تركيا حليف الناتو المُحرج الذي لا غنى عنه!!
لم تكن العلاقة بين تركيا وحلف الشمال الأطلسي (الناتو) يوما متوترة، ولكن بين الطرفين هناك دائما خط لا يجب تجاوزه.
اليوم هو الذكرى السبعين لتأسيس الناتو والذي يحتفل به في القمة السابعة والعشرين التي تحتضنها العاصمة البريطانية لندن، ويبدو أن الاحتفال هذا العام سيكون ضخما، ويحضر فيها رؤساء ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في الحلف وأيضا حلفاءه.
هذه القمة ستكون مختلفة عن سابقاتها، وعلى الأغلب ستشهد توترا كبيرا بين أعضاء الحلف، لعدة أسباب منها، علاقة الناتو بتركيا وتصريح الرئيس الفرنسي ايمانويل الأخير الذي وصف وضع الحلف في تصريح لصحيفة “الايكونوميست” الأسبوعية البريطانية بأنه يعاني من “موت سريري”، هذا التصريح الذي وصفه الرئيس التركي بأنه “غير مقبول”.
هذا وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، قد شكك في إمكانية وقوف الناتو إلى جانب تركيا ودعمها اذا قرر الجيش السوري شن عملية عسكرية ضد تركيا بسبب احتلالها ناطق شمال شرق سورية، وقال: “هل سنشتبك مع الدولة السورية إذا قررت الرد على تركيا.. هذا سؤال حقيقي؟!!”.
ديديه بيليون نائب مدير مؤسسة “ايريس” والمختص في الشؤون التركية والشرق الأوسط، يقول في هذا الموضوع: “عمليا، كل عضو في الحلف يعرف اين تقع الخطوط الحمراء والحد الأقصى الذي يجب عدم تجاوزه، الناتو لا يمكنه الاستغناء عن تركيا والعكس صحيح، والجميع لديه مصلحته الخاصة، مستبعدا حدوث قطيعة محتملة بين الحلف وتركيا”.
وفي نفس الوقت، يشير الباحث الفرنسي الى وجود تراكم في الخلافات بين الحلفاء وأنقرة دفع الى وجود “جفاء” في العلاقة، بسبب دعم الولايات المتحدة للأكراد في سورية ورفضها أيضا تسليمها عبدالله أوجلان لتركيا و
فرض العقوبات الاقتصادية عليها، إضافة الى الانتقادات الدولية لتركيا على احتلالها مناطق في شمال شرق سورية.
لكن ما أجج الخلاف الحقيقي والأكبر بين الناتو وتركيا، هي قضية S-400 ، فرغم التحذيرات الأمريكية، حصلت تركيا على الدفاعات الروسية المضادة للطائرات، التي تثير قلق ومخاوف واشنطن، فبالنسبة لها “سمحت لبوتين بوضع بيدق في الأجهزة الأمنية لحلف الناتو، ومن المرجح أن تخترق رادارات S-400 الأسرار التكنولوجية لمقاتلات الأمريكية “F-35.
في سياق متصل، قال جان بيير مولني، نائب مدير “ايريس” والمسؤول عن الدراسات المتعلقة بقضايا الدفاع في أوروبا والناتو في حديثه مع صحيفة “الاكسبريس”: “في الحقيقة يشعر الناتو بالقلق من حوزة تركيا على S-400 ، فيمكن لروسيا استرجاع الكثير من المعلومات حول نظام الأمن في الناتو، وهو ما يقلق عددا من الدول الأوروبية التي تعتبره تهديدا روسيا حقيقيا”.
وكانت واشنطن قد أعلنت أنها لن تبيع أنقرة مقاتلات إف-35 ولن تسمح لها بالمشاركة في برنامج تطوير هذه الطائرات بعد شرائها منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400.
المحلل السياسي مولني، يعتبر أن النظام التركي، يبتز الولايات المتحدة والناتو من خلال هذه الصفقة التي عقدها مع روسيا، للحصول على معدات عسكرية وضمانات سياسية، ومن “وجهة نظر استراتيجية” يحذر المحلل الفرنسي الناتو من الاستغناء عن تركيا، لاعتبارات عدة منها القدرة العسكرية لأنقرة، فتعداد الجيش التركي يحتل الرقم الثاني في الحلف والثامن في العالم. كما يعتبر أن وقوف اليونان وتركيا في نفس الصف (الناتو) هو وسيلة ناجعة لـ “الصراع اليوناني التركي” خصوصا بعد الأزمة الحالية بعد اتفاق تركيا مع حكومة الوفاق الليبية والذي يهدد المياه الإقليمية اليونانية.
ويرى المحللين الفرنسيين أنه لا مصلحة للناتو في التخلص من تركيا لأنها تخدم مصالحه، خاصة وأن موقع تركيا استراتيجي بالنسبة للناتو ووجودها بين سورية وايران والعراق، وهو ما يخدم خطط الحلف لتحقيق ما أسمياه بـ”تحقيق الاستقرار الإقليمي” وأيضا في حال وقوع أي تهديد روسي، وفي حال سمح الوضع السياسي ستكون تركيا قاعدة متقدمة للحلف في الشرق الأوسط، زاعمين أن تركيا يمكن لها ان تساهم بما تملكه من إمكانيات من منع تدفق الإرهابيين ومحاربة الإرهاب”!!
في هذا الجانب، يعتبر مولني أن تركيا لا يمكنها الانسحاب من الناتو، لأنها تستقوي به في حال وقوع أي هجوم عليها، برغم الخلافات الشائكة بينهما!!
وينهي ديديه حديثه بالقول: “لن يكون هناك ادانة لتركيا ولا دعما لها، بل فقط بيان عام حول الأوضاع الحالية”.
البعث ميديا-صحيفة الاكسبريس الفرنسية- ترجمة سلوى حفظالله