حجر البازلت ينطق بالحب والعاطفة في (هارموني)
رغم قساوة البازلت ولونه الداكن يستطيع الفنان برقة شعوره ولمساته أن يحوله إلى مدلولات عميقة تبث الحب والحنين وكذلك كانت أصابع الفنان وائل هلال الذي جعل من تلك الحجارة الصلدة إشارات لتاريخ عريق وثقافة عميقة وعواطف دافئة.
وخلال معرضه المقام حالياً تحت عنوان “هارموني” ضمن فعاليات المعرض الدولي للبناء “بيلدكس” في مدينة المعارض أوضح الفنان هلال في حديث له أن تجربته مع البازلت هي حكاية مع العاطفة والحنان ولها جذور تتصل بالأرض التي يتميز بها جبل العرب من حجارة البازلت القاسية التي يجب التعامل معها بلطف فكلما قسي الحجر يجب أن يتعامل معه الفنان بإحساس ولين.
ومادة البازلت بحسب هلال ثمينة صلبة متماسكة لا تتأثر بعوامل الجو أما من الناحية الفنية فهي ظل داكن بسبب لونها الأسود لذلك يجب أن يكون الفنان حذراً بالتعامل مع السطوح حيث هناك صعوبة في الإيحاء إلى الظل والنور بلون البازلت الأحادي لذلك يحتاج العمل إلى مزيد من الخبرة والإبداع لإيصال الفكرة.
ويبين هلال أن الطبيعة توحي بالخط المنحني وهو التكوين الأساسي فيها وفي جميع المخلوقات من الإنسان والشجرة والبحر والغيم والطير فهذا الخط بنظره جمالي ويوحي بالانتقال من الساكن إلى المتحرك كما يوحي بالمشاعر الجياشة لذلك أصبح أساس تركيبة أعماله للانتقال من اللاوجود إلى الوجود.
واعتمد هلال في موضوعات معرضه الحالي على الإحساس والعاطفة فالإنسان يعيش حالة نفسية ينقلها إلى العمل الفني من خلال السطوح أما قيم العمل الفني فتتجلى في الغائر والنافر، الخشن والناعم، الكتلة والفراغ، ثم فصل العمل عن الجاذبية والتمكن من التكنيك الحرفي والمقدرة على فهم العمل الفني لصنع تكوين ناجح.
وحول استخدام الآلة في عمله يوضح أن ذلك يكون في البدايات لوضع الملامح الأولى للعمل النحتي أما الإزميل واليد فيدخلان في النهايات ومرحلة التفاصيل الصغيرة لوضع إحساس الفنان في الملامح الأخيرة للمنحوتة.
ويستلهم هلال أفكاره من الطبيعة ومن المرأة، معتبراً أن الأنثى هي النبع والعطاء ومن هنا يحاول تجسيد تلك العلاقة بين الفنان والأنثى عبر الخطوط المنحنية.
وحول منحوتته التي تعتبر أكبر الكتل النحتية في الوطن العربي ومن أكبرها في العالم يلفت إلى أن “البحرة البازلتية الرومانية” تزن ما يقارب خمسة أطنان وارتفاعها أربعة أمتار وطولها نحو مترين وهي أكثر من قطعة شكل منها كتلة واحدة معتمداً التوازن والتكنيك المدروس دون مواد لاصقة على صورة صحون معلقة ترتكز على ثلاثة أبعاد مفرغة لخروج الماء وهي يدوية بالكامل وكان الهدف منها تجسيد التاريخ والحضارة التي مرت بها المنطقة في عمل نحتي.
الفنان الذي اشتغل مجموعة من التماثيل لشخصيات تاريخية مثل فيليب العربي وعازفة الغيتار وغيرها يرى أن الفن أفضل طريقة لمواجهة الإرهاب التكفيري الذي لا يفهم الحضارة والتراث ويحطم مدلولاتها الثقافية والفكرية حيث أنجز في هذا الصدد منذ عامين عملاً نحتياً هو ولادة جديدة لسورية عبر عنه بسطوح وامرأة حامل تمثل سورية الخصوبة خلفها دوامة هي المؤامرات التي تحاك ضد بلدنا وفراغ هو الانتقال من الظلام التكفيري إلى النور والبعث الجديد للوطن.
يشار إلى أن الفنان هلال من مواليد السويداء وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين وله معارض فردية منها معرض بيلدكس لست دورات وأخرى جماعية منها ملتقى البازلت الدولي في مدينة السويداء ومعرض النحت البازلتي الثاني.