صنّاع الكذب
وسط عالم سياسي مخيف تتناطح وترتطم أحداث بسنينها، منها ما يتغير، ومنها ما يبقى كما هو مئات السنين، لكن الأغلب منها يكرر فنشعر أن التاريخ يعيد نفسه ومن يقرأه جيدا سيقرّ بذلك فمراراً سجل التاريخ لنا صفعات موجعة بأياد يهودية صهيونية لم تعرف للإنسانية طريق، وحتى الآن مازلنا ضحية هذا العدو الزاحف المتخفي الذي اعتاد أن يتقنّع بشخصيات مختلفة وما أن يشعر بقوته حتى يشهر أسلحته دون تردد.
ففي أيام السلطنة العثمانية عندما دخلت إلى تركيا أعداد كبيرة من اليهود بعد طردهم من اسبانيا فيما قُتل آخرون، فرحب محمد الثاني السلطان العثماني آنذاك بهم وأدخلهم الإسلام طمعاً بهم وبممتلكاتهم وثرواتهم، هم من أطلق عليهم “دونمة” أي المرتد، متبعين أبوهم الروحي وقائدهم الأعظم الحاخام شابتاي تزيفي الذي ادعى الإسلام جهراً وأخفى يهوديته سراً، ودعا أتباعه ليسيروا على خطاه واستمروا بزحفهم الخبيث حتى وصلوا ودخلوا الحياة السياسية في تركيا من أوسع أبوابها، بل تمكنوا من إسقاط السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عبر جماعة سرية سميت بحركة شباب الأتراك بقيادة محمد عزيز أفندي وهو الاسم الحركي للأب الروحي لهم شابتاي.
وبعد أن وصلت هذه الطائفة إلى قوة سياسية واقتصادية لا يستهان بها حولت الدولة العثمانية إلى نظام جمهوري في العهد الجديد لتنتهي مهمة شابتاي ويكملها مصطفى كمال أتاتورك الذي ولد ونشأ في مدينة سالونيك مدينة اليهود والماسون وتشبع من مدرسة شمس شمعون زئيفي المدرس المتخفي تحت اسم شمس أفندي فدارت الإعتقادات أن أتاتورك يهودي دونمي وأسس الدولة التركية الحديثة وقضى على السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
يهود الدونمة هذه الحركة الخبيثة التي صبرت على تمثيلها أعواماً وسنين بتنفيذها للتعاليم الإسلامية ممارسين بالخفاء كل طقوسهم وشعائرهم اليهودية، واضعين نصب أعينهم ذاك الحلم الذي كلفهم الكثير من سفك الدماء وهو تأسيس دولة يهودية والسيطرة على العالم.
وقد أضافت يهود الدونمة على جرم العثمانيين تجاه العرب جرماً، وبالوصول إلى الآن في تاريخ تركيا، ومع كل التخبطات التي عاشها الباحثون لمعرفة أصول أردوغان أيضاً، إلا أن كل المعطيات تشير وحسب ماقدمه باحثون بأنه يعود إلى أصول الأقلية اليهودية الجورجية حيث انتقلت عائلته إلى ريزه وأسلمت مع الكثير من عائلات هذه المنطقة حديثي الإسلام ومن المرجح أن تكون عائلته منهم، لتنتقل العائلة بعد ذلك ويتم تتريكها بشكل كامل، كما تشابهت صفاته مع صفات يهود الدونمة التي اشتهرت بقوتها التمثيلية وقدرتها على التخفي وفق ما لمسناه في خطاباته من تمجيدٍ مكنونٍ للإسرائليين ودعمٍ لأهدافهم.
حاول أردوغان في بادئ الأمر اعتماد التمثيل وأتقن لعبته حقاً، سواء في مواقفه مع الفلسطينيين ضد “اسرائيل” وغيرها، وعندما سقط قناعه لم يبق له سوى الاعتراف بحقيقته على العلن، فزار القدس والتقى أرييل شارون ووضع الزهور على قبور الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في أثناء احتلالهم للدول العربية.
يحاول اليهود دائماً تشتيت انتباهنا عن أطماعهم بأشخاص ابتدعوها، ويحدثون البلبلة لتحتل الصحف ووسائل الإعلام ليتسنى لهم تدبير المكائد والسيطرة أكثر وأكثر. وكمثال أخير نذكر رجل الأعمال اليهودي شيلدون أديلسون صاحب أكبر سلسلة كازينوهات للقمار بمدينة لاس فيغاس الأميركية وطفله المدلل ترامب والداعم الأساسي للحزب الجمهوري في أميركا، هذا الرئيس الذي يدعي الجنون ويتصرف بكل جرأة دون أي اعتبارات دولية وأي احترام لشعبه حتى، كل ذلك لينفذ مصالح إسرائيل فقط.
الصهاينة صناع الكذب في العالم، كتبوا مسرحيات الواقع ووزعوا أدوارها على شخصيات فارغة العقول ليجعلوها سلاح شرعي ويتسترون ورائها ويظهرون بمظهر دعاة السلام ويدسون عبيدهم بين الناس، سياسة ماكرة وخطيرة، أصبح العالم على دراية فيها، ومع أن عدونا واحد كعرب، لكن على ما يبدو ستبقى مواقفنا مختلفة، وعندما يخرج نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مؤخراً ويقول أن الدول العربية لم تعد تنظر إلينا كعدو بل أصبحت تنظر إلينا كحليف، عندها علينا أن نستيقظ جيداً ونتلمس رؤوسنا جميعاً لأننا نعلم أن هذا العدو الخبيث يحاول التغلغل بيننا بصناعة أشخاص ناطقين باللغة العربية وتابعين أوفياء لأهداف الصهيونية ليرسموا لنا ذات المصير المشؤوم.
ريم حسن
المصادر والمراجع:
- اليهود والحركات السرية في الحروب الصليبية “د. بهاء الأمير”
- إمام الأتراك “محمود عرفات”
- بحث شخصية كمال أتاتورك “فتحي البلعاوي”
- أبناء موسى “إرجون بويزار”