مجلة أمريكية تكشف عن شبكات ملاحقة الرياض لمعارضيها
أعد الكاتب أيمن محيي الدين تقريرا، نشر مجلة “فانيتي فير”، حول الطرق التي يستخدمها النظام السعودي لإسكات المعارضة، من خلال الاعتقال والترحيل القسري أو القتل.
الكاتب بدأ بالحديث عن الأمير خالد بن فرحان، الذي يعيش في ألمانيا، وأنه أثار غضب العائلة الحاكمة بسبب مطالبته بحقوق الإنسان، وحديثه بشكل علني عن رغبته بإنشاء حركة سياسية.
التقرير لفت إلى أن والدة ابن فرحان، التي تعيش في مصر، تلقت عرضا من السفارة السعودية في القاهرة لتقنع ابنها بالعودة إلى الرياض مقابل 5.5 مليون دولار أمريكي، والشرط للحصول على المبلغ هو الحضور إلى القنصلية أو السفارة، ورغم أن العرض كان مغريا إلى أن اتصالات ابن فرحان اللاحقة مع السفارة أكدت له خطورة قبول العرض، وأضاف بأن الأمير السعودي قرأ بعد فترة أخبار مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
كذلك أشار الكاتب إلى الناشط السعودي المقيم في مونتريال بكندا، عمر عبد العزيز، الذي كان صديقا لخاشقجي، وتعاونا معا في عدد من المشاريع، منها نشر تقارير عن مصير المعتقلين السياسيين في السعودية، وإنشاء جيش النحل لمواجهة دعاية الذباب الإلكتروني.
حيث ذكر الحادث الذي حصل مع ناشط عبد العزيز، عندما وصل إلى كندا ممثلان عن الديوان الملكي، وكانا يحملان رسالة من محمد بن سلمان، وحثوه في عدد من اللقاءات على وقف نشاطه وانتقاداته للحكومة والعودة إلى بلاده، وطلبوا منه زيارة السفارة لتجديد جواز سفره.
وتعلق المجلة أن الرسالة كانت واضحة بأنه لو استمر في نشاطاته السياسية فإن عائلته ستكون في خطر، مبينة أنه اكتشف خلال النقاشات أن شقيقه يتعرض للضغوط، فعندما رفض العرض تم اعتقال شقيقه حال عودته إلى السعودية، ولا يزال حتى هذا الوقت في المعتقل.
الناشط السعودي اكتشف قبل أربعة أشهر من مقتل خاشقجي، أن هاتفه قد اخترق، وتمت القرصنة على معلومات حساسة تتعلق بخطط له مع خاشقجي، مشيرا إلى أن سلطات بني سعود رفضت الرد على أسئلة تتعلق بعبد العزيز، أو بمحاولات اختطاف معارضين آخرين، وكذلك السفارة السعودية في واشنطن، التي لم ترد على عدة طلبات من “فانيتي فير”.
ويرى الكاتب أن هؤلاء من الأمثلة عن عدد من المعارضين الذين حاول النظام السعودي تصيدهم أو رشوتهم أو إجبارهم على العودة، مشيرا إلى أن نظام بني سعود كان، في بعض الأحيان، يرسل عملاءه إلى الخارج لتصيد المعارضين وإسكاتهم، ومن انتهوا في أيديهم كانوا يعدون من المختفين، فيما هناك من سجنوا ومن لم يسمع عنهم أبدا.
ومع أن الحادث المعروف والأشهر عن الاختطاف وقع عام 1979، عندما اختفى معارض للسعودية من بيروت، إلا أن عمليات الاختطاف تزايدت منذ وصول محمد بن سلمان إلى السلطة، حيث استهدف معارضين وطلاب وأمراء خارجين ورجال أعمال بارزين، بالإضافة إلى أعداءه في عدد من الدول، بينها بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وسويسرا وفرنسا والأردن والإمارات العربية المتحدة والكويت والمغرب والصين.
في سياق متصل، ذكر التقرير أن مدير الديوان الملكي، في عهد الملك عبدالله خالد التويجري، كلف سعود القحطاني بتجميع فريق مهمته مراقبة أشكال الإعلام كله، والتركيز على الأمن الإلكتروني، وأشار إلى أن الكثير من غرف النقاش على الانترنت كان القحطاني وراءها، حيث عمل مع شركة “هاكينغ تيم” الإيطالية، التي تقوم ببيع أنظمة للقيام بالهجمات الإلكتروني، فيما تتبعت تقارير أخرى علاقة السعودية بمجموعة “أن أس أو” “الإسرائيلية”، التي طورت برمجية باسم “بيغاسوس” الذي أدى دورا في ملاحقة ثلاثة معارضين على الأقل.
وتنوه المجلة إلى أن هذا التطور ظهر في الوقت الذي عُيِّنَ فيه محمد بن سلمان مستشارا للديوان الملكي، وبعدها وليا للعهد عام 2017، ويقول الكاتب إن ولي عهد النظام السعودي ركز السلطة بيده، كونه استلم مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية، وبعد ذلك سيطر على سياسة البلد الخارجية والداخلية والجيش والحرس الوطني والمخابرات، وكان بمقدوره تشكيل فرقه الأمنية، وهنا انتعش القحطاني بصفته مديرا لمركز دراسات الشؤون الإعلامية والفيدرالية السعودية للأمن الإلكتروني والبرمجة والطائرات المسيرة.
ويضيف التقرير، أنه بعد اغتيال خاشقجي، كُشف عن عمليات قام فيها النظام السعودي بخرق سيادة دول، في محاولة لجلب المعارضين، لافتا إلى أن عمليات التفاوض على عودة المعارضين ومحاولة اختطافهم هي جزء من “حملة لمنع تجنيد حكومات أجنبية للمعارضين السعوديين”.
التقرير، الذي نقله موقع قناة العالم، أورد أمثلة كثيرة عن عمليات ملاحقة المعارضين ومحاولة تصفيتهم، وختمت المجلة بالقول إن “الذين ارتكبوا هذه الجرائم لا يقدمون للمحاكمة أو يعاقبون جراء أفعالهم”.