أطفال سورية يتحدون الحصار.. (الملائكة لا تموت)
ليس لأنهم أطفال، بل لأنهم أطفال ترعرعوا في حضن آباء اختاروا أن يشهروا سيف التحدي بوجه أعتى قوى الشر والجشع الأمريكي- الصهيوني، فعليهم، على هؤلاء الأطفال أن يذوقوا مرارة التحضن الذي أحسوه عميقاً في سلوك آبائهم تجاه العدوان.
في البداية صبوا حممهم الرجيمة على كل مكان يجتمع فيه السوريون لصنع مستقبلهم، وعلى كل أساس اقتصادي يمكّن السوريون من توفير مستلزمات الدخول إلى ميدان الحضارة، وعلى كل صرح ثقافي يذكر العالم بما لهذا البلد من تاريخ و تراث حضاري يمتد آلاف السنين، وكان التدمير صفحة أولى، لكنهم لم يحتشدوا لينجزوا ضربة انتقامية سريعة ويرحلوا نهائياً، إنهم أحشدوا من أجل ما هو أبعد من ذلك، من أجل تدمير سورية العربية كدولة ذات سيادة، فأطلقوا وباء الغدر والخيانة، وانتظروا أن يستشري في الوطن سورية الحبيبة وعرضها، انتظروا أن يلتهم كل شي، كل ما ارتفع عن الأرض فكانت صفحة ثانية انطوت على نفسها بفضل الضربات الموجعة للجيش العربي السوري وقواه الوطنية في هزيمة نكراء وبقيت سورية العربية صامدة.
وها نحن حتى هذه اللحظة نعيش جور الصفحة الثالثة التي يريدونها طويلة الأمد، ربما يقدر طول النفس السوري والصبر السوري، يقدر طول صموده، هذه الصفحة أو ما تعني بالطفولة، وهم يعرفون ذلك جيداً، لكن لا فرق لديهم بين سورية والطفل، وسورية الرجل، وسورية المرأة وسورية الشيخ، إنهم يريدون سورية، ويعرفون جيداً أن أول من سيعاني من الحصار الغاشم إنما هي سورية وأطفالها، فالطفولة لا تحتمل أن لا تشبع حاجاتها الأساسية، ولا تحتمل مقاومة الأمراض من دون معين من دواء.
هل نستصرخ ضمائر العالم؟ إننا على ثقة من أن معظم شعوب العالم لا تعرف عن الحصار إلا ما تعرفه عن التاريخ، أو من الأفلام السينمائية، ولهذا فالطفولة تعاني، والبيئة والأرض، ألم تصل رسالة رضاعة حليب الأطفال إلى العالم؟ ألم يتساءل لماذا الرضاعة وليس رغيف الخبز، ألم يتساءل لماذا تمر رسائل السوريون إليه على الحليب والدواء وليست على شيء آخر، كلا ليس الخبز، فالسوري الرجل لن يحني هامته أمام جوع أو جور، ومادامت المسألة مسألة طفولة، فإن العالم بأجمعه مسؤول مباشر تجاه إنسانيته وتجاه المستقبل لهذا الشعب العظيم.. والملائكة لا تموت.
د.رحيم هادي الشمخي