دوليسلايد

هل تطيح “دفاتر الإرهاب” بالحزب الحاكم في تركيا؟!

بينما تشتعل الاضطرابات والخلافات في الأوساط السياسية والحزبية التركية، حتى يمتد لهيبها ليسيطر على الشارع التركي عموماً، يحاول أردوغان، عابثاً، أن يصرف النظر عن تخبطاته الداخلية والشروخ الكبيرة التي باتت تطبق الخناق عليه، باستعراضاته الخارجية، ليلوح تارة بالتهديد والوعيد للاتحاد الأوروربي من خلال المساومة على ورقة اللاجئين، وليستعرض تارة أخرى صفقاته العسكرية مع واشنطن وموسكو، متبعاً سياسة اللعب على الحبلين، في محاولة للهروب من مصير لا تنبئ مؤشراته، بأي حال من الأحوال، إلا بالسقوط.

حيث بات المشهد السياسي التركي لا يشي إلا بالمزيد من التوترات والتصدعات، وخاصة داخل صفوف الحزب الحاكم، فالانقلاب الذي أعلنه داوود أوغلو على “صديقه” ورئيس بلاده أردوغان وعلى حزب العدالة والتنمية، لم يكن ردة فعل على إحالته للمجلس التأديبي فقط، كما أنه ليس بسبب “اليأس الكبير” الذي طال كل أهداف حزبه وقضى عليها بالكامل، بل هو النتيجة الحتمية لتراكمات الاستبداد الأردوغانية التي طالت أغلب السياسيين في تركيا وكل من عارضه أو خالفه الرأي، حتى وصل الأمر إليه.

وبإعلان أوغلو استقالته من الحزب يكون ثاني شخصية قيادية في حزب العدالة والتنمية تستقيل هذا العام بعد علي بابا جان، ليوجه بذلك ضربة جديدة للحزب الذي يشهد أسوأ حالاته بعد الضربات القاصمة التي يتعرض لها إثر الانشقاقات الكثيرة عنه، وسط إعلان مليون منتسب للحزب سحب عضويتهم من الحزب الحاكم خلال العام الأخير، إضافة لتعرّضه قبل أسابيع لهزيمة مدوية بعد خسارته إسطنبول لصالح حزب الشعب الجمهوري المعارض، رغم طلبه إعادة الانتخابات لمرة ثانية، أمام توقعات بخسارة الحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد أن أشهر أوغلو ورقته الأقوى في وجه أردوغان حين هدده علانية بدفاتره الإرهابية.

حيث استطاعت “دفاتر الإرهاب”؛ سلاح أوغلو الجديد، أن تقلب الطاولة على أردوغان، بعد اتهامه بأنه كان العقل المدبر للهجمات الإرهابية التي تعرض لها حزب الشعوب الديمقراطي عام ٢٠١٥، ما أفقده صوابه ليحيل صديقه للمجلس التأديبي، في خطوة أولى لطريق صراع طويل، أعلنه أوغلو هذه المرة.

سياسة تصفير المشاكل التي تبناها أردوغان يوماً، والتي انتهج الاتجاه المضاد لها تماماً، قلبت السحر على الساحر، لتنقلب عليه وعلى حزبه وبلاده مزيداً من الاضطرابات التي باتت تحاصره حد الاختناق، وحتى من داخل بيته التركي، ومن أقرب المقربين إليه، وبإعلان أوغلو استقالته من حزب العدالة والتنمية، يكون بذلك قد أغلق باب المواربة الأخير، ليشهر أقوى أسلحته في وجه أردوغان، معلناً بدء معركته الحقيقية والحاسمة، وخاصة بعد تصريحاته الأخيرة بعزمه على تأسيس حزب سياسي جديد سيكون، بشكل أو بآخر، في مواجهة قوية مع حزب أردوغان الذي بات في أضعف حالاته، ما يشير إلى أن الأيام المقبلة ستشهد صراع الوجود بين الأحزاب السياسية في تركيا.

البعث ميديا – هديل فيزو