دليل جديد يشكف التلاعب بتقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول استخدام “الكيميائي” المزعوم في دوما
كشفت صحيفة ديلي ميل البريطانية أن بريدا إلكترونيا مسربا أوضح أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تلاعبت بتقرير حول هجوم كيميائي مزعوم في دوما بريف دمشق في نيسان عام 2018 لاتهام الجيش العربي السوري به وتبرير العدوان الأمريكي البريطاني الفرنسي ضد سورية آنذاك.
وقالت الصحيفة في تقرير لها نشر أمس إن عالما وظفته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يقول في بريد إلكتروني مسرب إن التحقيقات على الأرض في دوما لم تتوصل إلى دليل قوي حول وقوع هجوم الغاز المزعوم فيها مشددا على أنه تم إخفاء الحقائق بشكل متعمد في تقارير المنظمة .
وأضافت الصحيفة أن البريد الإلكتروني يشير إلى أن الأدلة التي جمعت في دوما وتم فحصها من قبل علماء غير سياسيين لا يدعم نسخة التقرير الذي تبنته المنظمة رسميا وأن هذا الأمر أدى إلى قيام المنظمة بإعادة صياغة التقرير إلى الحد الذي تم فيه تحريف استنتاجاته .
وبينت الصحيفة أن هذا الكشف المثير للدهشة والذي جاء بصيغة احتجاج عبر بريد قدمه أحد العلماء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في ال 22 من حزيران 2018 إلى كبار المسؤولين التنفيذيين في المنظمة يعد أسوأ مثال على محاولة الدفع باتجاه دعم الحرب منذ ملفات طوني بلير المزورة لتبرير الغزو الأمريكي للعراق.
وأوضحت الصحيفة أن البريد الالكتروني يقول إن التقرير الرسمي للعلماء المستقلين حول حادثة دوما فرضت رقابة شديدة عليه وتم اختصاره لدرجة تحريف الحقائق من خلال ترك معلومات رئيسية وإخفاء حقيقة أن آثار الكلور التي زعم العثور عليها في الموقع كانت مجرد عناصر ضئيلة للغاية بمعدل جزء في المليار وفي أشكال يمكن العثور عليها في أي مواد تبييض منزلية في أي بيت مشيرا إلى وجود انحرافات كبيرة في تقرير المنظمة بحيث تحول إلى شيء مختلف تماما.
ولفت البريد وفق الصحيفة البريطانية إلى أن التقرير أخفى عدم تطابق تام بين الأعراض التي أظهرها الضحايا المزعومون في موقع الحادث وتأثيرات المواد الكيميائية التي تم العثور عليها بالفعل إذ أن الأعراض التي تظهر في مقاطع الفيديو لا تتطابق ببساطة مع الأعراض التي كان يمكن أن تحدث بسبب أي مادة موجودة في الموقع.
وبينت الصحيفة أنه بلغها في الأيام التي سبقت نشر الوثيقة الأصلية للمنظمة أنه تم إعداد تقرير ثان دون علم معظم علماء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وحذف منه الكثير من أهم نتائجه.
ونقلت الصحيفة عن مصدر من داخل المنظمة قوله إن هذه الخطوة تم الكشف عنها في اللحظة الأخيرة وقوبلت حينها باحتجاجات من قبل العلماء من بينها البريد الإلكتروني الذي أرسل إلى مسؤولين اثنين رفيعي المستوى في المنظمة والذي اطلعت عليه الصحيفة وأنه تم عرض تسوية يتم بموجبها قول الحقيقة حول الآثار الضئيلة من مادة الكلور ورغم ذلك فإن التقرير لا يزال منقوصاً بشكل كبير.
وقالت الصحيفة إن العلماء قبلوا هذا الأمر ولكن حتى هذا الوعد لم يتم الوفاء به وتم إصدار نسخة ثالثة من الوثيقة التي استبعدت الحقيقة الحيوية لافتة إلى أن صياغة هذا التقرير كانت غامضة لدرجة أن المؤسسات الإخبارية حول العالم خلصت بشكل غير صحيح إلى أن غاز الكلور ربما تم استخدامه .
وأكدت الصحيفة البريطانية أنه منذ ذلك الحين سعى العلماء المعارضون للتقرير منذ أشهر لإيجاد طريقة لوضع الأمور في نصابها الصحيح داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لكن جهودهم باءت بالفشل ما أدى إلى تسريب البريد الإلكتروني.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التسريب الجديد يأتي بعد تطورات مثيرة للقلق فيما يتعلق بتقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن دوما تظهر أن هذه المنظمة تعيش أزمة حادة مشيرة إلى أنه في شهر أيار الماضي ألقى تسريب آخر من مقر المنظمة في لاهاي بظلال من الشك العميق على مزاعم بأن أسطوانتي الغاز الموجودتين في موقع دوما قد أسقطتا من الجو وهو ما يعد جزءا حيويا من التهمة الغربية ضد سورية حيث بين الخبير بالأمور الهندسية والباليستية التابع للمنظمة إيان هندرسون بأن الاسطوانتين تم وضعهما يدويا ما يدحض تقرير المنظمة بأنهما أسقطتا من الجو.
إلى ذلك أشارت ديلي ميل إلى أن موقع “كاونتربانش” الأمريكي الذي نشر العديد من المخالفات التي ارتكتبها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية طلب من المكتب الإعلامي للمنظمة توضيح سبب استبعاد مستويات الكلور الضئيلة جدا من التقارير المرحلية والنهائية كاشفا أن المنظمة لم تستجب لطلبه.
وشددت الصحيفة على أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مستقلة اسمياً لكن ميزانيتها السنوية البالغة نحو 75 مليون جنيه استرلينى مقدمة من الدول الأعضاء حيث تأتي معظم الأموال من الولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء الاتحاد الأوروبي والناتو والكثير منهم يدعمون الإرهابيين في سورية موضحة أنه في عام 2002 أي في الفترة التي سبقت حرب العراق أجبر مدير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية آنذاك الدبلوماسي البرازيلي خوسيه بستاني على ترك منصبه بسبب ضغوط أمريكية شديدة عليه احتجاجاً على خططه لجعل العراق يوافق على زيارة مفتشي منظمة حظر الأسلحة مايعني إمكانية عرقلة مخططات واشنطن المسبقة لشن الحرب ضد العراق بأي ثمن تحت مزاعم امتلاكه الأسلحة الكيميائية.