بين غزة والجولان يسير العدو إلى حتفه
صفِعت “إسرائيل” أمس على خدّها الأيمن، فكادت أن تدير خدّها الأيسر، لا عن حكمةٍ ولا عن حُلم، لكن لعجزها عن رد الصفعة بمثلها، وقد كانت من قبل ترد على الصفعة بصفعات. كان الصافع يمارس حقه في الدفاع عن نفسه وعن مظلومية شعبه، عهداً أخذه على نفسه أمام الله وأمام أهله أن لا يتركهم دون حماية ولا يدعهم للعدو يُعمل فيهم قتلاً وجرحاً وتشريداً وتهجيراً، بانتظار الجيش العربي الذي لن يصل.
هكذا تغير الزمان، فصار “الجيش” الذي كان يجتاح دولةً في ساعاتٍ لأتفه الأسباب لا يقوى على الرد على صاروخ يسقط على واحدة من مستعمراته، ذات الرمزية العظيمة لما تمثله من سلطة معنوية وعسكرية وسياسية واجتماعية، فإذا بالصاروخ القادم من غزة يحطم الأيقونة المقدسة ويكسر المعادلة التي كان من المستحيل كسرها، لولا رجال آمنوا بربهم فزادهم هدىً وعزيمة.
بدأت الجولة الاخيرة بين العدو والمقاومة الفلسطينية وانتهت ورئيس وزراء العدو معظم وقتها عند سيده الأميركي، الذي أهداه توقيعه على الاعتراف بالجولان السوري المحتلّ أرضاً “إسرائيلية” صافية، مخالفاً كل القرارات الدولية الصادرة حول الجولان ووجوب الانسحاب “الإسرائيلي” منه، لكن متى لم يخالف الأميركي القرارات الدولية؟
لنتياهو أن يفرح بالقرار، الذي، لمهازل الصدف، جرى التوقيع عليه والمستوطنون “الإسرائيليون” يهرولون إلى الملاجئ خوف الموت القادم إليهم من بقعة جغرافية صغيرة بمقاييس المعارك، بقعة مكتظة بفلسطينيين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة جداً، بسبب حصار إسرائيلي عربي مشترك عليهم، لكنهم على الرغم من ذلك يواجهون أعتى جيوش المنطقة بإرادة صاحب الحق الذي يحيا على يقين أنه منتصر لا محالة ذات يوم.
تُرى، إذا كانت غزة المحاصرة قد صنعت المعادلة تلو الأخرى مقابل العدو، فما يفعل “الإسرائيلي” لو قرر السوريون تحرير أرضهم المحتلة في الجولان، متمتعين بالامتداد الجغرافي دون أي حصار يخنقهم، مع الدعم العسكري غير المنقطع، وبوجود جيش مجرّب خبرَ الحرب لأكثر من ثماني سنوات، ناهيكم عن الحلفاء ذوي البأس الشديد؟
فليوقع ترامب على ما يشاء، فصفحات الغد سيوقعها محور المقاومة المنتقل من نصرٍ إلى آخر، والغد لناظره قريب.
فيصل الأشمر- العهد