“نورد ستريم 2”.. العلاقات عبر الأطلسية على مفترق طرق!
في مشاهد درامية تصاعدية، تبدأ مسرحية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتعبير عن خوفه على مصالح أوكرانيا الاقتصادية من تنفيذ مشروع “نورد ستريم2″الروسي، ثم مونولوج طويل وممل حاول فيه “ترهيب” الأوربيين من الروس ومما اسماه “الخطر” على مصالحهم القومية، وحين لم يهتم أحد من الجمهور الأوروبي، استعان بـ”عقدة” التهديد رافعا سيف العقوبات بوجه كل من يشارك في هذا المشروع من الأوروبيين، فما هو مستقبل العلاقات عبر الأطلسية وسط هذه التجاذبات والخلافات الحادة؟
ألمانيا شريك روسيا في “نورد ستريم2” تعرضت شركاتها المشاركة في المشروع للعقوبات نهاية الاسبوع الماضي، ولكنها لم ترد، مما اثار موجة سخط كبيرة من حزب البديل، الذي اعتبر أن برلين استسلمت للهجوم الاقتصادي الأمريكي وأنها قد خضعت للضغوطات.
وفي الوقت الذي لم تتخذ ميركل تدابير فورية للدفاع عن المشروع ولم تعد قادرة على حماية مصالح ألمانيا، بحسب حزب البديل، فقد وصف أوليفر هيرمس رئيس جمعية الأعمال الشرقية الألمانية (OAOEV)، العلاقات عبر الأطلسية حاليا بأنها تتعرض للتهديد، معتبرا أنها كانت ترتكز في السابق على الاحترام المتبادل، مشددا على أنه “إذا بدأت العقوبات بالفعل فإنها ستشكل هجوما صارخا على سيادة الاتحاد الأوروبي وعلامة قاتلة على جهود باريس لتحقيق السلام”.
وهنا ينبغي الإشارة الى أن نسبة الغاز الروسي في الاستهلاك الأوروبي من الغاز الطبيعي يبلغ 37%، حاليا، ويتوقع أن ترتفع واردات أوروبا من الغاز الروسي، في حال اكتمال مد خط الأنابيب ” نورد ستريم 2″ ويبدو أن الخطاب الأمريكي الذي وصف المشروع بأنه سيجعل من أوروبا “رهينة” لروسيا ورغم العقوبات المفروضة على ألمانيا، لم يتوقف حلم تنفيذ المشروع، بل أن الأوروبيين يعتبرون الهقوبات الأمريكية تهديدا لسيادتهم، عدا أوكرانيا وبولندا ودول البلطيق، التي تقبع تحت ضغط واشنطن والانصياع التام لها.
تبدو السياسة الخارجية الأمريكية مع ترامب أوضح من سابقاتها، وتكشف عن أهدافها ومخططاتها دون أي رادع، والمتفحص في العلاقات عبر المتوسط يدرك أن واشنطن تسعى للهيمنة الكاملة على أوروبا، وأن الحرب بين روسيا والولايات المتحدة هي حرب تجارية على الغاز، وأن التهويل والعقوبات التي تفرضها على الشركات المشاركة في “نورد ستريم2” ليس إلا أداة للضغط على أوروبا للانسحاب من التعاون الأوروبي الروسي، والدليل هو “اغراء” القارة العجوز بمصادر بديلة لها مثل الغاز الطبيعي المسال والتكنولوجيات النووية المدنية.
ويعلق عدد من الباحثين والمحللين الاقتصاديين على هذا الموضوع، مؤكدين أن الحملة التي تقوم بها واشنطن ضد المشروع الروسي، الهدف منه تجاري بحت وهو استمالتها لها بدلا عن الشريك الروسي.
هذا العمل العدائي على حد وصف الكثير من الألمان سيقوض التعاون عبر المحيط الأطلسي، وهو ما سيوسع الفجوة بين أوروبا وأمريكا، وقد يكون لها ارتدادات كبيرة خلال المستقبل القريب، فهل “السيل” الروسي سيجرف معه العلاقات عبر الأطلسية الى خلافات قد تنسف التحالف الأطلسي؟!!
البعث ميديا || سلوى حفظ الله