ذكرياتنا حُرقت مع أشجارنا
“كان أول من يستقبلنا عند وصولنا إلى القرية، وأول علامة على بداية الفرح واللهو، أنيس جلسات السمر في الليالي الصيفية، رفيق الفلاحين والحصادين، ومشاوير المساء على طريق النبع.. إنه طفولتنا، وشبابنا، وكبرتنا.. أجيال سبقتنا على أحراشه وتربت بين أشجاره.. إنه نحن”، هذا ما يعنيه جبل “الميمنة”، الاسم الذي يطلق على الجبل الذي احترق منذ أسابيع، لأهالي قرية حيالين بريف مصياف في محافظة حماة..
“الميمنة” ثاني أقدم الغابات في المنطقة حرق، أشجار السرو والأرز التي وجدت منذ زمن بعيد، لم يبق منها إلا الرماد، مشهد عندما تنظر إليه تحاول أن تستجدي أنفاسك دون أن تمتلك القدرة على ذلك، ومع أنه ليس الحريق الأول الذي ينشب في الجبل ذاته، إذ إنه حصل حريق في الجهة الثانية منه وكانت مساحته صغيرة، وتم التعامل مع على الفور وإخماده قبل أن يمتد، إلا أن الحريق الأخير كان أضخم بكثير، ووصل إلى البيوت، والتهم كل شيء، فعلياً “الأخضر واليابس”، وفقد البعض أراضي كانت مصدر رزق له..
وسواء أكان ذلك بفعل فاعل أم عن غير قصد، ما ذهب لن يعوّض بسهولة، والتقصير الذي حصل من الجميع يجب النظر فيه ومحاسبة المسؤولين عنه بشكل فعلي، لردع كل من تسوّل له نفسه حرق ولو قشة واحدة.. فهل تُقدم الجهات المعنية على القيام بخطوات إيجابية كإعادة التشجير، لتتابع دورة الأرض مجراها..
إلى متى علينا أن نتحمل خسارة غاباتنا ومحمياتنا الطبيعية؟؟، فإذا ما نظرنا قليلاّ إلى الوراء نجد أنه ليس أول حريق ينشب في تلك المنطقة، بشكل عام، أو في مناطق أخرى.. لم علينا أن ننتظر حتى يقع الفأس لنتلمس على رؤوسنا ونعض على أصابعنا بعد فوات الآوان؟؟..
رغد خضور || البعث ميديا