ترامب لم يستمع “لتحذيراته”!!
عام 2013، وبعد فوز باراك أوباما بولاية رئاسية ثانية، نُشرَت تغريدة على موقع تويتر تقول “أوباما سيهاجم إيران لحفظ ماء وجهه”، مع تحذيرات بعدم السماح للرئيس الأمريكي آنذاك من الإقدام على مثل هكذا خطوة.. اليوم عادت تلك التغريدة للظهور بعد استشهاد قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، بعملية نُفذت بتوجيه من الرئيس الحالي دونالد ترامب، صاحب التغريدة نفسه..
ترامب الذي ثقب أذان الأمريكيين، قبل انتخابه وبعد توليه للرئاسة، بأنه سيخرج أمريكا من كل الحروب “العبثية” التي دخلتها في السابق، هو اليوم يشعل فتيل حرب محتملة بإقدامه على اغتيال أحد أبرز قادة محور المقاومة ورفاقه، معتقدا أنه سيسجل بذلك إنجازاً يعيد له ماء وجهه الذي فقده، ويكسب من خلاله نقاطا لدى الناخبين قبل الانتخابات، ويشتت الانتباه عن المحاكمة الخاصة بمساءلته.
لكن ما حدث هو العكس، فتنفيذ العملية، دون الرجوع إلى الكونغرس، حرض منتقدي ترامب ضده أكثر، وزاد من إصرارهم على ضرورة تقييد صلاحياته وعزله، فضلا عن التظاهرات التي خرجت في عدد من المدن تطالب بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وترفض أي تصعيد أو حرب مع إيران، وتؤكد على المعارضة الشديدة لجريمة الاغتيال..
وليبرر فعلته ويحصل على تأييد للعملية، تحرك وزير الخارجية، مايك بومبيو، متنقلا من عاصمة لأخرى ليشحد قليلا من التعاطف، إلا أنه عاد خائبا، بعد أن وجد رفضا من قبل الحلفاء الأوروبيين، وعدم تأييد لما فعله الرئيس الأمريكي، حيث صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأن العالم اليوم أقل أمناً بعد مقتل سليماني، منتقدا ما يروج له ترامب “بأن العالم أصبح أكثر أمناً”، خاصة وأن طهران لم تحدد مكان الرد وزمانه، إضافة إلى أن الرد سيشمل محور المقاومة كله، وهذا يجعل الساحة مفتوحة وواسعة..
وبالتوازي مع الجهود السياسية “الخائبة”، كان الجناح العسكري لواشنطن يتحرك أيضا، إذ أعلن البنتاغون إرسال 3000 جندي إضافي إلى المنطقة، كما أنه وضع كتيبة من الجيش في إيطاليا بحالة تأهب.
حال حلفاء ترامب ليسوا بأفضل منه، فرئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يواجه محاسبة قضائية، يريد هو الأخر أن يشغل منافسيه عنه ويحصل على الحصانة، متخيلا أن العملية الأمريكية واستشهاد سليماني ستصرف النظر عنه في الوقت الحالي، مع انشغال قادة الجيش والموساد، وحتى الكابينت، بمتابعة تداعياتها.
ورغم الإدعاءات بأن الكيان لم يكن على علم بالعملية، إلا أن تصريحات نتنياهو، التي لم تخفي فرحته، توحي بعلم سلطات الكيان المسبق بها، وبحسب تحليلات كثيرة، لربما يكون لعب دوراً تحريضياُ في عملية الاغتيال..
رسائل كثيرة أرسلت إلى طهران تطالب قيادتها بعدم الرد، وأن واشنطن لا تريد الحرب وكل شيء جاهز على طاولة المفاوضات، إلا أن الرد الإيراني كان أن ما بعد اغتيال سليماني ليس كما قبله، فالرايات الحُمر رفعت ولن تنزل قبل الثأر للشهداء، فالرد حتمي ولكن يبقى السؤال أين ومتى وكيف؟؟..
رغد خضور