ثقافة وفن

عودة متواضعة لجيمس كاميرون في “أليتا: ملاك المعركة”

حقق فيلم “أليتا”، الذي طرحته استوديوهات فوكس بداية العام الحالي، إيرادات كبيرة وتصدر قائمة “الأمِريكن بوكس أوفيس” وهو أمر متوقع، لكن عشاق المنتج والمخرج الكندي جيمس كاميرون سيضطرون إلى انتظار بداية العام القادم ليتمتعوا بتحفةٍ جديدةٍ من أعماله عندما يصدر الجزء الثاني من الأيقونة البصرية “أفاتار”، حيث أن الكثيرين لم يروا في “أليتا” فيلماً يعوض عن غياب عشر سنوات، ليس هذا فحسب، فرغم جودة المؤثرات البصرية والتي تمتاز بها أفلام كاميرون، كثر النقد الذي تعرض له الفيلم، فمن جهة لا يوجد فكرة جديدة في القصّة، لأن المشاهد ومنذ الدقائق الأولى لعرض الفيلم، يلاحظ التشابه الواضح مع غيره من الأفلام كـ “الذكاء الاصطناعي” عام 2001 للمخرج ستيفن سبيلبرغ و”بليد رانر” عام 1982 للمخرج ريدلي سكوت، ومن جهة أخرى القصة مشابهة في مضمونها لفكرة فيلم الرسوم المتحركة الشهير “بينوكيو” عام 1940، إذ تتناول الحكاية أيضاً صانعاً يبتكر دميته أملاً في أن تتحول إلى سند له في الحياة.

تجري أحداث الفيلم في المستقبل البعيد، حيث يعثر عالم ومخترع على سايبورغ مراهقة (نصفه آلي ونصفه بشري) فاقدة للذاكرة، فيقوم بإصلاحها وإعطائها جسد ابنته، وتعيش صراعاً وجودياً بين ماضيها ومن تريد أن تكونه في مشاهد تشويق وإثارة، حيث تقوم أليتا بالبحق عن قاتل متسلسل وتصبح صائدة جوائز وتقع في الحب وتنضم إلى فريق سايبورغ رياضي قاتل ومحترف، لتكتشف في النهاية حقيقة وجودها.

يستند الفيلم إلى إحدى أشهر كتب المانغا اليابانية (المانغا قصص مصورة تقابل الكوميكس بوك في أمريكا) للمؤلف المعروف يوكيتو كيشيرو، ولا يخفى على أحد صعوبة إخراج رواية لاقت شعبية كبيرة فكيف بكتاب مصور طبعت أساساً شخصيات وأحداث العمل في أذهان القراء، أجل هي مهمة صعبة كثيراً ومن المؤسف أنه أثناء محاولة وضع أكبر قدر من المانغا في الفيلم، ترك القائمون عليه معظم التفاصيل التي جعلت القصة قوية وجذابة في المقام الأول، ولكن تدخل كاميرون في كتابة السيناريو مع الكاتبة إليزابيث كالوغريديز، وخبرته في المؤثرات البصرية التي ساعدت كثيراً المخرج روبرتو رودريغيز على مقاربة المانغا بالفيلم، ولا يخلو الأمر من مبالغة في العوالم الملونة وحركات الشخصيات، لكن يحسب للمخرج نجاحه في خلق عالم يتكيّف فيه السايبورغ مع البشر، وهذا أحد أهم الأسباب التي جعلت هذا الفيلم مميزاً ومثيراً إلى حدّ ما.

الفيلم من بطولة عدد من النجوم الحائزين على الأوسكار، منهم جينيفر كونلي، ماهرشالا علي وكريستوف فالتز ووروزا سالزار وميشيل رودريغز وتقدر ميزانيته الإنتاجية بـ200 مليون دولار، وقد تكون الشركة المنتجة نجحت مادياً بعد جعل جيمس كاميرون وجهاً دعائياً للعمل، نظراً لشعبية المخرج الحائز على عدّة جوائز عالمية، ولكن فنياً هناك الكثير من إشارات الاستفهام، مثلاً الفيلم يصنف تحت فئة الخيال العلمي والمغامرات، لكننا في الحقيقة أمام فيلم تشويق لا يصلح لمشاهدة الأطفال الذين من المفترض أن يكونوا الهدف الأساسي من مثل هذه النوعية من الأفلام وذلك بسبب مشاهد القتال العنيفة والدموية في بعض الأحيان.

ختاماً، يعتبر العمل صراحة أحد أفضل أفلام روبرت رودريغيز، الغائب عن الإنجازات المهمة منذ فيلم “المارياتشي” عام 1992 الذي شهره، لكنه لم يرض أصحاب الذوق الرفيع الذين يهتمون بتكامل العمل من الحوار والقصة إلى الصورة والمؤثرات، إلا أنه يمكن اعتباره جرعة تمهيدية لما يمكن أن يقدمه كاميرون في عمله القادم، الجزء الثاني لرائعته “أفاتار” الذي سيكون جاهزاً للعرض السينمائي بحلول عام 2020 كما وعد، على أن يتم طرح عدد من أجزاء السلسلة وصولاً للجزء الخامس والمقرر طرحه نهاية عام 2025 بمشاركة معظم طاقم عمل الجزء الأول، منهم سام ورثينغتون وزوي سالدانا وسيغورني ويفر إلى جانب انضمام النجمة المتألقة والتي يحب كاميرون العمل معها كيت وينسلت بطلة فيلمه الشهير “تايتانِك”.

البعث ميديا || سامر الخيّر