Uncategorized

“سورية تستحق الحياة”.. معرض جماعي في صالة الشعب في دمشق  

29 فنان وفنانة قدموا أعمالهم داخل فضاء “صالة الشعب” بدمشق، ضمن معرض الفنانين التشكيلين بريف دمشق في صالة الشعب بدمشق.

وضم المعرض أعمالا تصويرية نحتية، حيث جاءت هذه الإبداعات متنوعة المذاهب والمشارب الفنية واستخدمت فيها خامات فنية متنوعة، بأساليب حداثوية وانتماءات كلاسيكية، وتعبيرية وفن التجريد.

من حيث المناخ العام للمعرض سنجد أن المدرسة الكلاسيكية كان لها الحضور البارز واللافت برز ذلك في لوحات الطبيعة الصامتة والطبيعة الواقعية، بالإضافة إلى لوحات تنتمي لمدارس فنية متنوعة كالبورتريه والحروفيات وغيرها.

 

في هذا المعرض تلمسنا الكثير من الأعمال التي  رسمت الطبيعة في أبهى جمالها وجدنا ذلك واضحا في لوحات الفنان محمود سالم الذي قدم لنا الطبيعة البكر قبل التلوث موظفا اللون الأخضر بكل تدرجاته بكثير من الدقة والتعبير عن خضرة فصل الربيع. كذلك في لوحات الفنانة ربا قرقوط التي قدمت لوحتين على غاية من الجمالية مستخدمة الفن التجريدي ففي لوحتها الأولى الموسومة بالفضاء التي رسمت فيه البحر من ذائقتها الجمالية، استخدمت فيها الألوان الزيتية وبسماكات واضحة مستخدمة فيها السكين التي أضفت أبعادا ذات دلالات جمالية تعبيرية بنكهة الواقعية، في لوحتها الثانية رسمت الفنانة ربا البحر مع ظلال رماله بتشكيل (التضاد – الكونتراست) الذي يبعث في ذائقة المتلقي تصور عن الحياة بكل تضادتها، وبكل ماتحمله هذه الجملة من بعد سيكولوجي وفيزيولجي، يذهب بنا بعيدا إلى ضفاف الذاكرة والذكريات.

أما الفنان طلال بيطار، فقدم  لوحات تشد المتلقي إلى الاقتراب أكثر من هسيس اللون وبوحه، عبر شخوص تعبر كلا منها عن شيء ما سيكون هنا للذائقة البصرية بالاشتراك مع العقل مساحة شاسعة من الولوج إلى عمق الرؤى التعبيرية. وعن قوة (اللاين – الخط) بكل حزنه السخي متناسقا بسواده مع الأحمر كمدلول لوني يبهر البصر. وفي الذهاب إلى (البورتريه) سنتوقف عند عملين للفنان مخلص الورار وجهين فيهما الكثير من التعبير ومن الأسى والشقاء الإنساني، عبر معادل آخر معادل معرفي ودلال لربما يقرأها أحدا ما بحالة فيها الكثير من الأمل لقادمات الأيام، في الوجهين بعيدا عن الرؤيا التعبيرية سنجد الكثير من التكنيك الفني على مساحة اللوحة وتوظيف متقن وجميل للتوازن اللوني الجميل والمدروس بعناية فائقة. أما الفنان بسام الحجلي، فقد قدم لنا لوحتان بأحجام كبيرة إلى حد ما استخدم فيهما مواد مختلفة من زيت وأكرليك ومواد أخرى، متعمدا لخلط أكثر من مدرسة ومن مذهب فني من الواقعية إلى التجريد والتكعيبية وغيرهما، بأعمال تشد المتلقي وتلفت كثيرا البصر والبصيرة، عبر رؤى ممنهجة وعبر اشتغالات فيها الكثير من الدراسة والنضج الذي مر طويلا في مطبخه الفني، لتخرج لنا أعمال فنية أقل ما يقال عنها أنها أكثر من بديعة. لقد نجح الفنان بسام  الحجلي على تقديم حالة من الرضا والتوازن وبكثير من الحب بين الإنسان ومعادله الأساسي الطبيعة بكل تجلياتها، وأتحفنا بألوان فيها اشتغالات وحرفنه ومهارة تنم عن خبرة عميقة وشغف كبير باللون واللوحة.

وفي ذهابنا إلى الأعمال النحتية المشاركة بالمعرض، التي كانت كلها مشغولة من مادة واحدة هي الخشب، وان تطعم أحدهما بالرصاص في المنحوتة الأولى للفنانة نور الزيلع حيث جمجمة مخترقة أو موشحه برصاص.

الفنان هادي عبيد، النحات المعروف بجمالية أعماله وعشقه المبكر في شغفه بالنحت، هو المولع بالخشب، الذي يعتبره صنو روحه وربيب أحلام الطفولة، وان كان قدم أعمال نحتية في اسبانيا وملتقيات دولية بالحجر وبالرخام والبرونز، في هذا المعرض قدم النحات هادي عبيد ثلاثة منحوتات من الخشب , استخدم فيها تقنية الكتلة والفراغ، والاشتغال على الإنسان كهاجس وهم وتعب وحنو وشغف، الإنسان الذي تشظى وبات حارسا يتيما على بوابة الأمل، المرأة المثقلة بلهفة انتظار من تحب، وهو الغائب البعيد الذي لايعيد للهفتها عبارة أو جملة، لكنها تظل تنتظر الحلم  على عتبة أيامها.النحات عبيد،  وكعادته كانت المرأة بكل تجلياتها وأبعادها حاضرة، اللافت أن هادي عبيد، لايكرر ذاته، ففي كل معرض يقدم ابتكارات وإبداعات جديدة، تضاف لسجله الفني بكثير من التقدير.

النحاتة نور الزيلع قدمت عملين نحتيين، تستحقان التوقف عندهما مطولا، ففي كلا العملين سنكون أمام حالات إنسانية حث شرخا عميق في محبتها،  وفي بعدها الإنساني، في العمل النحتي الأول حيث الجمجمة المسكونة بالرصاص هو أكثر ميلا إلى السوريالية، التي هي صعبة في النحت كمذهب فني، في عملها النحتي الثاني، ثمة  تقانات لافتة للانتباه،   من حيث التكنيك والاشتغالات على الكتلة والفراغ والتعامل مع مادة الخشب بكثير من الشغف. ومن حيث البنية الأساسية لمحور الفكرة كدال حزين على قسوة الإنسان على أخيه الإنسان.

البعث ميديا || أحمد عساف