“الوردة الشامية” سيدة الورود على المستوى العالمي والإنساني
برزت الوردة الشامية كأحد أهم العناصر الطبيعية في “سورية” ونالت أهمية محلية وعالمية غير مسبوقة على مر التاريخ، حيث أصبحت مؤخراً كنموذج استثنائي أُدرج على قائمة التراث الإنساني العالمي في اليونيسكو لما فيها من ثراء وبهاء متميز من ناحية شكلها الجميل ولونها الساحر ورائحتها العطرة عدا عن استخداماتها المتعددة في مجال الصحة والجمال، ومن ناحية أخرى يضمن الإهتمام بهذه الوردة للأجيال القادمة توثيق صلتهم بتراثهم وأصالتهم وتعزيز معرفتهم بالمجتمع وتراثه المادي واللمادي، ما يؤصل لديهم ثقافة الانتماء إلى هذا التراث.
الموروث الثقافي الشعبي
تحدثت الدكتورة “هلا أصلان” الخبيرة في تأهيل التراث الثقافي السوري من خلال عملها الميداني في عدة مشاريع على الصعيد المحلي والإقليمي لموقع “البعث ميديا” عن إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» عنصر “الوردة الشامية” ضمن تصنيف عالمي وذلك أثناء اجتماعها الرابع عشر المنعقد في “بوغوتا” عاصمة “كولومبيا” حيث قالت:
اعتمد التسجيل من خلال الإضبارة المُقدمة من الأمانة السورية للتنمية بالتعاون مع الجهات المعنية على اعتبار الوردة الشامية تُشكل الأساس في طيفٍ كبيرٍ من الأنشطة ذات البعد الثقافي والتمكيني والتنموي في المجتمعات المحلية، لا سيما في قرية “المراح” في ريف دمشق، إذ أصبحت الأعمال المُرتبطة بالوردة عُنصراً من عناصر الدعم للأُسر الريفية وللنساء على وجه الخصوص حيث سمح للمرأة الريفية بتطوير إنتاجها المحلي وصون تراثها الثقافي، مما يُعطي الأعمال المُرتبطة بالوردة الشامية بُعداً إنسانياً واجتماعياً مُتميزاً، منذ قرون وحتى اليوم ما تزال الوردة الشامية و الممارساتٍ المُرتبطة بها تلهم القصص للأجيال السورية وترسخ روابطهم بالأرض والعائلة والمجتمع، إذ أنّها تًشكل جزءاً مُعاشاً في حياة العاملين بها في قرية “المراح” بكل تفاصيل حياتهم وتعبيرهم عن أفراحهم وأتراحهم, من أغانٍ وتقاليد فنية حياتية مُعاشة بشكل يومي.
وأضافت أصلان: تتضمن الممارسات والحرف المرتبطة بالوردة الشامية مجموعة من الاستخدامات المتعددة التي تعزز أهميتها وقيمتها الاقتصادية والتراثية الثقافية وتُساعد في تحريك عجلة الاقتصاد في المنطقة، خاصةً مع تصدير هذه المُنتجات إلى السوق الخارجية وما تتمتع به من شهرة عالمية، وبالتالي تمثل الوردة الشامية مصدراً رئيسياً للتنمية المستدامة في المنطقة. فقد جاءت رسالة اليونيسكو – من خلال التسجيل – التأكيد على دور المُفردات التُراثية ذات القدرة على الاستمرار كحافزٍ للابتكار والإبداع واستثمار الموارد الطبيعية في خدمة البشرية جمعاء.
وقالت أصلان: برأيي تستحق الوردة الشامية أن تكون رمزٌ للسلام الوطني ورسالة سلامٍ ومحبة للعالم وسفير لبلدنا “سورية” للعالم بأسره».
عنصر ورمز تراثي وسياحي
بدورها تحدثت الأستاذة في الفن التشكيلي “لينا ديب” المدرسة في كلية العمارة والفنون وعضو مكتب تنفيذي في اتحاد الفنانين التشكيليين: «إن تسجيل الوردة الشامية كأحد العناصر التراثية الثقافية السورية على القائمة التمثيلية للتراث الإنساني في اليونسكو يضيف قيمة وإنجاز هام في “سورية” شأنها شأن التراث الحضاري والتاريخي وخصوصاً في الظروف الراهنة بعد انتهاء الأزمة لما له من الأهمية الإعلامية والأهمية لاقتصادية والطبية والجمالية فالوردة الشامية كما وصفت ديب: “أغلى من الذهب وأبقى من النفط” لما تحتويه من فوائد جمة لا تحصى، وأهمية زراعتها تكمن في تقليص البطالة وزيادة المساحة الخضراء، فهي موجودة بذاكرة جميع السوريين كرمز للسياحة.
وأضافت ديب: إن الممارسات والحرف التراثية المرتبطة بطقوس الوردة الشامية بدءاً من زراعتها في قرية “المراح” و قطافها يعد كأحد العناصر التراثية الثقافية السورية و التي تعود على من يصون هذا التراث، و لها أهمية اجتماعية فتعد كمهرجان سنوي لعرض القيم والتقاليد المشتركة، حيث يجتمع المزارعون مع عائلاتهم لجني المحصول يدويا، و تترافق مع الحفلات الشعبية التقليدية والأهازيج عندما تجتمع أهالي منطقة الريف الدمشقي والزائرون من كل حدب وصوب ليشهدوا ويتمتعوا بأيام موسم الحصاد والقطاف وهذا ما دفع الأدباء والشعراء للتغني بهذه الورود قديماً، وتقول ديب: لقد نقشت رسوماتها على التحف الخشبية والنحاسية للحرفيين الدمشقيين وعلى الزخارف الحجرية في البيوتات الدمشقية القديمة مثل (الأبلق) ويملأ عطرها أروقة المساجد والكنائس في المدينة.
وتشير ديب إلى أن الاهتمام بعنصر الوردة الشامية مثال لقدرة التراث الثقافي اللامادي على أن يكون مصدراً للدعم المعنوي والتنموي للشعب السوري وخصوصاً بعد أن اتخذ مهرجان الوردة الشامية هذا العام شعاراً خاصاً “من سورية إلى الإنسانية” وذلك نتيجة لجهود المنظمات والمؤسسات الثقافية والحكومية والمجتمع الأهلي في تعزيز أهداف اتفاقية صون التراث الثقافي اللامادي كملك للإنسانية يجب الحفاظ عليه».
وختمت بالقول “الوردة الشامية” تشكل ثروة حضارية وجزء هام من الذاكرة الشعبية في الحاضر والمستقبل الآتي، ولابد من حمايتها والحفاظ عليها وتوثيقها مع ضرورة الوعي بأهمية التراث التاريخي وصونه.
بدوه تحدث الفنان “موفق مخول” عن الأهمية الرمزية للوردة الشامية بكونها صلة وعنوان للألفة والمودة بين أبناء المجتمع: «الوردة الدمشقية…هي رمز حضاري وجمالي سوري له قصة وحكاية مع كل بيت دمشقي هذه الوردة تعتبر احد سكان البيت، تعرف كل افراحنا و احزاننا، نستقبل الضيف من خلالها تضع في كاس ماء امام الضيف وهنا يكمن الخير والجمال الذي كانت تعيشه الأسر السورية سابقاً ، لقد رسمناها كثيراً في كل الفعاليات والاحتفاليات ونفخر بها لأنها جزء من موروثنا وحضارتنا ومازال حتى الآن يكتب الشعر والقصص عنها لانها رمز الحب بدمشق».
البعث ميديا || مايا حمادة