(كوميديا الجنون..فصل في الخراب).. عرض مسرحي عن مفرزات الحرب على ثقافي السويداء
يسلط العمل المسرحي كوميديا الجنون فصل في الخراب الذي يقدمه المسرح القومي بالسويداء للمؤلف والمخرج موفق مسعود الضوء على تبعات الحروب بشكل عام على الإنسان وما تتركه من خراب.
العمل الذي بدأت عروضه على خشبة مسرح المركز الثقافي العربي بمدينة السويداء يتحدث عن واقع الإنسان المعاصر العالق في دوامة الحرب ويكشف لعبة الأمم في تحديد جهات البشر والشعوب التي تحول الجميع إلى تجار موت أو ضحايا.
أحداث المسرحية تدور على مدى65 دقيقة في صحراء لا يسكنها سوى مهجرين فقدوا منازلهم وأولادهم في الحرب عبر ثلاث شخصيات رئيسة.. زوجان وزائر وأرواح أطفال نرى ظلالهم ونسمع أصواتهم إضافة إلى مغنين خارج إطار الخشبة.
مؤلف العمل ومخرجه يبين أن النص يطرح عبر الكوميديا السوداء مسالة اللغة والحرب والاغتصاب والخراب الداخلي في روح الإنسان المعاصر بطريقة تنتمي إلى المسرح الكاشف الذي يعري ضمير الحروب .
ويتحدث الممثل ثائر حذيفة عن شخصية الزوج محال المسيطر التي أداها بأنها تتماهى مع الخط القمعي والتجارة بالأحاسيس والمشاعر وتأثير الحروب في النفوس، فيما ترى الممثلة رانيا الخطيب التي لعبت دور الزوجة دلال المفجوعة بأطفالها الثلاثة في الحرب أن شخصيتها تعبر عن الأنثى ككيان مسلوب وهش ومغتصب ومعاناتها وانكساراتها المتكررة ضمن هذا الخراب وفي علاقتها مع الرجل.
فيما يؤدي الممثل هزار نوفل شخصية جلال التي تمثل كما يوضح سمسار الحرب الموجود في أي مكان ويحاول البحث عن الأشخاص المستضعفين ليتاجر بأرواح الضحايا بما فيهم الأطفال ليجني المال ليطرح حقيقة دور بعض المنظمات الدولية التي تحاول أن تظهر بصورة معينة على أنها تساعد الشعوب المنكوبة.
في حين تؤدي الممثلة رانيا أبو زكي دور أرواح أطفال دلال التي تظهر في الخلفية طيلة العرض داخل إطار تغادره لتدخل في بعض مفاصل العمل مجسدة الطفولة كأكبر ضحية في الحرب.
ويحاول العمل بحسب مدير المسرح القومي بالسويداء الفنان وجيه قيسية الاقتراب من الأزمة وملامسة الوجدان الداخلي للإنسان وتبعات الحروب بأي زمان ومكان ليقول إن الإنسان أقوى وأبقى و الحروب والمصائب إلى زوال.
مدير ثقافة السويداء منصور حرب هنيدي نوه بالجهد المبذول من أجل العرض حيث جاء النص جميلا محكما يحمل دلالات متعددة ما يتطلب من المتلقي التفاعل معه معتبرا أن مخرجه حقق المعادلة الصعبة التي تقتضي إيصال العرض للنخبة والى الجمهور معا من خلال سينوغرافيا منسجمة مع النص وأداء بارع للممثلين.
حضور كبير رافق العرض الأول امتلأت به صالة المسرح حيث يرى العديد منهم أن المسرحية مميزة وتركت بصمة على خشبة المسرح في السويداء بحسب رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب الدكتور فايز عزالدين من حيث قوة السيناريو والأداء والحركة المسرحية وأهدافه التي عكست ويلات الحرب على حياتنا وهو ما تؤكده كل من منى مسعود ومنار مهنا لجهة أبعاد المسرحية وإظهارها تفاصيل موجودة مغلفة بشيء من الكوميديا السوداء التي تجعل المشاهد يبكي تارة ويضحك تارة.
والعرض مستمر لغاية الـ 27 من الشهر الجاري يوميا عند السادسة مساء باستثناء يوم الجمعة .