الشريط الاخباريمحليات

تفتيت النظام الضريبي السوري وتشعبه يغرق المواطن في دوامة

لا يخفى على أحد كثرة موارد الدولة والتي باستطاعتها رفد خزينتها من نشاطات متعددة بعد تعديل النظام الضريبي طبعاً، إلّا أنها لا زالت متمسكة بنظام ضريبي بالٍ أكل الدهر عليه وشرب، فعدم دراية ومعرفة المواطنين بالأماكن الضريبية المفروضة عليهم هي أحد المشاكل التي تواجههم اليوم خاصة بعد زيادة الرواتب والأجور وما رافقها من ضرائب اقتصّت جزء كبير من هذه الزيادة ليجد المواطن المكلًف ضريبياً نفسه غارقاً في دوّامة النظام الضريبي غير الواضح للكثيرين ممن يضطروا لمراجعة وزارة المالية مرات عديدة للاستفهام عن الضريبة المفروضة عليهم بدلاً من تسديدها بشكل فوري ومباشر..
تشعّب
بالرغم من وجود لجنة منذ أربع سنوات لتعديل التشريعات الضريبية تضم في عضويتها خبرات من ذوي الاختصاص والشأن ومهمتها اقتراح التعديلات التشريعية اللازمة في إطار رؤية الإصلاح في السياسة الضريبية بحيث تصبح ضريبة موحدة على الدخل بالنسبة لمصادر الدخل وضريبة على المبيعات بالنسبة للضريبة على الاستهلاك، إلا أن هذه اللجنة لم تحرك ساكناً إلى اليوم، إذ نجد المكلّف يذهب إلى الوزارة ليدفع ضريبته دون معرفة مسبقة بقيمة تلك الضريبة نتيجة تشعب النظام الضريبي الأمر الذي يؤدي إلى ضياع المواطن بين أوراق النظام الضريبي.
ألقى أحمد وقاف معاون مدير التشريع الضريبي في الهيئة العامة للضرائب والرسوم اللوم على جهل المواطن بنظامه الضريبي وهذا ناتج عن قلة الندوات والإعلانات الموضحة للضرائب، إذ يفاجئ المواطن عند إجراء أي معاملة بمجموعة من الضرائب وبمبالغ لم يكن يضعها في الحسبان، وأكد وقاف أن الهدف الأساسي للضريبة هو هدف مالي لتأمين إيرادات دائمة للخزينة ويجب مراعاة آلية استيفاء وتحقق الضريبة بحيث تكون نفقات جبايتها قليلة فبقدر ما تكون نفقات جبايتها قليلة تكون الضريبة اقتصادية وأكثر وفرة لخزينة الدولة، مع مراعاة العدالة والمساواة عند فرضها من خلال المساواة بين المكلفين، وتحديد أفكار مناسبة لجبايتها بحيث لا تشكل عبء إضافي على المكلف.
العجز الضريبي
في المقابل يجد محمد كوسا “خبير اقتصادي” أن هناك مطارح ضريبية متعددة خاصة في الوقت الراهن يمكن رفد خزينة الدولة بها منها فرض ضرائب على الأغنياء وتنظيم اقتصاد الظل وتنظيم القطاع الخاص واستهداف الأثرياء أصحاب رؤوس الأموال المكتنزين أو من الذين لديهم أصول عقارية وأراضي ذات قيمة عالية، وكان من الأجدر على الوزارات المتعاقبة أن تعدّل النظام الضريبي خاصة اليوم في مرحلة إعادة الإعمار والنهوض باقتصاد البلد وتشجيع ثقافة الاستثمار المنتج وليس ثقافة المضاربة والمتاجرة في الأزمات، كذلك أكد علي كنعان “رئيس قسم المصارف في كلية الاقتصاد” أن السياسة الضريبية في سورية موجودة بعشرات القوانين لا بقانون وحيد وهذا أمر خاطئ فالسياسة الضريبية يجب أن محصورة بقانون واحد له مجموعة آليات عمل لتنفيذ هذا القانون، منوّهاً إلى أن مهمة النظام الضريبي هي تحقيق الاستقرار المالي وهذا يؤدي إلى تحقيق استقرار الأسعار أما العجز الضريبي الذي نعاني منه اليوم يقود إلى عجز مالي وتضخم وارتفاع في الأسعار وهذا ما وصلنا إليه، ومن أهم مزايا السياسة الضريبية السورية برأي كنعان تباين التشريعات حيث صدر القانون الضريبي من 1949 ولا زال ساري المفعول ويتم تعديل الشرائح الضريبية فقط، فالقانون الضريبي في بلدنا محصور في ما يزيد عن ثلاثين صفحة لا يستطيع المكلف فهمه الأمر الذي تجاوزته الدول الأخرى عندما وصلت إلى مبدأ اليقين الضريبي حيث يقرأ المكلف النظام الضريبي ويتعرف على ضريبته بنفسه قبل الذهاب للدوائر المالية.
تفتيت النظام الضريبي
ويتساءل الدكتور ابراهيم العدي”رئيس قسم المحاسبة في كلية الاقتصاد” عن المستفيدين من هذا النظام الضريبي المتخلف سوى كبار التجار والصناعيين في حين تعتبر خزينة الدولة أكبر متضرر منه، فعملية التحصيل الضريبي شابها الكثير من المشاكل وبتنا بحاجة لتوحيد النظام الضريبي بدلاَ من تفتيتها من خلال إصدار قوانين مثل “قانون المصارف الخاصة” والذي لا علاقة له بالنظام الضريبي، فكل قانون يصدر يصدر معه ضريبة الأمر الذي أدى لتفتيت النظام الضريبي ولعل آخر القاونين الصادرة كان القانون رقم “60” الذي يشرعن الفساد فكل لجان المشتريات مستفيدة منه وجعلته بؤرة لفسادهم، وفي ظل غياب حلول اسعافية للنظام الضريبي الذي عجزت اللجنة المشكلة لتعديله يجد الخبراء الاقتصاديون أن الحل يكمن في زيادة الرواتب والأجور لأن الراتب المتدني يدفع للفساد دائماً وإذا قارنا بين التهرب الضريبي ورفع الأجور نجد أن الأنفع والأصح للدولة رفع الأجور حينها تحصل على فائدة أكبر، إضافة إلى أهمية وضرورة تكليف الأغنياء خاصة أثرياء الحرب بمطارح ضريبية تموّل خزينة الدولة وتنفق على الفقراء.
البعث ميديا || ميس بركات