القصة القصيرة جدا في سورية…توقعات بانتشار كبير جدا لها
مع النصف الأول من القرن الماضي برز إلى الساحة الأدبية فن القصة القصيرة جداً كصنف جديد من الأصناف ورغم أنه لاقى في بداياته استهجانا بسبب ميله للاختصار لكنه أصبح واحدا من الأجناس الشائعة بأدبنا العربي في الوقت الحالي جاذبا إليه آلاف الأقلام للخوض فيه.
ويعرف الدكتور محمد ياسين صبيح رئيس رابطة القصة القصيرة جداً في سورية في حديث له هذا الجنس الأدبي بأنه قصة تحتوي حدثاً وشخصية تكتب على مساحة سردية ضيقة جداً ولا يمكن فرض أي عدد كلمات أو أسطر إنما ظروف كل قصة تفرض مساحتها وطولها بشرط ألا يصيبها الترهل وأن تبتعد عن التقريرية.
وبين صبيح أن ما يميز القصة القصيرة جداً أنها تعرض حكاية قصيرة بفترة زمنية محددة ويمكن أن نقرأها في جلسة واحدة ويجب أن تتمتع بقوة الاندفاع وأن تكون كلماتها مليئة بالمعنى وبأكبر قدر من الإيحاء ومداها محدود زمنياً فهي تصاغ بشكل وميض سردي مكثف في حدث سريع كما يمكن أن تخترق المسافات الزمنية بلحظة.
وما تقدمه القصة القصيرة جداً برأي صبيح من تقنيات وصور وملامح قصصية وتأويلية لا يمكن أن يقدمه أي جنس أدبي آخر فالغزارة الإيحائية تتمثل في جملة واحدة تكثف الفكرة والمشهد ليمتد في ذهن المتلقي واسعاً ليشمل مساحات هائلة من التعبير والأفكار.
وبخصوص موضوعات القصة القصيرة جداً رأى صبيح أنه يترتب على كتابها الاهتمام بالشكل والمحتوى على أن تكون النصوص مميزة ولا يستسهلوا أمر كتابتها لأنها لا تحتمل طرق السرد الأقرب إلى التحقيق الصحفي أو الخاطرة التي تشكل بوحاً مجانياً.
وعن آفاق هذا النوع الأدبي اعتبر صبيح أن الاهتمام الكبير الذي لاقته القصة القصيرة جداً كتابة وقراءة سيؤدي إلى انتشارها أفقياً بشكل كبير جداً بين القراء فنرى مثلاً بعض كتاب الرواية والشعراء يجربون كتابتها واصفا هذه الظاهرة بالجيدة لأنهم بذلك يحققون نسبة قراءة كبيرة لدى الجمهور.
وفيما يتعلق بأهم المدارس أو الروابط التي تبنت القصة القصيرة جداً في سورية شرح صبيح أنه مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة إزداد الاهتمام بها ونشأت الكثير من الصفحات والمجموعات التي تهتم بها ومن هنا كان إنشاء رابطة القصة القصيرة جداً في سورية نهاية عام 2013 والتي ساهمت بشكل فعال في الاهتمام بكتابها وأدى ذلك الى ظهور العديد من الكتاب العرب والسوريين الذين حققوا مستويات مميزة فيها.
ولفت صبيح إلى أن العمل ضمن الرابطة جماعي يساهم الكل بما يبرع به فالبعض يقدم دراسات وقراءات نقدية وآخرون يكتبون قصصاً مع إقامة ندوات للكتاب والنقاد تناقش وتبحث في ماهية القصة وأساليبها، مبينا أن الرابطة نظمت ثمانية ملتقيات خاصة بالقصة القصيرة جداً في مختلف المدن السورية.
أما حول رفض البعض هذا النوع من القصة فيعود برأيه لرغبتهم بعدم ظهور تطور أدبي ما ويركنون إلى ما اعتادوا عليه من رواية وقصة قصيرة وهذا أيضاً ناتج عن عدم فهم ماهية القصة القصيرة جدا وطبيعتها وهدفها.
ويدعو صبيح كتاب القصة القصيرة جداً إلى انتهاج أساليب كتابة مختلفة عن القصة القصيرة والخاطرة باتباع التكثيف أسلوباً نحقق من خلاله طريقة ورؤية لتقديم الفكرة دون الإسهاب والابتعاد عن الشرح والوصف مع امكانية الاعتماد على الأسلوب الشعري في الكتابة والاهتمام بالإيحاء المناسب ومراعاة رغبة الكاتب في التجريب.