بالإرادة والتصميم حقق تجربة فتية لكنها فريدة
همام عبد الرحمن فتى سورياً مميزاً، سبق عمره كثيراً، وتميز بإرادته عن جيله، مستجمعا طاقاته الفكرية بعمر مبكر ليحول هوايته بجمع العملات القديمة إلى محطة تنقله للبحث وتجميع المعلومات والتوثيق والتدوين، محققا تجربة فتية لكنها فريدة.
وهمام طالب بالصف الأول ثانوي في مدرسة عبد الرؤوف سعيد، دمشق، استهواه جمع النقود والعملات القديمة منذ نعومة أظافره، فكانت البداية في السادسة من عمره هواية، لكنه دأب على تطويرها بالحث متواصل والمستمر، فأثمرت كتاباً له بعنوان: (من تاريخ النقد في سورية والمشرق العربي).
ما يشدك لهمام، حديثه الجميل الذي يعطيك انطباعاً بأنك تتحدث إلى باحث مخضرم يدرك جيدا ما يقوله، ويدرك ما يسعى إليه، يتفوق عن جيله بمخزونه المعرفي الذي يشعرك بأنه متفوق على عمره لما قدمه من أفكار وتطلعات.
وبحسب الباحث الشاب استغرقت عملية جمع المعلومات قرابة الأربع سنوات، قام خلالها بالتحقق من مصداقية كل معلومة، بالاعتماد على عدة مصادر رسمية وغير رسمية، إضافة إلى الاستعانة بالبنك المركزي في سورية والبنوك المركزية في دول عدة.
وعن كتابه الذي أصدره ضمن حفل توقيع أقيم في المركز الثقافي بـ أبو رمانة في دمشق، حضره عدد من السياسيين والمثقفين، اللذين دعاهم الباحث الشاب بنفسه، أوضح همام أن الكتاب يقسم إلى جزأين، ففي الجزء الأول، يتحدث فيه عن تاريخ النقد في سورية والمشرق العربي، وأما الجزء الثاني، فهو قيد الإصدار، يتحدث فيه عن تاريخ النقد في المغرب العربي، لافتا إلى أن الطباعة كانت على نفقته الخاصة من خلال بيعه بعض القطع المكررة لديه على المستوى الداخلي والخارجي، إذ وصلت مقتنياته إلى السويد وألمانيا وأميركا وفرنسا وروسيا وجزر القمر، وعلى الرغم من ذلك، فقد خصص ريع كتابه لأسر الشهداء تقديراً منه لتضحياتهم التي صانت الوطن وأهله، قائلا: “لولا هذه التضحيات لما كنا اليوم قادرين على الإنجاز”.
وتبقى أجوبة همام المدروسة وأفكاره المرتبة تثير الدهشة وتشد الانتباه لباحث ومدون صغير يحسب خطواته ويسير وفق مبادئ واضحة يلتزم بها ويعمل لأجلها، حيث جمع على مدار ست سنوات، مجموعة كاملة لإصدارات مصرف سورية المركزي بين عامي 1958-2017 ”، ووضعها بحوزة الشركة العالمية (بي ام جي)، التي تعد من أهم الشركات العالمية المرخصة مسؤولة عن تقييم العملات والتأكد من صحتها ودرجة نظافتها، في لندن.
أحيط همام برعاية واهتمام متكامل من الأسرة والمدرسة، وكان لجده الأثر الأكبر في تجربته، من خلال متابعته وتوجيهه وتشجيعه على جمع النقود ومن ثم إنجاز هذا الكتاب، فيما عملت المدرسة على دعم موهبته ليكون حافزاً لزملائه، وقال عنه مدير ثانوية عبد الرؤوف سعيد أحمد الأحمد: ” إن همام من أصحاب المواهب المتميزة يمتلك جدية وإحساسا بالمسؤولية، ولديه طريقة تفكير واهتمامات مختلفة عن أبناء جيله، وظهر ذلك جليا أثناء تنفيذه المشاريع والأنشطة الصفية”، ورغبة منه قام باطلاع زملائه على تجربته ليستفيدوا منها وتكون حافزا لهم، وقدم محاضرة أقامها في مدرسته تطرق فيها إلى انجازه ومخاطر الانترنت والموبايل وانعكاساتهما السلبية على جيل الشباب، وفي الختام، اقترح همام تشكيل فريق مختص من الباحثين الشباب أسوة بباقي الدول، لتوثيق وتدوين الأحداث المهمة في بلدنا ولاسيما خلال الأزمة وإقامة مركز أو ناد ثقافي لهواة جمع العملة القديمة تسمح بالمشاركة الدولية.