مسابقات ومهرجانات.. وأموال تصرف “ع الفاضي”
أول ما يتبادر إلى ذهنك عند ذكر اسم لبنان، فيروز، الرحابنة، وصلات الزجل والعتابة، حلقات الدبكة والرقصات الشعبية، مهرجانات وحفلات وغيرها من الأمور التي توحي بأنه شعب يحب المرح، وقادر على إيجاد الفرح أينما كان، رغم مآسيه، لتشعر وكأن لا شيء يفرق معه..
منذ أيامٍ انتهى عرض برنامج على إحدى المحطات العربية، كان بُثَ سابقا على قناة لبنانية، يقوم على جمع مشاهير في عالم الفن والسياسة والإعلام، يتنافسون فيما بينهم للحصول على “شيك” بمبلغ معين يقدمونه لجمعية أو منظمة يختارونها، وبعدها يخصص لهم تقريرا يصورهم وهم يقدمون المبلغ الذي فازوا به إلى تلك الجمعية.. وبالطبع فلا المحطة ولا القائمين على البرنامج من يتكفل بتقديم ذلك المبلغ، فالعائدات التي تأتي من اشتراك الجمهور وتصويته هي التي تغطي كل ذلك، وتحقق ربحاً للقناة وشركة الاتصالات تزيد على ما يحتاجه، وتكفي لإعالة الكثير من الأسر..
بالنظر إلى تلك الجمعيات والمنظمات، الأهلية والاجتماعية، التي يقاتل المشتركون لكسب المبلغ لدعمها، نجد أنها ليست بحاجة لمثل هكذا دعم، فهي أصلا تتلقى ما تحتاجه وزيادة عليه، إذ إن أغلبها تعود ملكيته لأشخاص معروفين ومؤسسات معينة.. من هم بحاجة حقاً للمساعدة لا يذكرهم أحد، ولا تقام برامج مخصصة لإعانتهم، و يكتفى بالكلام وبعض الدموع وقليل من الانفعال، أمام الكاميرات فقط..
أولئك الذين يتفاخرون بتقديم المساعدة للآخرين، وضيوف البرنامج الذين يشيدون بأعمال زملائهم الإنسانية، والقائمين على هكذا برامج، لو أنهم ينفقون قليلا مما يحصلون عليه من أعمالهم وحفلاتهم ولقاءاتهم، على من يستحق الدعم والعون، ويقدمون الأموال التي تصرف على تلك البرامج للمساهمة في خفض الدين العام اللبناني، ذلك الدين الذي بلغ حوالي 83,8 مليار دولار، في إحصائية لعام 2018، والذي يزداد كل عام ولا ينقص منه شيئا.. وكيف له أن ينقص وأرقام هائلة تصرف على مسابقات ملكات الجمال، وبرامج اكتشاف المواهب، ومهرجانات الفواكه والخضراوات المختلفة، وإطلالات النجمات في الحفلات..
تلك الأموال التي تصرف على البرامج والمهرجانات والمسابقات، التي لا داعي لها، لو تستخدم لدعم الاقتصاد المحلي بما ينفع الناس، لكان أفضل من هدر كل تلك الأموال “ع الفاضي”، ولا يستفيد منها الشعب بشيء سوى أنها تلهيه عن مأساته لساعات يستمتع فيها بصوت جميل ولوحة استعراضية رائعة ووجوه حسنة، يعود بعدها ليواجه واقعه المأزوم.. بل إنه حتى ينفق عليها أكثر مما ينفق في حياته اليومية ويزيد على مصاريفه الكثيرة..
لا نقول إن أجواء الاحتفالات يجب أن تغيب تماماً، فالأمر شبه مستحيل مع شعب يحب الرقص والفرح والغناء، ولكن إقامة بعض المهرجانات والمعارض من شأنه أن يجذب السياح وينعش القطاع السياحي ويتبعه الاقتصادي، ومع بعض الإدارة والاستثمار الصحيح والعملي والاستغلال الأمثل للموارد، يمكن أن يعود ذلك بالفائدة على الجميع..
رغد خضور