ثقافة وفن

في تأبين الباحث محمد محفل… أحد قامات سورية العلمية الكبيرة

بمناسبة مرور أربعين يوما على رحيله أقام مجمع اللغة العربية بدمشق حفلا لتأبين الباحث الدكتور محمد محفل وذلك في قاعة المحاضرات بالمجمع بحضور حشد من الأدباء والمفكرين والمهتمين.

واستعرض رئيس المجمع الدكتور مروان المحاسني في كلمته نشاطات الراحل التعلمية والتعليمية التي توضح عمق انتمائه الى وطنه ومساعيه في دراساته لتأكيد أصالة الثقافة العربية وإصراره على الانفتاح المعرفي في صميم الدراسات التاريخية، لافتا إلى أن ما نشره من دراسات في المجلات العلمية عن مشكلات معاصرة كنشأة الصهيونية كان له دور كبير في توضيح العناصر المكونة للفكر الصهيوني.

رئيس جامعة دمشق الدكتور ماهر قباقيبي بين أن الراحل محفل أعطى الكثير من علمه ووقته لطلابه وللبحث العلمي في مجال التاريخ والآثار وتتلمذت على يديه أجيال عدة نهلت من خبرته العميقة بكل ما يتعلق بالتاريخ القديم لسورية الطبيعية إضافة إلى تميزه بمعارفه الواسعة وقدراته العلمية الكبيرة وإتقانه لعدد من اللغات القديمة والحديثة.

وأوضح مدير عام الآثار والمتاحف الدكتور محمود حمود في كلمته أن الثروة المعرفية لدى الراحل لم تقتصر على مجال التاريخ القديم وآثاره فحسب وإنما جمعت أيضا التاريخ الكلاسيكي والإسلامي وحتى المعاصر والأهم من ذلك تمتعه بقيم العالم الجليل كالتواضع والمحبة والعطاء، إضافة إلى ايمانه بحرية الانسان، مؤكدا أن محفل من القامات الوطنية والعلمية التي يجب أن نتباهى بها وبمخزونها الفكري.

وفي كلمة أصدقاء الراحل قال الدكتور زهير ناجي.. لا أعد الراحل محفل مؤرخا كبيرا فحسب بل كان استاذا كبيرا علم الناس أجمع ولا سيما طلابه ما هو التاريخ وكيف نحافظ عليه وأن يفتشوا عن قوانينه ويبحثوا عن الحقيقة باعتبار أن لنا تاريخا عريقا وحضارة عظيمة، كاشفا محاولات تشويه تاريخ وطنه الذي كان هاجسه الأكبر فاستحق بشرف أن يكون عضو مجمع الخالدين.

ولفت الدكتور عيد مرعي في كلمة طلاب الراحل أن الدكتور محفل كان معلما في تاريخ الاغريق والرومان واللغات الآرامية واللاتينية والاغريقية وكان هاديا لطلابه في تاريخ سورية القديم وعملاقا في نواحي الفكر والتاريخ والتربية، إضافة إلى عبقريته في قراءة الحاضر واستقراء المستقبل.

نجل الراحل فداء محفل أوضح أن والده قبل أن يكون معلما واستاذا كان أبا ليس لعائلته فقط بل لجميع من عرفه وتتلمذ على يديه، فكان غنيا بأخلاقه، كبيرا بتواضعه يفتخر بعروبته وبسوريته، وعزاؤنا أنه ترك الكثير من الباحثين الذين علمهم معرفة وأخلاقا فضلا عن الإرث الثقافي واللغوي الكبير والغني الذي تركه لوطنه.

يذكر أن الراحل من مواليد حلب عام 1928 حصل على إجازة في التاريخ وعلى دبلوم في التربية وعلم النفس، أوفد إلى جامعة السوربون في فرنسا لنيل الدكتوراه في التاريخ القديم فدرس اللغة والتاريخ الآراميين وانتسب إلى معهد اللوفر لكن السلطات الفرنسية طلبت منه المغادرة عام 1956 بسبب تأييده للثورة الجزائرية.

وتابع الدكتور محفل دراسته في جامعة جنيف في سويسرا وحاز فيها درجة الدكتوراه في التاريخ القديم كما منحته جامعة الدراسات الإسلامية في كراتشي درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف ليعمل أستاذا في جامعة دمشق لتدريس اللغات الكلاسيكية والآرامية والتاريخ القديم وأستاذا زائرا في جامعة عمان بالأردن.

أسهم الراحل في تأسيس لجنة كتابة تاريخ العرب ومجلة دراسات تاريخية في جامعة دمشق وأشرف على تنظيم ندوات ومؤتمرات سورية وعربية ودولية…انتخب عام 2008 عضوا في مجمع اللغة العربية وحاز عام 2012 وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة.

من مؤلفاته.. تاريخ الرومان والمدخل إلى اللغة الآرامية وتاريخ العمارة والدولة والمجتمع في المغرب ودمشق وغيرها الكثير.