في حضن من ستسقط ليبيا ؟
رفض المشير حفتر لطلب رئيس منظمة الامم المتحدة انطونيو غوتيريش واصراره على فتح طرابلس، الى جانب اخفاق مجلس الامن ينذران بايام دامية في ليبيا وبالطبع مستقبل اكثر قتامة مما هو عليه الان لهذا البلد.
يمكن القول ان غالبية التحذيرات التي اطلقت والجهود الدولية التي بذلت لتهدئة الاوضاع في ليبيا لحد الان باءت بالفشل.
وكما كان متوقعا فان الاجتماع الذي عقده مجلس الامن الدولي امس لم يسفر عن اي شيء.
يذكر الانباء الواردة تشير الى تبادل السيطرة على مطار طرابلس بين القوات الغازية وعناصر السراج، الامر الذي يعني ان المناوشات المستمرة منذ سنين بين الاخوانيين والمعارضين وصلت الى حدود طرابلس. المشير حفتر لا اذن صاغية للتراجع عن السيطرة على العاصمة، وفي المقابل لا خيار امام السراج سوى تحشيد وتعبئة عناصره وطلب العون من الاوساط الدولية لدفع شر حفتر.
لا المفاوضات التي جرت الشهر الماضي في ابوظبي ولا الاتفاقات السابقة يمكنها حل الخلافات، ولا الامال التي كانت تعقد على مؤتمر السلام الذي كان مقررا عقده ما بين 13 وحتى 16 من الشهر الجاري للتقريب بين توجهات الطرفين والتمهيد لاقامة الانتخابات العام المقبل، يمكنها اقناع حفتر بالتراجع عن قراره.
التحليلات والتفاسير تشير الى ان الهجوم الشامل الذي يشنه حفتر على العاصمة طرابلس حتى وان لم ينته بالسيطرة الكاملة على العاصمة او لم تستمر السيطرة لفترة طويلة، الا انها وعلى اقل تقدير ستترك تاثيرها على اي مفاوضات مستقبلية، حيث ستكون اليد العليا للمشير حفتر فضلا عن ترجيح كفته السياسية في اي مشروع مستقبلي لليبيا.
في الواقع ان ما تشهده ليبيا في الوقت الراهن هو ليس نزاعا بين الحلفاء السابقين ضد القذافي، اي حفتر والسراج، بل هي قبل ذلك واكثر من ذلك مواجهة بين فرنسا والامارات ومصر والسعودية من جهة ضد امريكا وبريطانيا وقطر وتركيا التي تبحث عن مصالحها وتحاول الصيد في الماء العكر الليبي خدمة لمصالحها.
وفي هذا البين هناك لاعبون مثل ايطاليا بمطامعها المعروفة حيال ليبيا ، التي تسعى الى استغلال الظروف الراهنة لنهب الغاز الليبي دون الاصطفاف الى اي جانب من طرفي الصراع خدمة لمصالحها، وفي الحقيقة يمكن القول انها تلعب على وترين.
نظرا الى هذه اللعبة السياسية الانتهازية المعقدة، وفي حين ان جميع محاولات مجلس الامن باءت بالفشل، فان التوقع باستخدام النفوذ او بتعبير آخر الوساطة من قبل جيران ليبيا لحل هذه الازمة امر عبثي، والسبب أنه بمنأى عن مصر التي تصطف الى جانب احد طرفي الصراع، فان الجزائر تواجه مشاكل معقدة بسبب الشغور في السلطة والاحتجاجات الشعبية العارمة، واما السودان، رغم انه ليس لديها نفوذ يذكر في ليبيا، الا انها أيضا تعاني من اوضاع اسوأ من ازمة الجزائر، وفيما يخص تونس فانها اضعف واعجز من ان يعقد الامل عليها لاحداث تغيير يذكر في ليبيا.
لم تنعم ليبيا بالهدوء والاستقرار بعد سقوط القذافي عام 2011، ونظرا الى الخطوة الاخيرة لحفتر، يبدو ان الازمة في هذا البلد دخلت حقبة جديدة من العنف واراقة الدماء. في ضوء فشل المنظمات الدولية لاسيما الامم المتحدة، يمكن التكهن بان تتحول ليبيا في قابل الايام الى بؤرة لتواجد وانتشار الارهابيين المحبطين والمنبوذين من سائر مناطق العالم، واما فيما يخص مصادرها فانها ستبقى منهوبة من قبل الدول الغربية.
مسرح ليبيا تحول الى ساحة حرب بالوكالة وتسوية الحسابات الاقليمية، وبعبارة أدق الى ساحة حرب استنزافية لا منتصر فيها في الامد المنظور سيعاني منها الشعب الليبي.
ابو رضا صالح – العالم