إصدارات جديدة تكشف خفايا الولايات المتحدة
تعتبر الثقافة مرآة البلدان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، والكتب على وجه الخصوص هي الحامل الأهم لهذه الثقافة حول العالم، فانتشار فكرة ما وتكرارها في أكثر من كتاب يعكس بالضرورة واقعاً على الأرض، وهذا حقيقةً وظيفتها، وخير مثال على كلامنا حال أكثر الإصدارات في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أصبح الأدب الأمريكي الجديد يدور في معظمه حول العنف والوحدة والإدمان، وتلاقي هذه الكتب نسبة مبيع ممتازة تتعدى حدود البلاد في أكثر الأحيان.
والمتتبع لأكثر هذه الكتب رواجاً في أمريكا، يلحظ تلاقياً بين أحداث الروايات ذات الشعبية خلال السنوات القليلة الماضية وبين تردي الواقع المجتمعي الأمريكي، ويؤكد ذلك أرقام مبيعات الكتب وتحديداً في القائمة الأشهر، قائمة نيويورك تايمز للكتب، والتي تصدرها خمسة كتب خلال الأشهر الثلاثة الأولى لهذا العام وكلها تتمحور حول نفس الأفكار السابقة، فبعد 28 أسبوعاً في القائمة تصدرت رواية “حيث تغني الكراودادز-WHERE THE CRAWDADS SING” بقلم الكاتبة الأمريكية وعالمة الحياة البرية، ديليا أوينز، ويبدو من العنوان تأثر الكاتبة بمهنتها أثناء كتابتها للعمل الذي يتحدث عن بلدة هادئة على ساحل ولاية كارولينا الشمالية عام 1969، تعيش امرأة شابة تخوض غمار حياتها وحيدة، تنقلب حياتها وتتعقد بعدما تصبح مشتبهاً بها في جريمة قتل.
واحتلّ المركز الثاني إصدار جديد بعنوان “اهرب-RUN AWAY” بقلم الكاتب الأمريكي المختص بروايات الغموض والتشويق، هارلان كوبن، وتحكي الرواية قصة أسرة تمزق أوصالها اختفاء ابنتها المدمنة على المخدرات، لنثبر مع الكاتب أغوار عالم بشع من الإدمان والفسق والهروب من الواقع.
وفي المركز الثالث، إصدار جديد أيضاً تحت عنوان “إمبراطورية سيلتك-CELTIC EMPIRE” بقلم كليف كوسلر وابنه ديرك المعروفين بكتابتهم لقصص المغامرات وبخاصة مغامرات عالم البحار، وتشذّ هذه الرواية عن سابقاتها كون أحداثها تجري في رحلة استكشاف لأسرار البحار وحل ألغاز والعثور على كنز لكن تشترك معها بالعنف والجريمة التي يسعى بطلا الرواية ديرك بِت والسيد آل جيوردينو لكشف جريمة تقع على مركبهما أثناء تبحارهما.
وبعد أسبوعين على إصدارها تبقى رواية “السيدة الأولى-THE FIRST LADY” في المركز الرابع، الرواية من تأليف الكاتب والمؤلف المشهور جيمس باترسون، وبالتأكيد تدور أحداثها في أروقة البيت الأبيض، حيث تحقق سالي غريسوم بقضية اختفاء زوجة الرئيس “الافتراضي” هاريسون تاكر، وتعتبر حياة رئيس الولايات المتحدة وأسرته محوراً أساسياً لكثير من الأعمال في السنوات الماضية، وهذه القضية تعتبر هاجساً عند الشعب الأمريكي بعد تولي ترَمب، فهناك شعور واضح بالقلق لدى الأمريكيين تعكسه هذه العمال حول النهاية التي ستؤول لها الأمور خلال وبعد ولايته.
وأخيراً تستمر رواية “المرأة في النافذة-THE WOMAN IN THE WINDOW” في تحطيم كل الأرقام فبعد أن اختيرت كأكثر رواية مبيعاً العام الماضي مازالت بين أكثر خمسة كتب مبيعاً ودائماً بحسب نيويورك تايمز بوك، الرواية التي احتلت المرتبة الخامسة تتحدث عن حياة آنا فوكس التي تعاقر الخمر وحيدة في منزلها بعد تركها لعائلتها، تتعقد حياتها بعد أن تشهد جريمة قتل، الرواية بقلم الكاتب الأمريكي دان مالوري الذي وقع كتابه باسم إي جي فِن، ولا توجد ترجمات عربية لهذه الأعمال باستثناء العمل الأول والأخير.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تتصدر مثل هذه الأعمال الواجهة الأدبية الأمريكية، ويمكن القول إن أدب الروايات في المجتمع الأمريكي مازال أسير الانتماء لمذهب الواقعية الجديدة الذي تسيد الساحة الأدبية الأمريكية منذ القرن التاسع عشر، ولكن بأفكار شعبية أكثر حداثة تبتعد عن الثورة وتغوص أكثر في “التشاؤم” الذي سيطر على الشارع الأمريكي.
البعث ميديا || سامر الخيّر