روايات الجاسوسية تعود إلى السينما الأمريكية ولكن بأي قيمة؟
تعتبر الروايات التي تتحدث عن الجاسوسية أكثر الروايات رواجاً وخاصةً في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وكان تحويل أيٌّ منها إلى فيلم يؤمن بالضرورة نجاحه على شباك التذاكر، أما الآن اختلف الموضوع كثيراً، فحتى صدور أي فيلم جديد من سلسة جيمس بوند الجاسوس الأشهر في عالم الفن السابع لا يلاقي الرواج الذي كان يلقاه قبل عشرين عاماً، والغريب المستهجن إقدام منتجي هوليوود إلى طرح فيلمين عن الجاسوسية ويدوران حول فكرة واحد وفترة زمنية واحد وفي أقلّ من عام، وهنا يجب التساؤل قبل الخوض في تفاصيل العملين، هل هي صدفة أم مغامرة غير محسوبة؟ حقيقةً لم يعودنا الإنتاج الهوليوودي على تقديم أعمال ساذجة دون غاية ولعلّنا مع نهاية تقديم العملين نصل لإجابة مرضية.
العمل الأول هو “آنا” من تأليف وإخراج لوك بيسون، ويتحدث الفيلم عن قصة آنا بولياتوفا، التي قامت بتجسيد دورها عارضة الأزياء ساشا لوس، وهي جاسوسة روسية يتم كشفها من قبل جهاز الاستخبارات الأمريكية ومحاولة إرغائها للعمل لصالحه، وهو ما نظن أنه حصل حتى ينتهي الفيلم بهروب آنا بالتعاون مع مدربتها من الطرفين، ولم ينجح المخرج بإعطائنا نفس الشعور الذي يتولد لدينا عند مشاهدة أفلام الحركة ذات البطولة الأنثوية كـ “لوسي” لسكارليت جوهانسون مثلاً، كما سقط الفيلم في دوامة التكرار والدمج، فبعد الانتهاء من مشاهدته لا يسعنا إلّا تذكر عميلة المخابرات الجميلة والتي تخفي تحت جمالها عنفاً وقسوةً في فيلم “الشقراء الذرية” من بطولة تشارليز ثيرون، وكذلك فيلم “جيسون بورن” من بطولة مات ديمون، فالأحداث والمشاهد متشابهة لكن الإثارة الموجودة في الفيلمين بعيدة كل البعد عن فيلم آنا.
أما العمل الثاني فهو “العصفور الأحمر” من تأليف الكاتب جيسون ماثيوس، والذي كان يعمل من قبل في الاستخبارات الأمريكية، ومن إخراج فرانسيس لورانس، الذي يتعاون للمرة الرابعة مع نجمة الفيلم جينيفر لورانس، بعد أن أخرج لها ثلاثية “ألعاب الجوع”، وتدور قصته حول فتاة روسية تدعى دومينيكا إيغوروفا كانت تعمل راقصة باليه، تجنب من قبل جهاز الكي جي بي الروسي وبعد تدريب مضني تذهب في مهمة تتقاطع فيها طريقها بطرق عميل استخبارات أمريكي ولتتكرر فكرة الفيلم السابقة ولكن بأحداث مختلفة ونعم أكثر إثارة حتى النهاية التي تتشابه أيضاً حيث تهرب دومينيك من الطرفين.
يشترك العملان في كثير من النقاط أهمها مشاهد الذل والحاجة التي دفعت العميلتان إلى القبول بعمل الجاسوسية، ولكن لورانس تبدع في هذه المشاهد وهنا يجب الإشارة أن أداءها يستحق كل تلك الضجة الإعلامية التي أثيرت حول الفيلم على العكس العمل ككل، وللإنصاف أيضاً قصة العصفور الأحمر أكثر ضجة بالأحداث والتفاصيل مما يعطي المخرج فرصة أكبر لإظهار أفكاره على عكس ما حصل مع بيسون الذي افتقد إلى إمكانية عرض التفاصيل فهرب إلى الرجوع بنا بين الفينة والأخرى إلى مشاهد لم تكن ضرورية لعدم كفايتها أو خدمتها النص.
خلاصة القول كان بالإمكان أن يلقى الفيلمان نجاحاً وتقييماً أعلى لو ابتعدا عن فترة الحرب الباردة واقتربا أكثر من معاصرة الأحداث الحالية دون التطرق لقضايا تململ منها المشاهد الذي أصبح ينحو نحو مشاهد الإثارة المحاطة بإطار كوميدي ذكي، كحال سلسلة أفلام الأبطال الخارقين سواء التي تنتجها شركة مارفل أو شركة دي سي.
البعث ميديا || سامر الخيّر