المنشورة عنه في الكفاح العربي والسفير وغيرهما في بيروت أواسط التسعينيّات.