منوع

التنجيد… مهنة تصارع للبقاء

كغيرها من المهن التقليدية التي كانت لها أهميتها ومكانتها وأربابها ومعلموها المهرة تتجه مهنة التنجيد مع تقدم العصر وتطور الآلة للانقراض لوجود البدائل وكثرة أنواعها والتفنن فيها ووفرتها في كل وقت.

ورغم ما تشهده هذه المهنة من تراجع في دمشق إلا أننا لا نزال نجد من يزاولها في بعض المناطق والأحياء.. ففي أحد أزقة حي الميدان مازال محمد الفرواتي منكبا على عمله بشغف وحب وهو يحمل الإبرة والخيط بيد وقضيب الخيزران بيده الثانية لينفش القطن والصوف لصناعة اللحف والمخدات.

ويمتلك الفرواتي شهرة واسعة في منطقته كونه من القلائل العاملين في هذه المهنة ويقول: “بدأت رحلة عملي قبل خمسين عاما حيث تعلمتها واتقنتها من والدي وجدي وما زلت حتى اليوم امتهن هذه الحرفة، لافتا إلى أن للمهنة طقوسا وذكريات جميلة لديه فقد كان المنجد قديما يأتي إلى البيوت حاملا عدة التنجيد فيفرش له مكانا خاصا ثم يبدأ عمله في منظر لا يخلو من الطرافة حيث ترى قطعا صغيرة من القطن أو الصوف تتطاير في كل مكان ثم تهبط ببطء كندف الثلج الجميل.

أما الآلة العجيبة التي يستعملها المنجد كما يقول الفرواتي فتعرف بقوس المنجد وهي عبارة عن عصا محنية يوجد بأسفلها عارضة مربوطة بوتر سميك ويشد شدا وثيقا يمسك المنجد هذا القوس بيده اليسرى ومدقة من الخشب باليمنى فيدخل القطن بين عصا القوس والوتر ويضرب بالمدقة على الوتر فيندف القطن وبعد ذلك يضع منه على قوالب من الخيش ويستره بقماش من خام يعرف بالظهارة ويخيطها.

ويتابع فرواتي: بعد ذلك تأتي مرحلة التطريز والزركشة بأشكال جميلة من الزخارف النباتية والهندسية حسب طلب الزبون ومن هذه الأشكال انتشرت تطريزات النجمة والوردة ودوار الشمس وورق الصنوبر وقطع البقلاوة والثمانية قلوب وطيور الحب وغيرها.

ويضيف: تراجعت المهنة اليوم بسبب ماكينات ندف الصوف الكهربائية واستبدال حشوات القطن والصوف بمواد اسفنجية صناعية.

ويقول بحسرة: “لم يعد الجيل الجديد يهتم بالمعايير الصحية مع أن النوم على القطن والصوف يفيد الجسم ويريحه وينصح به لكل مريض يعاني من مرض الديسك أو التكلس”.