مساحة حرة

“لازم نحكي”!!!!..

حاولنا ألا نحكم عليه من الحلقة الأولى، وأعطيناه فرصة ثانية وثالثة ورابعة، لعلنا نفهم ما يحاول تقديمه.. لكننا وصلنا إلى طريق مسدود وصار لازماً علينا أن نتكلم..
“لازم نحكي”.. هذا البرنامج الذي روج لنفسه، منذ عرض برومو الحلقة الأولى، بأنه سيتطرق لمواضيع لم تطرح من قبل، رافعاً السقف أمام القضايا التي سيناقشها لأبعد حد، ولكن المفاجأة كانت مع توالي عرض الحلقات، والصدمة الكبيرة التي تتلقاها بعد مشاهدتها.. فقرات من هنا وهناك، مواضيع كثيرة، ومعالجة سطحية، خليط غريب يعرض أمامك على مدار ساعة من الزمن..
تبدأ الفقرة الأولى بموضوع يهم الجماهير، بحسب معدي البرنامج، وبحضور عددٍ من الضيوف يتحدثون عن تجاربهم ورؤيتهم وآرائهم، وعلى الرغم من أهمية النقاط التي توضع للنقاش إلا أنك تضيع معهم في حوار وثرثرة لا تصل معها بالنهاية إلى شيء.. وبعد فاصل قصير تعود لتجد نفسك وكأنك انتقلت لبرنامج أخر لأخبار النجوم ومشاكلهم وخلافاتهم وأحاديثهم التي شغلت مواقع التواصل، يعلق عليها أحد الناشطين، كما يعرف عن نفسه، وهو أحد المشاركين الأساسيين في البرنامج لتقديم هذه الفقرة، لكن تعليقاته لا تعدو كونها تلك المستهلكة بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، ويختم البرنامج بلقاء مع أحد نجوم الغناء، يخصص له حوالي 10 دقائق للدردشة حول أخر أخباره وأعماله وردوده حول مواقف حصلت له..
أحد عيوب هذا البرنامج، والذي ربما لم يتنبه له القائمون عليه، يتمثل في كون الحلقات صُورت وجُهزت قبل فترة من الزمن، وكان ذلك واضحاً من خلال حديث الضيوف عن أشخاص، بعضهم تُوفي، وتداول أخبار وصور قديمة للتعليق عليها، وهذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها برامج تلك المحطة بهذا المطب، حيث شهدنا الكثير منها تَطرح أسئلة على الضيوف تبين أن الحلقات كانت معدة قبل وقت طويل.. برنامج كهذا، يطرح مواضيع اجتماعية وقضايا ومشاكل تهم الجمهور لا يجب أن يقع بهذا الخطأ، أو أن الهدف من كل تلك البرامج تعبئة الهواء لا أكثر ولا أقل، وكأن لا أحد سينتبه لذلك..
كل ما سبق، مضافا عليها طريقة الطرح، وقصر مدة الفقرات، والخليط غير المتناسق، ليست وحدها مشكلة البرنامج، فحتى مقدماه لم يكونا على المستوى المطلوب، مع كل الإمكانيات التي يمتلكونها، سواء في مجال الإعلام أو التمثيل، وكأنهما مجبرين على القيام بذلك، وتشعر بخيبة أمل كبيرة من طريقة التقديم..
المحطة التي تعرض “لازم نحكي” لطالما قدمت نجوم التمثيل واقحمتهم في مجال التقديم، وفي كل مرة يَثبُتُ فشل هذه الظاهرة، إلا أن القناة تصّر عليها وتكرسها بشدة، ولكن المضحك في هذا البرنامج بالتحديد، هو أن حلقته الأولى ناقشت موضوع واقع الإعلام السوري وتقدم الإعلام اللبناني.. كيف يمكن طرح ذلك والقناة لم تقدم مذيعاً سورياً واحداً منذ انطلاقتها.. اللهم باستثناء شخص أو اثنين..
لاننكر أن رنا شميّس تملك موهبة مميزة في مجال التمثيل، تُظهِرُها في كل الأعمال والأدوار التي تعلبها، لكنها بـ”لازم نحكي” بدت دخيلة على البرنامج، وكان أداؤها باهتا جامدا، اقتصر على قراءة الأسئلة، الموضوعة مسبقاً، والتعقيب على إجابات الضيوف، والتي ربما تكون أيضاً موضوعة مسبقاً، ومع أنها حاولت خلق حالة معينة بتصرفاتها العفوية وغنائها في بعض الفقرات، لكنها فشلت..
الإعلامي تمام بيلق، المعروف ببرامجه على القنوات الأخرى، والتي كانت تخلق ضجة كبيرة عُقب كل حلقة منها، لم يستطع الخروج من تلك الحالة وأسلوبه المعتاد عليه، في محاولاته لإحراج الضيوف بالأسئلة، وعدم قدرته على الفصل بين نمط البرامج السابقة له ونمط البرنامج الجديد الذي يقدمه.. ووجدناه في بعض المواقع يقول جملا لا علاقة لها بالموضوع المطروح، فقط لمجرد أن يحدث “سكوب” يستخدم في البرومو الترويجي للحلقة..
السؤال المطروح هنا، ما هي الفكرة التي يحاول القائمون على البرنامج إيصالها؟؟ وما المغزى من “حشر” كل تلك المواضيع المتنافرة في حلقة واحدة؟؟ ولماذا هذه المساحة الضيقة التي تفرد للفقرات والمواضع الهامة؟؟ وهذا الطرح غير المنطقي والسطحي وكل الثرثرات التي تحصل؟؟..
لا يكفي دائما اعتماد الوجوه المعروفة لجذب الاهتمام والمتابعة، ولا إحضار أسماءٍ لها جمهورها فقط لمجرد الترويج.. إعداد البرامج يتطلب الكثير، وله قواعد ومنهجية معينة تتبع لتنفيذه، على اختلاف أنواعها وأشكالها.. وإذا كانت القناة تريد، فعلاً، تقديم ما هو مميز وجديد، عليها باتباع أسلوب مختلف خاصٍ بها، والتعاون مع كوادر متخصصة مهمتها تقديم البرامج وإعدادها، حتى لو لم تكن من الوجوه المعروفة والمشهورة.. بإمكانها صنع أسماءٍ جديدة تتميز بها عن غيرها، وتكفَّ عن الاعتماد على إرث الآخرين…

البعث ميديا  ||   رغد خضور